الأزهر وأستراليا والبوركينى

إذا زرت شواطئ سيدني، لا تتفاجأ عند رؤية شابات مسلمات يتطوعن للعمل كمنقذات ويرتدين بوركينى أصفر وأحمر لامع اللون. الكثير من المصريات ارتدين البوركينى هذا الصيف حتى يسبحن براحة وأمان. لا يعرف الكثير من الناس أن البوركينى صممته فى 2004 أسترالية مسلمة اسمها عاهدة زانيتي.
يرمز البوركيني، بنواح كثيرة، إلى الإبداع والتسامح فى أستراليا. وكما قالت عاهدة، فإن البوركينى يلائم أسلوب الحياة الأسترالى بينما يلبى كذلك احتياجات الفتاة المسلمة.
جاء المسلمون إلى أستراليا فى البداية من إندونيسيا منذ أكثر من 300 عام. وفى القرن التاسع عشر، قبل وصول القطارات التى تعمل بالبخار، اعتمدت أستراليا على الجمال فى حمل البضائع وعبور الصحراء لنقلها إلى المدن المنشأة حديثا. اعتنى مسلمون من أفغانستان بالجمال واستقر كثير من رعاة الجمال هؤلاء فى أستراليا.
واليوم يوجد نحو نصف مليون أسترالى مسلم، أى نحو 2 بالمئة من تعداد سكاننا. وينحدر أفراد المجتمع المسلم فى الوقت الحالى من أكثر من 70 بلدا. وأكثر من 40 بالمئة من المسلمين ولدوا فى أستراليا. لقد شهد العام الحالى انتخاب أول امرأة مسلمة عضوا بالبرلمان هى الدكتورة آن علي، وهى أسترالية من أصل مصري.
تفخر أستراليا بأنها من أنجح البلدان المتعددة الثقافات على مستوى العالم. وقد تعززت هذه الرسالة فى بيان مشترك نادر صادر عن رئيس وزراء أستراليا «ترنبول» وزعيم المعارضة «شورتن» فى 10 أكتوبر. لقد أدان كلاهما التعصب العنصرى بكافة أشكاله باعتباره لا يتسق مع نوع المجتمع الذى نعيش فيه والذى نريده، وأكدا أن المسلمين جزء لا يتجزأ من عائلتنا الأسترالية.
وصرح كذلك رئيس الوزراء الأسترالى وزعيم المعارضة بأن السلاح الأشد تأثيرًا ضد الإرهابيين هى الأمة التى تحتوى جميع الفئات، وقالا إن «هذه الأمة هى الأكثر أمانًا».
يؤدى الأزهر ودار الإفتاء دورا محوريا فى الترويج للإسلام الوسطى السمح. والمؤتمر المعنى بالأقليات المسلمة الذى تجرى فعالياته فى القاهرة هذا الشهر يأتى فى التوقيت المناسب ويسهم بشكل كبير فى التغلب على التحديات التى تواجه الأقليات المسلمة.
إن الدعم والتعاون الذى يقدمه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، يساعد على تقوية الروابط بالمجتمع الأسترالى المسلم. لقد زار مؤخرا علماء دين وأئمة شباب وطلبة من أستراليا، الأزهر الشريف ودرس بعضهم به.
إن البوركينى رمز للاحتواء والمشاركة، ويجمع المعتقدات والثقافات المختلفة. وهو يوضح أيضًا سبب ترسخ التنوع وتعدد الثقافات فى هويتنا كأستراليين.
لمزيد من مقالات نيل هوكنز;