أيدت المحكمة الادارية العليا الدائرة الأولى (فحص طعون) أمس الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (أول درجة) ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المشتركة بين مصر والمملكة العربية السعودية، الموقعة فى شهر أبريل الماضي، والمتضمنة نقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية، ورفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوي. وقضت المحكمة برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ومبروك محمد على نائبى رئيس مجلس الدولة بإجماع الآراء برفض الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة ممثلة للحكومة على حكم القضاء الإداري. كما قضت المحكمة بذات التشكيل وبإجماع الآراء برفض الإشكالين المقامين من الحكومة على حكمى القضاء الادارى الصادرين فى بطلان تصرف الحكومة بالتنازل عن الجزيرتين وبالاستمرار فى تنفيذ الحكم وألزمتها بالمصروفات. وأكدت المحكمة ان جزيرتى تيران وصنافير وما حولهما من المياه الإقليمية تملك مصر عليهما حقى الملكية والسيادة وما ترى من تفاوت فى ممارسة سيادتها. وقالت فى حيثيات الحكم انه يحظر إبرام أى معاهدة يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة أو مخالفة أى مبدأ دستورى - وأن الحظر لا يقف عند سلطات الدولة فحسب وإنما يمتد إلى الشعب وان توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئى متلحفاً برداء غير مشروع, ويد مجلس النواب هى الأخرى بنص الدستور ولائحته معاً مغلولة ومحظورة عليه مناقشة أى معاهدة تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم الدولة، وأن السكرتير العام للأمم المتحدة « يوثانت « قدم تقريراً إلى مجلس الأمن عام 1967 قرر فيه أن مضيق تيران يشكل مياهاً إقليمية مصرية لها حق مراقبة الملاحة فيها وان السكرتير العام للأمم المتحدة « داج همر شولد «قرر عام 1957 اَنه يتعين رضاء مصر الكامل على دخول هذه القوات لإقليمها فى مضيق تيران. كما ان مندوبى عدة دول يقررون سيادة مصر المشروعة على مضيق تيران منها : الهند وبلغاريا وسوريا والعراق والاردن والمغرب والسعودية ذاتها . كما انه لا يمكن لدولة أن تسعى لتنظيم مرور ملاحى فى نطاق معاهدة السلام مع اسرائيل لمضيق ليس خاضعاً خضوعاً كاملاً لها وليس من إقليمها الخالص وكل تعرض أو تدخل لهاتين الجزيرتين سلماً أو حرباً لم يكن طرفاً فيه سوى دولة وحيدة هى مصر لا غيرها . وأضافت المحكمة انه لم يثبت فى أى مرحلة من مراحل التاريخ أن السعودية مارست على تلك الجزيرتين أدنى مظهر من مظاهر السيادة أو كان لها وجود عسكرى أو غيره من أى نوع. وأشارت المحكمة إلى القاعدة المستقرة فى ظل القضاء الدولى وهى مبدأ عدم جواز الادعاء بما يخالف سلوكاً سابقاً ومبدأ عدم وجود مظاهر منافسة للسيادة يعطى الدولة صاحبة السيادة الفعالة أهلية كاملة على الإقليم والقاعدة أنه إذا وجد ادعاءان متعارضان فإن اظهرهما هو الذى يعلو ذلك، أن القرار الجمهورى 27 لسنة 1990 راعى فى اعتماد طريقة خطوط الأساس المستقيمة كطريقة يبدأ منها قياس المناطق البحرية الخاضعة للسيادة المصرية المصالح الاقتصادية المهمة وحماية الأمن القومى والقضاء الدولى تقرير خطوط أساس معينة ما تنفرد به منطقة معينة من مصالح اقتصادية ثبت وجودها وأهميتها ثبوتاً جلياً بالاستعمال الطويل، وأضافت المحكمة أن مصر لم تُخرج جيشها قديماً أو حديثاً خارج أرضها إلا لحماية أمنها أو أمن شقيقاتها العربية، وان أوراق الدعوى قد خلت من أى وثيقة مكتوبة باتفاق دولى بين دولتى مصر والسعودية يُنبئ بأن الجزيرتين كانتا ضمن الحدود السياسية أو الجغرافية للدولة الأخيرة. وقالت المحكمة انه ثبت ان سيادة مصر وحدها دون غيرها على جزيرتى تيران وصنافير استمر لأكثر من مائة عام وأن المستندات والبراهين والادلة والخرائط تنطق بإفصاح جهير بوقوعهما ضمن الإقليم المصرى وان الدستور استولد نظاما قانونيا جديدا ألبس الفصل بين السلطات ثوباً جديداً دون تغول من سلطة على أخري، مصطحباً موقع مصر الجغرافى المتميز مما لا يجوز التنازل عن أى جزء منه. واضافت المحكمة ان الدستور المصرى افرد للتنازل عن أى جزء من الأرض المصرية حكماً خاصاً مانعاً للتنازل خلافاً لبعض الدساتير التى تجيز ذلك ومنها الدستور الفرنسي لاسباب تاريخية أن فرنسا كانت مثل الدول الكبرى الاستعمارية، واختلاف النص الدستورى فى البلدين بين الإباحة المشروطة والحظر يوجب اختلاف الفكر الدستورى تبعاً له، وانتهت المحكمة الى اندثار فكرة أن السيادة حق أصيل للحاكم ومالكها، والسيادة للمواطنين تنوب عنهم الدولة. واضافت المحكمة ان القضاء هو من يحدد أعمال السيادة ويحكمه التنظيم القانونى لممارسة السلطة محل النزاع. واضافت المحكمة انه إذا كان من المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن أعمال السيادة تتفق مع العمل الإدارى فى المصدر والطبيعة ويختلفان فى السلطة التى تباشر بها السلطة التنفيذية العمل ذاته ، مع تقرير وسائل مختلفة للحد من آثار أعمال السيادة التى قد تؤثر سلبياً فى حقوق الافراد وحرياتهم إلا أن أنجع الوسائل لرقابة أعمال السيادة هو اللجوء إلى القضاء، وقالت المحكمة انه ثبت ان اتفاقية تعيين الحدود الشرقية المبرمة بين الدولة العثمانية ومصر بشأن تعيين خط فاصل إدارى بين ولاية الحجاز ومتصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سيناء ضمن اتفاقية رفح 1906 لترسيم الحدود سيناءالشرقية والمنشورة فى الوقائع المصرية 10 نوفمبر 1906 وانها جاءت خالية مما يفيد ان جزيرتتى تيران وصنافير تدخلان ضمن ولاية الحجاز بينما تدخلهما خطوط الحدود فى الولاية المصرية وفقا لخريطة العقبة المطبوعة فى مصلحة المساحة المصرية 1913 ومؤشر عليها من المندوبين المختصين وتدخل فيهما الجزيرتان وبها علامات الحدود المصرية عليهما طبقا للخطوط المرسومة وفقا لمعاهدة 1906 مع قيد حقوق العربان بينما خط الحجاز يبدا من العقبة وذالك على الرغم من ان الاتفاقية خاصة بالحدود البريه بين الدولتين، وأضافت المحكمة ان اتفاقية 1913 تؤكد مصرية تيران وصنافير وانه لا يوجد سيادة أخرى تزاحم مصر فى هذا التواجد بل انه لم تكن هناك دولة غير مصر تمارس نشاطا عسكريا او اى نشاط من اى نوع على الجزيرتين باعتبارهما جزءا لا يتجزأ من اراضيها. كما ان مصر قد استخدمت الجزيرتين كجزء من الدفاع الاقليمى المصرى فى الحرب العالمية الثانية وان المندوب المصرى أمام مجلس الأمن بجلسته رقم 659 فى 15 فبراير 1954 قد اورد أن مصر تفرض سيادتها على الجزيرتين منذ 1906 حيث استخدمتهما مصر فى الحرب العالمية الثانية كجزء من نظام مصر الدفاعى وقد استخدمتهما لحماية السفن من هجمات الغواصات المعادية.