كنت حريصا طوال فترة الانتخابات ألا أعلن موقفي تجاه المرشحين لمنصب الرئاسة احتراما لحق المواطن المصري في اختيار من يراه الأفضل دون وصاية أو تأثير من أحد حتي ولو كان صاحب رأي أو موقف والآن دخل الدكتور محمد مرسي التاريخ من أوسع أبوابه كأول رئيس مصري منتخب في تاريخ مصر القديم والحديث والمتوسط.. لم تعرف مصر طوال تاريخها شيئا يسمي الانتخابات الرئاسية.. كان الرئيس يهبط علي رؤوس المصريين قدرا إلهيا في صورة فرعون أو سلطان أو وريث واختلفت الأحداث والصور وتعددت أسماء الحكام في التاريخ المصري كأقدم دولة في العالم.. والآن أختار المصريون الدكتور محمد مرسي رئيسا بعد معركة انتخابية غاية في الشراسة والعنف شهدها الشارع المصري.. لابد أن نحترم قرار الشعب وإرادة الناخب في كل الحالات لأننا نضع ثوابت جديدة لإرادة شعبية حرة واختيارات حقيقية وإنسان مصري جديد..ولاشك أن منصب الرئيس في هذه المرحلة يمثل عبئا كبيرا يتجاوز قدرات البشر.. امام الرئيس الجديد مسئوليات ضخمة علي كل المستويات.. امامه شارع انقسم علي نفسه وتحول خلال شهور قليلة إلي عشرات الفصائل ومئات القوي السياسية والأحزاب المتصارعة.. امامه نخبة شرسة فقدت توازنها الفكري والسلوكي وتحولت إلي معاول تهدم بعضها بعضا وفقدت تواصلها وقدرتها علي الحوار والمشاركة وامامه اقتصاد مرتبك وميزانية تعاني خللا رهيبا وعجزا يتجاوز150 مليار جنيه..وامامه مسلسل من الديون يعلم الله كيف يمكن مواجهته..وامامه علاقات دولية تهدد أركان الاستقرار والأمن في كل أرجاء المنطقة.. امام الرئيس الجديد ميراث ثقيل من الأزمات والمشكلات التي خلفها النظام السابق في كل وجوه الحياة..امام الرئيس الجديد أعباء ضخمة لتحقيق الأمن في مجتمع يعاني كل مظاهر الانفلات والفوضي..وامامه شباب ضائع يبحث عن عمل وأطفال ينامون في الشوارع وملايين يسكنون العشوائيات وسلوكيات تحتاج إلي برامج للإصلاح والتهذيب والوعي..امام الرئيس الجديد تعليم يحتاج إلي ثورة وعقول تفتقد الثقافة ووطن اختلت فيه موازين القيم والأشياء وقبل هذا كله امامه ثورة لم تحقق أهدافها في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وأجيال تحلم بتغيير حقيقي يعيد للمصريين دورهم في بناء مجتمع أكثر رخاءا وإنسانية. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة