عظيمة يا مصر يا أم الدنيا بشعبك وحضارتك التي تعطي دروسا للعالم علي مر الزمان، وإرادة شعبك العظيم الذي أعلن عن ثورته التي أبهرت العالم وحقد علي استمرارها الكثير وراهنوا علي فشلها ففشلوا وتباكوا كثيرا علي إرادة الشعب المستعصية والمصممة في ميادين التحرير رمز الحرية علي نجاحها حتى تحقيق أهدافها كاملة. ونجحت مصر بعد فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية منتخب بإرادة شعبية حرة ليكون أول رئيس مدني لمصر ليكون رئيسا لكل المصريين، وقد تابع العالم تتوجيه بشرف حكم مصر لحظة بلحظة مع إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية علي لسان رئيسها المستشار فاروق سلطان في بيان مطول تفصيلي اتسم بالدقة ليتأكد الجميع أن النتائج دقيقة وتظهر مدي النزاهة والحيدة ليمتنع المشككون في نزاهة القضاة وتأويل الحاقدين وخوف الثوار من ضياع الثورة بعد تسريبات شيطانية من التدخل لصالح أحد المرشحين نتيجة تأخر إعلان النتائج، وتنقطع الأنفاس مع بطء عقارب الساعة وطول البيان حتى إعلان فوز الدكتور محمد مرسي لتنطلق الآهات والأفراح والاحتفالات في كل شبر علي الأرض المصرية وفي ميدان التحرير المحتشد بثواره وأحبابه "وما أحلي الرجوع إليه" ليعلن عن ناجحه في التغيير ويأتي برئيس مدني منتخب بإرادته الحرة ودون تزوير مع تحقيق آية أخري رئيس من المعتقل (25 يناير) ليجلس علي العرش في قصر العروبة بعد خلع الجالس عليه 30 عاما ويدخل السجن تحقيقا لقول العادل في سماءه "يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء". مبروك لمصر للوصول إلي بداية بناء الدولة المدنية الحديثة، ومبروك لمصر وقضاءك الشامخ الذي بذل الجهد والعناء في أصعب الظروف وحملات التشكيك في نزاهته وحيدته فأعطي درسا، ومبروك لمصر بقواتنا المسلحة التي أثبتت أنها علي مسافة واحدة من الجميع وأن غايته مصلحة الوطن وإن أخطأت في شئ فلا أحد معصوب في أول تجاربنا نحو الديمقراطية وإدارة البلاد ونجحت في حماية الوطن وعدم تعكير العرس الانتخابي في الداخل والخارج والشرطة الشرفاء الذين وفروا الأمن للجميع رغم شائعات الفوضى والدمار والحرائق فكانوا بالمرصاد، ومبروك لمصر وشعبها وفرحة البسطاء والغلابة منه بمجرد إعلان الدكتور محمد مرسي فهم لأول مرة يتأكدوا أن لأصواتهم قيمة وقدرة علي إحداث التغيير المنشود في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وتحسين معيشته المهملة منذ سنين، فنري مواكب الاحتفالات تجوب المدن والقرى والنجوع رافعين أعلام مصر الغالية يرددون الهتافات والأناشيد الوطنية ومواكب السيارات تطوف شوارع المدن تطلق أبواقها ابتهاجا، وأهالي القرى والنجوع وعلي رأسها مسقط الرئيس في قرية العدوة بمحافظة الشرقية الجميع أقباط ومسلمين يوزعون الحلوى والمشروبات وسط تعالي الزغاريد احتفالا بقرب استقرار مصر وخروجها من عنق الزجاجة بإزاحة الفراغ الرئاسي وتولي مرسي رئيسا لمصر وللجميع وبالجميع، منتظرين خروج الرئيس المنتخب بإرادتهم الحرة ليستمعوا إليه ما يرضوهم ويطمئن قلوبهم للمستقبل. ويقول الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي في أول خطاب للأمة "وليت عليكم بفضل الله ثم بإرادتكم ولست بخيركم ، وليس لي حقوق وإنما علي واجبات ، ويؤكد أن مصر للمصريين جميعا وسأبذل كل جهدي للوفاء بالالتزامات والتعهدات التي قطعتها علي نفسي ، ولا مجال للغة التصادم والوحدة الوطنية سبيلنا للخروج من المرحلة الصعبة ، ومعلنا تحيته الخالصة من قلبه لجيش مصر وقواتنا المسلحة والقضاة ورجال الشرطة الشرفاء وجميع طوائف الشعب فئة بعد أخري ومن محافظة لأخرى فلم ينس جميع أفراد الشعب ، ومتعهدا في بداية كلمته بأن دماء الشهداء لن تضيع هدرا، وعدم السماح بالتدخل في شئون مصر والمحافظة علي المواثيق والمعاهدات الدولية ، داعيا إلي مشروع شامل للنهضة يحقق الكرامة والاستقرار "وعازم معكم وبكم علي بناء مصر الجديدة" ورغم تباين الآراء حول الخطاب الأول في عيون القوي السياسية والشعبية والدينية إلا أن الجميع أتفق أنه كان موجها لجموع الشعب المصري واتسم بالبساطة وعدم التكلف، ولم يفرق بين مسلم ومسيحي وكان شاملا جامعا كرسالة طمأنة للجميع في الداخل والخارج وإن لم يتطرق للقضايا المطروحة ومن أهمها المكان الذي سيحلف فيه اليمين وموقفه من حل البرلمان والإعلان الدستوري المكمل .. بوجب علي الشعب إلا يحمل الرئيس كل شئ في أول خطابه وقبل استلامه السلطة الفعلية ، ولعل مساندته واجبة حتى نري كلامه أفعالا وليس أقوالا مع قوة وضغط الميدان حتى تنطلق مصر نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية للجميع ، ولعل حكم القضاء الإداري اليوم يكون "مخلصا" لمعضلة حلف اليمين ويعود البرلمان بثلثيه، وتستكمل الثورة أهدافها المشروعة. المزيد من مقالات محمد مصطفى