للعام الثالث على التوالى يعيش لبنان بدون رأس بسبب إصرار حزب الله على دعمه لحليفه زعيم تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ليكون رئيسا للجمهورية، فيما تواجه كل الحلول المطروحة عرقلة مقصودة لحسم الصراع على الكرسى الفارغ فى قصر بعبدا،فهل ينجح تفاهم برى - الحريري،فى مواجهة تعنت حزب الله - عون ،وكسر الجمود فى الإنتخابات الرئاسية التى فشلت للمرة الخامسة والأربعين فى الوصول إلى النصاب فى مجلس النواب اللبناني؟ حزب الله منذ شغور المنصب الرئاسى فى مايو 2014 وهو يرشح العماد عون لرئاسة الجمهورية ،ويمتنع نوابه ونواب عون عن الحضور إلى المجلس النيابى للتصويت على مرشح الرئاسة، وبالرغم من ترشيح الحريرى لأحد أقطاب فريق 8آذاروهو النائب سليمان فرنجية زعيم تيار المردة، إلا أن عون متمسك بترشحه مدعوما من حزب الله، كما أن ترشيح فرنجية من خصومة فى فريق 14آذار، أدى لإتساع الفجوة بينه وبين عون،كما عقد المشاورات التى كانت تجرى فى الخفاء بين الحريرى وعون، وهو الأمر الذى أدى إلى تعقيد الأمور أكثر من ذى قبل. ومع الإنتصارات التى يحققها حزب الله فى سوريا، تمسك الحزب بموقفه معلنا على لسانه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أنه مع عون حتى آخر نفس، إلا إذا أعلن عون تخليه عن الترشح للرئاسة. وبالرغم من المخاطبات الدولية بسرعة إنتخاب الرئيس، فإن الفرقاء اللبنانيون لايزالون على تمسكهم بمواقفهم التى تشل عمل الحكومة ومجلس النواب، وهو الأمر الذى دفع رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل نبيه برى لطرح فكرة السلة الشاملة للحل، بانتخابات نيابية ورئاسية وحكومة جديدة، ولكن طرح برى لم يلق إستجابة من حلفائه فى 8 آذار حزب الله وعون،بينما لاقى ترحيبا من تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري. وبالرغم من طرح برى لفكرة السلة المتكاملة إلا ان العلاقات مع عون ليست على مايرام بالرغم من انهما حليفان فى فريق واحد، وذلك بعد تصريح عون العام الماضى بأن مجلس النواب غير شرعى، مما أثار حفيظة برى الذى علق على كلام عون بالقول كيف يصفنى بأننى غير شرعى ويريد من ان انتخبه رئيسا؟ وفى نفس الوقت تبنى برى وزعيم الدروز وليد جنبلاط ترشيح الحريرى لفرنجية فى مواجهة عون، لتزداد الهوة إتساعا بين 8 و14 آذار، بل وتزداد الإنقسامات داخل كل فريق، ففريق 8آذار منقسم بين تأييد عون وفرنجية، وفريق 14آذار منقسم بين الرفض والقبول بترشيح فرنجية، بعد إنسحاب مرشحه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الترشح للرئاسة لصالح عون، ورفض حزب الكتائب لعون وفرنجية على حد سواء. وبالرغم من مغازلة حزب الله لتيار المستقبل، لإغرائه بدعم عون مقابل رئاسة الحكومة للحريري، فإن صقور المستقبل يضغطون لعدم القبول بالعرض، حيث لاضامن ولاضمانة لكلام السيد حسن نصر الله إذا دعم المستقبل عون للوصول إلى قصر بعبدا، خاصة وأن وزراء حزب الله كانوا السبب فى سقوط حكومة سعد الحريرى فى 2010 بعد استقالتهم جميعا ومعهم وزراء جنبلاط،وهو الأمر الذى أكده سعد الحريرى بعد عودته منذ أيام من أجازة طويلة بالخارج ليلتقى خصم عون النائب سليمان فرنجية الذى يرشحه الحريرى للرئاسة مدعوما من برى وجنبلاط وفرنسا وأمريكا والسعودية، مؤكدا بعد اللقاء أنه لايزال متمسكا بترشيح فرنجية للرئاسة، حيث تركز اللقاء حول البحث فى الاستحقاق الرئاسى وكل السبل الآيلة الى ضرورة احقاقه، حيث كان هناك تطابق فى وجهات النظر، واتفق الجانبان على ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع كافة القوى السياسية فى سبيل انتخاب رئيس جمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، ليرد عليه حزب الله بأن مرشحه هو عون، حيث قال السيد حسن نصر الله إن»العقدة ليست مع حلفائنا بل لدى تيار المستقبل،عندما يتخذ المستقبل قراراً بالنزول إلى البرلمان وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، نستطيع أن نتفاهم مع حلفائنا «مؤكدا بأن» هناك اليوم فرصة بوجود مرشحَين للرئاسة من 8 آذار، ولا يجب أن نفوّت هذه الفرصة بسحب ترشيح النائب سليمان فرنجية. وأكّد نصر الله فى لقائه السنوى مع قراء العزاء عشية حلول شهر محرم أن «الحكومة يجب ألا تسقط، وهناك ضرورة لعودتها الى العمل وللعودة إلى الحوار داخلها، مع ملاحظة حاجات حلفائنا». ويبدو أن موقف حزب الله وعون من التمسك بترشيح الأخير حتى آخر نفس حسب وصف نصرالله ،لن يحل المشكلة، بالرغم من التناغم الواضح والصريح بين الحريرى وبرى وجنبلاط، ولكن على مايبدو ان موقف حزب الله وعون سيكسب هذه الجولة لتستمر الأمور على ماهى عليه، حتى تتضح الرؤية حول الوضع السورى المتصاعد يوما بعد يوم، بالرغم من قيام البطريرك المارونى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى بمحاولات مستميتة للتوفيق بين أقطاب الموارنة لإختيار رئيس من بينهم حسبما يجرى العرف فى لبنان، ولكن محاولاته تتكسر على صخرة التعنت والتمسك بالرأى دون النظر لمصلحة البلد المعطلة، وشلل الحكومة ومجلس النواب.