لماذا تأخر التغيير الحكومي كل هذا الوقت؟ معيار اختيار الأكفأ لتحقيق الرضا الشعبي وتخفيف الأعباء عن المواطن وحركة شاملة للمحافظين    أوروجواي يطيح بالولايات المتحدة صاحب الأرض من كوبا أمريكا    طلاب الثانوية العامة بالجيزة يتوافدون لأداء امتحان اللغة الأجنبية الأولى    شديد الحرارة.. تعرف على حالة الطقس اليوم الثلثاء    مهرجان العلمين.. «الترفيه» والطريق إلى الإنسانية    مستشار سابق بالبنتاجون: العالم كله سئم منا وأمريكا ستفقد الهيمنة على العالم (فيديو)    كوريا الشمالية تختبر صاروخا بالستيا ضخما بوزن 4.5 طن    تقرير عبري: نصر الله غير مكانه بعد تلقيه تحذيرا من المخابرات الإيرانية بأن إسرائيل تنوي تصفيته    حدث ليلا.. ارتفاع عدد قتلى وجرحى الاحتلال إلى أكثر من 4 آلاف ووباء يهدد مليار شخص    واشنطن: حادثة طعن في إحدى محطات المترو    وزارة العمل تعلن عن 120 وظيفة بشرم الشيخ ورأس سدر والطور    بيراميدز يقرر رفع دعوى قضائية ضد ثروت سويلم المتحدث باسم رابطة الأندية    حملات مكثفة لمتابعة تطبيق غلق المحال التجارية بالإسماعيلية    أسعار اللحوم والأسماك اليوم 2 يوليو 2024    مصرع شخصين وإصابة 10 في انقلاب ميكروباص بطريق مصر الفيوم    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل «طفل شبرا الخيمة»    الثانوية العامة 2024| اليوم.. طلاب بني سويف يؤدون امتحان مادة اللغة الإنجليزية    ألقى بنفسه من على السلم.. انتحار روبوت في كوريا الجنوبية    خالد داوود: جمال مبارك كان يعقد لقاءات في البيت الأبيض    أبطال فيلم «عصابة الماكس» يحضرون عرض مسرحية «ملك والشاطر»    أمين الفتوى: وثيقة التأمين على الحياة ليست حراما وتتوافق مع الشرع    ملف يلا كورة.. موقف ثنائي الأهلي من الأولمبياد.. رحيل لاعب الزمالك.. وأزمة بيراميدز    مفاوضات مع جورج كلوني للانضمام إلى عالم مارفل    فودة يفتتح أول مطعم أسيوي بممشي السلام في شرم الشيخ    طرح شقق الأوقاف 2024.. المستندات المطلوبة وشروط الحجز    نتنياهو: المرحلة الرئيسية من الحرب ضد "حماس" ستنتهي قريبا    كوبا أمريكا.. أوروجواي 0-0 أمريكا.. بنما 0-0 بوليفيا    رئيس حزب «الغد»: يجب على الحكومة الجديدة إعطاء الأولوية لملفي الصحة والتعليم    أحمد حجازي يحسم مصيره مع اتحاد جدة.. ويكشف تفاصيل عرض نيوم السعودي    أرملة عزت أبو عوف تحيى ذكري وفاته بكلمات مؤثرة    خلال أيام.. البترول تعلن مفاجأة بشأن إلغاء تخفيف الأحمال نهائيا في فصل الصيف (تفاصيل)    «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد    الأزهر يعلن صرف الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري اليوم    مخاطر الأجواء الحارة على مرضى الصحة النفسية.. انتكاسة العقل    3 مشروبات عليك تجنبها إذا كنت تعاني من مرض القلب.. أبرزها العصائر المعلبة    حيل ونصائح تساعد على التخلص من النمل في المنزل بفصل الصيف    متى تنتهي أزمة نقص الدواء في مصر؟..البرلمان يجيب    الزمالك يتقدم بشكوى رسمية لرابطة الأندية ضد ثروت سويلم    «نيبينزيا» يعطي تلميحا بإمكانية رفع العقوبات عن طالبان    قضايا الدولة تهنئ المستشار عبد الراضي بتعيينه رئيسًا لنيابة الإدارية    جامعة الأزهر تعلن تسخير جميع الإمكانات لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده وإصابة آخر في انفجار قنبلة بالضفة الغربية    موعد الإعلان عن الحكومة الجديدة وأداء اليمين الدستورية.. أحمد موسي يكشف (فيديو)    عبدالله جورج: الزمالك سيحصل على الرخصة الإفريقية    دولتان تتصدران مشتريات خام الأورال الروسي في يونيو    خالد داوود: أمريكا قررت دعم الإخوان بعد أحداث 11 سبتمبر (فيديو)    تهانينا للنجاح في امتحانات الدبلومات الفنية لعام 2024    ناقد فني: شيرين تعاني من أزمة نفسية وخبر خطبتها "مفبرك"    فى ذكرى ميلاده ال«80».. وحيد حامد الذى «كشف المستور»    العالم علمين| عمرو الفقي: المهرجانات محرك أساسي لتنشيط السياحة وترويج المدن الجديدة.. وتخصيص 60% من أرباح مهرجان العلمين لفلسطين    استخراج الجثة السابعة لفتاة إثر انهيار منزل بأسيوط    ميدو: الكرة المصرية تستند على لوائح جار عليها الزمن    تنسيق الثانوية 2024.. تعرف على أقسام وطبيعة الدراسة بكلية التربية الموسيقية حلوان    تعرف على توقعات برج الثور اليوم 2 يوليو 2024    برلماني: المكالمات المزعجة للترويج العقاري أصبحت فجة ونحتاج تنظيمها (فيديو)    انطلاق فعاليات المسح الميداني بقرى الدقهلية لاكتشاف حالات الإصابة بالبلهارسيا    أمين الفتوى عن الهدايا بعد فسخ الخطوبة: «لا ترد إلا الذهب»    غدا.. "بيت الزكاة والصدقات" يبدء صرف إعانة يوليو للمستحقين بالجمهورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روعة المكان.. فى أدب عميد الرواية العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 12 - 2016

المكان والزمان عنصران أساسيان فى أى عمل قصصى أو روائى ،ولكن المكان كان له وضع خاص لدى نجيب محفوظ عميد الرواية العربية فكان المكان بطلا ضمن أبطال أعماله وأحيانا قبلهم، حيث حظى باهتمامه على وجه الخصوص، وآية ذلك عناوين قصصه ورواياته ،التى تهتم بالمكان أكثر مما تهتم بشيء آخر ،فلنتأمل مثلا:
........................................................
خان الخليلى
رواية «خان الخليلى «تحمل اسم الحى الذى ترعرع فيه نجيب محفوظ بجوار مسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه وهو مسرح أحداث الرواية.
بين القصرين، قصر الشوق، والسكرية
وفى نفس المحيط تقريبا تدور أحداث رواياته «بين القصرين» ثم «قصر الشوق» ثم «السكرية» فيما يعرف بالثلاثية، وكلها أسماء أماكن متجاورة، وبجوارها أيضا تقع الحارة التى تدور فيها أحداث ملحمة الحرافيش.
زقاق المدق
تتناول الرواية قصة زقاق المدق، الذى يقع فى قلب حي خان الخليلي بالقاهرة، وتفاصيل الحياة فيه فى فترة الأربعينيات والحرب العالمية الثانية وتأثيرها علي المصريين،حيث جعل الزقاق عنوانا على روايته ومسرح أحداثها.
ويستهل نجيب محفوظ فى أول سطور روايته الساحرة بتقديم للزقاق فيقول :»زقاق المدق كان من تحف العهود الغابرة ،وتألق يوما فى تاريخ القاهرة المعزية كالكوكب الدري.. ولكنه على أى حال أثر وأثر نفيس، كيف لا وطريقه المبلط بصفائح الحجارة ينحدر مباشرة إلى الصنادقية ،تلك العطفة التاريخية وقهوته المعروفة بقهوة كرشة تزدان جدرانها بتهاويل الأرابيسك..وروائح قوية من طب الزمان القديم الذى صار مع كرور الزمن عطارة اليوم والغد».
وبهذه العبارة جعل روائح المكان تنداح إلى أنوفنا فنشتَمُّ روائح العراقة والأصالة ممزوجة بروائح العطارة المميزة لهذا المكان على مدار الزمن.
ثم يبين لنا أن الزقاق بالرغم من عزلته «إلا أنه يضج بحياته الخاصة ،حيث تتصل فى أعماقها بجذور الحياة الشاملة وتحتفظ - إلى ذلك- بقدر من أسرار العالم المنطوي».. فالزقاق ليس مجرد زقاق ضيق ولكنه صورة مصغرة من الحياة.
قشتمر
رواية قشتمر تشير إلى اسم مقهى فى العباسية، تناولت أحداثها شخصيات كانت تجلس معا على المقهى يتبادلون الآراء والأخبار على مدار فترة زمنية طويلة تبدلت فيها الأحوال فصعد فيها من صعد وسقط فيها من سقط.
الطريق
وإن كان عنوانا عاما وليس مكانا محددا إلا أنه ينتمى إلى المكان ،حتى ولو كان مبهما بدون تمييز، وفى رواية الطريق يبحث صابر عن أبيه الذى لا يعرفه ولم يلتق به من قبل،فيبدأ يمشى فى طريق ظنا أنه سيوصله إلى غايته المنشودة ،لكنه ضل الطريق وكان أشبه بمن يبحث عن سراب ،فلا هو وجد أباه،ولا هو وجد الطريق إذ سقط فى غواية امرأة أوقعته فى حبها ،ثم زينت له أن يقتل زوجها لتتخلص منه وترث أمواله، ثم يقتلها لمراوغتها إياه ،فكان السجن أو الإعدام نهاية الطريق.
ميرامار
روايته «ميرامار» اختار لها اسم الفندق الذى اتخذه مسرحا لأحداثها، وهى من رواياته التجريبية ، حيث تختلف عن باقى رواياته فى أنها تتناول حدثا واحدا، وهو جريمة قتل وقعت بالفندق ،ولكن من زاوية نظر أو رؤية أكثر من شخص ومن خلال شهاداتهم وأقوالهم مجتمعة يلملم القارئ الأحداث وكأنه يلصق أجزاء صورة مقطعة جنبا إلى جنب، بحرص وعناية حتى تكتمل الصورة فى النهاية، وهى من أبدع ما ألف نجيب محفوظ وتتناول شخصيات كثيرة جمع بينها مكان واحد وهو الفندق وإن فرقها الاختلاف فى نواح كثيرة منها الطبقى ومنها السياسى والإيديولوجى والمذهبي، ومنها الأخلاقى ففيها شخصيات جادة وأخرى مستهترة، ومنها الملتزم ومنها الولوع بالنساء والغراميات ،وفيها مصريون بالطبع، وفيها أجانب مثل صاحبة الفندق ،وفيها أيضا الريفيون مثل زهرة بطلة القصة التى نزحت من قريتها للبحث عن عمل تقتات منه ، فيلحقها أحد أهالى قريتها بالعمل فى هذا الفندق الذى تتعرف فيه على أناس لم تتخيل وجودهم سواء من الرجال أو النساء، وتتعرف على شاب أوهمها بحبه وخدعها ،وتفقد براءتها ،إشارة إلى أثر المدينة على أهل الريف .
الكرنك
وفى رواية الكرنك اختار اسم المقهى وهو المكان الذى يجمع بين معظم أبطالها، ليكون عنوانا لها، تعظيما من شأن المكان كعنصر مهم من عناصر الرواية بصفة عامة وفى هذه الرواية بشكل خاص إذ إنه وحده المكان الذى جمع بين أفراد يصعب أن يجتمعوا معا فى مكان آخر لاختلاف مشاربهم وثقافاتهم ومراحلهم العمرية، واختلاف اهتماماتهم، فمنهم صاحبة المقهى وعماله ورواده من طلبة جامعيين مثل إسماعيل وزينب ،ومنهم موظفون ،وآخرون على المعاش وغيرهم .
خمارة القط الأسود
هو عنوان اختاره نجيب محفوظ لمجموعة قصصية تضم قصصا مختلفة اختار عنوان إحدى قصصها لتكون عنوانا للمجموعة كلها، والقصة التى تحمل هذا العنوان تحكى قصة مثيرة ومشوقة تجرى أحداثها داخل خمارة بهذا الاسم .
وللخمارة بصفة عامة نصيب وافر لدى نجيب محفوظ فى كثير من قصصه ورواياته، وتطورت فى بعضها وحملت اسم «بار» فالحارة فى رواية «الحرافيش» لم تخل من خمارة تقدم البوظة لرجال الحارة وشبابها.
بيت سيئ السمعة
البيت مكان خاص ووصفه بأنه سيئ السمعة يضفى على القصة مزيدا من الاهتمام من القارئ ،فيسعى إلى رواء غليله وإشباع فضوله بالإسراع بقراءة المجموعة القصصية عموما والقصة بداخلها التى تحمل هذا العنوان خصوصا، ليس من أجل البيت ولكن من أجل مطالعة أخبار أصحاب هذا البيت السيئة سمعتهم.
الحب فوق هضبة الهرم
هذا العنوان جعله نجيب محفوظ عنوانا لقصة قصيرة وللمجموعة التى تضمها مع أخواتها ولا علاقة لها بالفيلم الذى يحمل هذا الاسم سوى العنوان الذى اتخذه الفيلم لتجسيد قصة أخرى داخل المجموعة القصصية. حيث جعل منطقة هضبة الهرم مكانا مختارا للتعبير عن الحب بين بطلى القصة.
التكية
وهناك فى روايات وقصص نجيب محفوظ أماكن ذات خصوصية منها التكية وجمعها تكايا وهى من العمائر الدينية المهمة التى ترجع نشأتها إلى العصرين المملوكى و العثماني، ومفردها «تكية». وأنشئت خاصة لإقامة المنقطعين للعبادة من المتصوفة ومساعدة عابرى السبيل. وتعتبر التكية من المنشآت الدينية،ذات الإيحاءات الصوفية والروحانية التى استخدمها نجيب محفوظ فى أكثر من رواية منها الحرافيش واللص والكلاب وقلب الليل وحكايات حارتنا وغيرها .
الحارة
تعد الحارة هى المكان الأثير لدى نجيب محفوظ ليس لأنها فقط مسرح للأحداث فى كثير من رواياته وقصصه مثل الحرافيش وحكايات حارتنا وأولاد حارتنا والشيطان يعظ وغيرها ،ولكن لأنها مصدر إلهام ومصدر إيحاءات ودلالات تعلو كونها مجرد حارة فالحارة فى الحرافيش ترمز إلى مصر فى مختلف عصورها ،والحارة فى أولاد حارتنا ترمز إلى العالم ككل ،وكل عنصر فى الحارة له مدلول سواء الأماكن كالزاوية وهى رمز للعبادة ،أو السبيل وهى رمز للمنفعة العامة، أو التكية ،أو الخمارة وهما ذواتا رمزين متقابلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.