ماذا بعد انتخاب رئيس الجمهورية؟ وهل يكون ضمن أولويات أعمال الرئيس الجديد هي أن يبدأ في اختيار معاونيه؟ خاصة أن من ضمن وعوده تعيين نواب له يمثلون جميع الأطياف منهم إمرأة وأحد شباب الثورة وقبطي, وإذا كان الإعلان الدستوري يلزم الرئيس بتعيين نائب, لكن هل هذا الإلزام يسقط بمجرد صدور الدستور الجديد فما مدي جدية هذا الإلتزام؟ وهل للنائب صلاحيات يحددها القانون أم قد يكون نائبا بلا صلاحيات كما يتساءل البعض؟ وهل يمكن انتخاب النواب كما يحدث في بعض الدول أم يستلزم التعيين؟ - الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستوري وأستاذ فلسفة القانون يوضح أن الرئيس الجديد تم انتخابه في ظل الإعلان الدستوري الذي تم استفتاء الشعب عليه ومن بين مواده ما يلزم رئيس الجمهورية بتعيين نائب له أو أكثر, وحول ما هو متبع في الدول الأخري يقول إن بعض الدول تتبع نظام التعيين لنائب رئيس الجمهورية وبعضها الأخر يستلزم تعيين النائب بنظام الانتخاب في اختيار النائب وكل من هذين النظامين له عيوبه ومميزاته. حق دستوري وقانوني - ويوضح الدكتور أنور رسلان عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقا وأستاذ القانون الدستوري أن رئيس الجمهورية من حقه دستوريا وقانونيا أن يختار عددا من النواب له ولكن من الناحية السياسية فرئيس الجمهورية يختار نوابا يحققون سياسته, وإن كان وعد بتعيين نواب يمثل أحدهم شباب الثورة والأخر يمثل المرأة والثالث يمثل الأقباط فإن هذا اختيار سياسي وليس اختيارا دستوريا, ولكن هذا من حقه فهو صاحب القرار وصاحب السلطة في تعيين النواب أو تغييرهم أو تقليل عددهم لكن كل هذا في إطار النظام القانوني للدولة, ولابد أن تنطبق عليه العديد من الشروط, كأن يكون يحمل الجنسية المصرية علي سبيل المثال, ووفقا لجميع الدساتير القديمة والحديثة والاعلانات الدستورية فإن المصريين متساوون في الحقوق والواجبات, ومن المناخ السياسي العام يستحب أن يكون هناك تمثيل للشباب أصحاب الثورة لأنهم يمثلون65% من المجتمع المصري, وأن يكون هناك تمثيل للمرأة لأنها مكون أساسي في المجتمع. ولكن إذا كان الرئيس السابق لم يعين نائبا له فهل من حق أي رئيس جمهورية ألا يعين نائبا له أيضا؟ يجيب د.أنور رسلان قائلا أنه من الناحية النظرية يحق لرئيس الجمهورية ألا يعين نائبا له, لكن هذا لم يعد مقبولا بعد ثورة يناير, كما أن هناك رأيا عاما وأحزابا سياسية وجماعات وشبابا داخل العمل السياسي يمثلون ضغوطا لتحقيق وعود الرئيس. أما عن صلاحيات نائب رئيس الجمهورية فيقول د. أنور رسلان إن النائب له صلاحيات تحددها نصوص دستورية ولكن الواقع العملي يعطي الصلاحيات للنائب وفقا لمدي التفاهم والثقة بين الرئيس والنائب وكذلك التعاون والقبول, ولذا نرجو أن يحسن الرئيس اختيار نوابه ويتمسك بأحكام القانون وكفي المصريين ما حدث لهم ويضمن للمصريين حقوقهم وحرياتهم دون تفرقة أو تمييز. - د.جمال جبريل رئيس قسم القانون العام بجامعة حلوان يوضح أنه في حالة تأخر صدور الدستور الجديد فإن رئيس الجمهورية ملزم بأن يعين نائبا مؤقتا في خلال ستين يوما وفقا للإعلان الدستوري وهذه إلتزامات تسقط بمجرد وضع الدستور الجديد فلن يتم تنظيم أي شيء حتي مدة الرئاسة التي من الممكن أن تكون أربع سنوات ومن الممكن سنة واحدة أو فترة انتقالية للرئيس الحاكم أثناء وضع الدستور, ولو تم الأخذ بالنظام الرئاسي فهذا النظام يستوجب وجود نواب أما في حالة الأخذ بالنظام البرلماني أو المختلط فلا يكون هناك نائب لرئيس الجمهورية, فالدستور الجديد من الممكن أن يغير كل شيء كان يتم تطبيقه في الأنظمة السابقة, موضحا أن النظام المختلط يكون الحاكم الفعلي فيه هو رئيس الوزراء وليس رئيس الدولة وبالتالي فلا حاجة إلي وجود نائب للرئيس وهو ما تطبقه كل دول العالم الديمقراطية مثل فرنسا وإنجلترا والسويد والدنمارك والديمقراطية الآسيوية العريقة. فكرة غير منطقية! - د.جابر نصار أستاذ القانون الدستوري جامعة القاهرة يشير إلي أنه وفقا للتعديلات الدستورية فإنه يجب علي رئيس الجمهورية أن يعين علي الأقل نائبا واحدا له ويجوز أن يتعدد النواب, ولكن فكرة تعدد النواب من المذاهب السياسية التي أتصور أنها فكرة غير منطقية وغير عملية, لأنه لابد أن يكون الفريق الرئاسي متجانسا, وغير ذلك فإن مثل هذه الأمور تؤدي إلي تعطيل العمل وليس إنجازه وهي في ظني كانت تدخل إطار الدعاية الانتخابية ليس أكثر. وفي دول العالم نجد أن النظم الدستورية منضبطة فتختلف النظم الرأسمالية عن غيرها حيث يتم اختيار النائب بالانتخاب مع رئيس الجمهورية. وهناك نظم مختلطة لا يوجد فيها نائب لرئيس الجمهورية, أما حقيقة الأمر في مصر فإن الوضع المسيطر أنه ليس هناك نظام فوجود نائب أو عدم وجوده لا يحسمه إلا الدستور الجديد للدولة المصرية, ويتم ذلك حسب النظام الدستوري فلو تم اتباع نظام برلماني فلا حاجة لتعيين نائب لأن رئيس الجمهورية نفسه ليس له سلطات أو اختصاصات كثيرة, أما النظام الرئاسي والذي يتم فيه تعيين نائب فإن هذا يعتبر إهدارا للمال العام ومدخلا للتوريث. سيف مسلط وتقول د.هالة محمود عثمان المحامية بالنقض والدستورية العليا إن رئيس الجمهورية هو صاحب الحق في تعيين نائب له, والإعلان الدستوري لم يحسم هذه الجزئية فيما يتعلق باختصاصات الرئيس ولكن بعد الانتهاء من مشكلة اللجنة التأسيسية واصدار الدستور الجديد وتحديد اختصاصات رئيس الجمهورية سيتضح هل هو من سيكون له حق تعيين نائب أو أكثر أم أن البرلمان يتحكم في إختيار النائب ليكون سيفا مسلطا علي رقبة رئيس الجمهورية, فالأمر متروك للإعلان الدستوري أو الدستور الجديد. وتعيين نواب من أطياف مختلفة تري د.هالة عثمان أن الهدف من ذلك هو حتي لا يقال إننا مقبلون علي دولة دينية أو تكرار للنظام السابق فيتم مواجهة هذه الإتهامات بتوسيع دائرة الإنتشار بين المواطنين بشتي الطرق, والقانون لا يلزم الرئيس بتعيين نائب لأن نصوصه مبتورة وصغيرة وينتهي الإعلان الدستوري بمجرد انتهاء المرحلة الانتقالية وإعلان الدستور الجديد. وبالنسبة لصلاحيات النائب توضح أنها نفس صلاحيات رئيس الجمهورية في حالة التفويض الرسمي الصادر من رئيس الجمهورية في حالة غيابه لأي سبب من الأسباب خاصة وأن الدستور قد يخلو من تحديد إختصاصات نائب رئيس الجمهورية ومن كيفية تعيينه وتحديد مدة عمله. مجلس نواب للرئيس وتري د.هالة عثمان أن تعيين أكثر من نائب لرئيس الجمهورية فكرة جديرة بالاهتمام لأن الحكومة يرأسها رئيس الوزراء ويعمل معه العديد من الوزراء الذين لا تكون لهم صلة مباشرة برئيس الجمهورية فهناك حاجز يفصل بينهم وبينه وبالتالي يفصل بين الرئيس والشعب, فإن ولاء الوزراء يكون لرئيسهم المباشر أي رئيس الوزراء, لكن في حالة وجود عدد من النواب لرئيس الجمهورية في أكثر من مجال بحيث يتخصص كل نائب في تخصص معين مثل الشباب أو المرأة أو الأقباط فإن هذا النائب يكون حلقة وصل بين الشعب ورئيس الدولة ويوجد نوعا من التعرف علي المشكلات التي تخص كل فئة والعمل علي حلها, فمجلس نواب الرئيس أفضل من المجلس الرئاسي لأن له سلطة تنفيذية ويتعامل مباشرة مع المشكلات و يرفع عن الوزراء معوقات عملهم, ونأمل أن يصبح نائب رئيس الجمهورية أمرا جوهريا وليس استثنائيا بالنسبة للرئيس يعينه وقتما يشاء ويعزله وقتما يشاء. [email protected]