فتح الحظ أبوابه فى حياة الشاعر الراحل عبد الوهاب محمد مرتين الأولى فى لقائه ورفيق مشواره الملحن بليغ حمدى مع سيدة الغناء أم كلثوم فى أغنية « حب إيه اللى إنت جاى تقول عليه « التى حققت نجاحاً مدوياً ومجداً غنائياً ساطعاً، وكانت الثانية بمناسبة فقده لأجندته التى يدون فيها أغانيه وظل يبحث عنها فى كل مكان ولم يخطر بباله أنه نسيها فى «فيللا أم كلثوم» نتيجة الرهبة والهيبة التى سيطرت عليه فى لقائه معها وزفت إليه أم كلثوم خبر وجود أجندته معها بعد تسجيل « حب إيه « وأنها اختارت منها ثلاث أغنيات أعجبتها الأولى هى « أنا وأنت ظلمنا الحب بإيدينا « والثانية « حسيبك للزمن .. لا عتاب ولا شجن «، والثالثة « للصبر حدود .. وأهى غلطة ومش ح تعود « وغنت أم كلثوم الأغنيات الثلاث من تلحين بليغ والسنباطى والموجى، وتبلغ الشهرة مداها لعبد الوهاب محمد ليلعب الحظ دوره الأكبر معه عندما التقى بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وتغنى له أم كلثوم «فكرونى .. كلمونى تانى عنك.. فكرونى»، لتلحق هذه الأغنية بركب لقاء السحاب « إنت عمرى « كلمات أحمد شفيق كامل، وتزداد شهرة عبد الوهاب محمد، ويتلقى التهانى من جيل الرواد الكبار الذين سبقوه ولحق بهم حسين السيد ومرسى جميل عزيز ومأمون الشناوى وعبدالفتاح مصطفى واسماعيل الحبروك وغيرهم وهكذا كان يفعل جيل الشعراء والملحنين مع بعضهم وتكون النتيجة استمرار أغانيهم وقصائدهم سنوات طويلة ترددها الجماهير حتى الآن وأكبر مثال على ذلك « وقف الخلق ينظرون جميعا « لشاعر النيل حافظ إبراهيم التى يطالعنا بها التليفزيون كل ليلة مع لقطات حية للمشروعات الكبرى التى أنجزتها ثورة 30يونيو ومنها قناة السويس الجديدة ومحور القناة والمليون ونصف المليون فدان وشبكة الطرق العظيمة وآلاف الوحدات السكنية لمحدودى الدخل بجميع المحافظات .. ولم يتوقف حظ عبد الوهاب محمد عند سيدة الغناء فقط ولكنها كانت (رحمها الله) فاتحة خير ووش السعد عليه ليتغنى بكلماته معظم المطربين والمطربات المصريين والعرب ويصبح أكثر شعراء جيله حظاً فى هذا المجال. ويحدث انتصار أكتوبر المجيد وتتصل الفنانة عفاف راضى بالموسيقار كمال الطويل ليختار لها كلمات عن مصر المنتصرة فلم يكن أمامه سوى شاعره المحظوظ عبدالوهاب محمد صاحب كل هذه الإنجازات الذى يذوب عشقاً فى حب مصر، وفى فترة وجيزة كان الثلاثة قد اتفقوا معا على أن تكون هذه الأغنية التى تغنى بها للوطن الأم مصر معبرة عن الإنسان المصرى الذى يمكن أن تعرفه فى كل مكان فى الدنيا وتميزه من شكله وملامحه وبشرته ولونه وهى المعانى التى جسدها عبد الوهاب محمد فى أغنية « مصر هى أمى « التى انبهر بها كمال الطويل وجلس على البيانو فى شقته بشارع عزيز عثمان فى الزمالك وإلى جواره الفنانة عفاف راضى التى انبهرت بموسيقاه ورددت معه « مصر هى أمى .. نيلها هو دمى .. شمسها فى سمارى .. شكلها فى ملامحى .. حتى لونى قمحى .. لون خيرك يا مصر» وهو أروع ما جسده عبد الوهاب محمد المحب لمصر ليتم الاتفاق بعد ذلك على إجراء البروفات داخل الأستوديو بعد أن يكون الموسيقار كمال الطويل قد انتهى من تلحين باقى الكوبليهات التى لم تأخذ منه وقتا طويلا فقد عودنا على ذلك فى تلحين أغانى عبد الحليم الوطنية « صورة كلنا كده عايزين صورة، وبالأحضان يا بلادنا يا حلوة بالأحضان ، وحكاية شعب « وغيرها من روائعه الوطنية التى لا تزال تعيش فى آذاننا حتى الآن لتلحق بها « مصر هى أمى « بعد إتمام البروفات بأستوديو 46 بالإذاعة وتنفعل عفاف راضى بالمقطع الذى أبدعه عبد الوهاب محمد بحسه الوطنى الرائع وجسده باقتدار لحن الطويل» فاتك نص عمرك.. ياللى ما شفت مصر .. السماحة روحها .. والشهامة مصر .. والكرامة هيه .. والخلود فى مصر .. والتاريخ فى مصر .. والهرم فى مصر « فماذا يكون أكثر من ذلك فى حب الوطن يمكن أن يقوله عبد الوهاب محمد وهو ما كان يردده الموسيقيون إعجابا بما كتبه الشاعر الذى عودنا على أن يفاجئنا دائما بكلماته التى أبدعها للوطن الذى أحبه وتفانى فى حبه بدليل رائعته التى نسمعها وترددها الجماهير معه رغم مرور سنوات طويلة على إنتاجها « قوم بإيمان وبروح وضمير .. دوس على كل الصعب وسير» وهى أغنية « حق بلادك « التى غنتها أم كلثوم من تلحين الموسيقار الكبير رياض السنباطى ، وتتواصل عفاف راضى فى بروفاتها داخل الأستوديو مبدية تقديرها وإعجابها وفرحتها بالموسيقار كمال الطويل الذى قلما نجد مثيلا ً له فى أجيالنا الجديدة وكذلك كلمات صديقه عبدالوهاب محمد خاصة فى الكوبليه الأخير الذى تختتم به عفاف الأغنية « يا أرض المحبة .. يا غاليه يا مصر .. روحنا ونور عيونا .. لحياتك يا مصر .. لولا كان ميلادى فى حسنك يا مصر .. لا اتمنيت يا بلدى تبقى أمى مصر» وحسنا أن فعل التليفزيون عندما يحرص دائماً على تقديم هذه الأغنية كواحدة من أروع أغانى حب الوطن ولم يفته عندما كانت هذه الأغنية من الأغنيات التى قدمها فى ثورتى 25يناير و30يونيو وجميع المناسبات الوطنية ليؤكد التليفزيون أيضاً أن فى مكتبته العامرة كنوزاً غنائية صنعها كبار الشعراء والملحنين تصلح لكل المناسبات الوطنية، وأقترح أن يكلف التليفزيون المخرجة القديرة سميحة الغنيمى بإعادة تصويرها مستعينة بكل المعانى والصور الرائعة التى جسدها عبدالوهاب محمد فى هذه الأغنية.