ينشد د. جمال رجب سيد أستاذ الفلسفة الإسلامية جامعة قناة السويس فى دراسته الضافية التى ضمنها كتابه المعنون «فى علم الكلام.. منهج وتطبيقه» ليس فقط معالجة القضايا والمشكلات وحسب، وإنما يضيف إليها بعدا آخر وهو استخلاص القواعد المنهجية عند هذا المذهب أو ذاك. فقراءة التراث الكلامى يحتاج إلى نظرة جديدة ومنهجية متزنة لقراءة الآراء والأفكار فى ضوء ظروفها وبيئتها، لا أن نحاكمها فى ضوء ثقافتنا ومعارفنا فى وقتنا المعاصر. إن قراءة التراث كما يقول د. جمال قراءة جديدة متحررة من كل أحكام مسبقة أمر ندعو إليه ونؤمن به من خلال مكابدة ومعايشة لمذاهب علم الكلام الكبرى سنوات، فموضوع الكلام أو علم أصول الاعتقاد أو الفقه الأكبر على حد تعبير الإمام أبى حنيفة يحتاج إلى مجهودات كبيرة، خاصة إننا فى مرحلتنا المعاصرة فى أمس الحاجة إلى تكوين عقلية إيمانية تعرف كيف تذود عن حياض الدين بالمنطق الموضوعى وبالدليل الشرعى والعقلى معا، يضم الكتاب سبعة فصول تقدم معالجة لإشكالية العقل والدين فى النسق الكلامى أو العلاقة بين إشكالية العقل والدين بالعديد من الموضوعات الأخرى مثل ضرورة الأخذ بالتأويل ليتم الاتساق بين النظر العقلى والإيمان الشرعي، أو مدى نجاح هذه المدرسة أو تلك من مدارس علم الكلام فى إقامة تعادلية متزنة بين العقل والنص مع تأصيل علمى لفرقة الأباضية وهى من الفرق الكلامية التى اهتمت بقضايا ومشكلات علم الكلام، فالمذهب الأباضى قديم ظهر فى القرن الأول الهجرى فى البصرة والتسمية جاءت عن طريق الأمويين حيث نسبوا إلى عبدالله ابن اباض وهو معاصر لمعاوية بن أبى سفيان، وعلة التسمية تعود إلى المواقف الجدلية والسياسية التى اشتهر بها عبدالله بن أباض، والأباضية يسمون أنفسهم أهل الدعوة ويحاول الكاتب توضيح أن الفكرة الكلامية تساند الفكرة الصوفية ولا تناقض بين هذا وذاك ويرى أن الإمام القشيري375 465ه يمثل مرحلة متطورة فى المذهب الأشعرى وأظهر الكاتب أصالة الإمام القشيرى فى معالجته لموضوع علم الكلام وإنه كان يجمع فى عقليته بين البعد النقدى والبعد البنائي، كما عرض الكاتب لموضوع المنهج الوسط عند الماتريدية) والماتريدية تنسب إلى أبى منصور الماتريدى (333ه 944م) رأس المدرسة ومؤسسها ومن سمات هذا المنهج الأصالة والابتكار ورفض التقليد والحس النقدي) وأصالة مدرسة الماتريدية فى علم الكلام أنها وظفت كل الأدوات للذود عن العقيدة الإسلامية من الدليل العقلى وقد حاولت هذه المدرسة الموازنة بين الدليل النقلى والدليل العقلى ومعظم المدارس الكلامية تتأرجح بين هذا وذاك، لكن الماتريدية حاولت أن تقترب من الموقف المعتدل المتوازن وهو ما دعا إلى القول بوسطية المنهج عند هذه الفرقة خاصة أنها ترفض التقليد وتتمتع بحس نقدى أصيل وينتقل الكاتب إلى منهج ابن حزم فى دراسة علم الكلام، وابن حزم من الشخصيات الضخمة فى الفكر الإسلامى وعمق منهجه وكيف إنه وظف كل الأدوات للذود عن العقيدة الإسلامية وإثبات حقيقة التوحيد بالدليل العقلى والحسى وبديهيات العقل وقد عالج ابن حزم قضايا الصفات الإلهية مثل صفة العلم الالهى والتى توقف عندها محاولا تنزيه العلم الإلهى عن العلم البشري، مع بروز الحس النقدى عنده الذى هو سمة أساسية من سمات فكره وقد أشار الكاتب إلى موقف ابن رشد النقدى من الأشاعرة وعن أهمية البعد النقدي. الكتاب: فى علم الكلام منهج وتطبيقه المؤلف: د. جمال رجب سيد بي الناشر: مكتبة وهبة