توفير فرص عمل جديدة كان, ولا يزال وسوف يظل الشغل الشاغل للمجتمعات المتقدمة منها والنامية علي حد السواء, فلقد أصبحت من أولويات برامج العمل الوطني. حيث تنظر الحكومة إلي قضية البطالة بعين الاهتمام, وهو أمر تزداد ضروريته بالطبع مع زيادة معدلات السكان بطفرات عالية, حيث تؤدي تلك الزيادة إلي زيادة أعداد الداخلين لسوق العمل والباحثين عن فرص للتشغيل من خريجي المؤسسات المختلفة, وفي مواجهة قضية البطالة التي تختلف معدلاتها ما بين فترة, وأخري حيث يستقر المعدل حاليا عند نسبة10% من قوة العمل تقريبا, ولقد حددت الحكومة بالفعل خطة شاملة ارتكزت ملامحها الي البرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية الذي التزام البرنامج فيه بتوفير4.5 مليون فرصة عمل خلال فترة6 سنوات بمعدل750 ألف فرصة عمل سنويا, ومن المعلوم أنه في ظل السياسة العامة للحكومة الهادفة إلي دعم القطاع الخاص الذي أصبح يضطلع بما يزيد عن70% من خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة فإن النصيب الأوفر من فرص العمل الواردة بالخطة العامة يجب أن يوفرها القطاع الخاص ومنظمات ومنشآت الأعمال الخاصة والاهلية إذ لم يصبح في مقدور الجهاز الحكومي للدولة أن يستوعب أعدادا من الخريجين بعد أن وصل حجم العمالة بوحدات الجهاز الإداري للدولة إلي نحو6 ملايين من العاملين, وفي هذا الاطار أصبح علي الباحثين عن فرص عمل جديدة التوجه إلي المنشآت الخاصة بحثا عن فرص عمل لهم, وبمتابعة ومراجعة ما ينشر في الصحف, وما تبثه المواقع الالكترونية من الاعلانات عن الوظائف الجديدة فإنه يسترعي الانتباه وجود عدد من الملاحظات من أهمها: كثير من الأعلانات عن فرص عمل غالبا ما تكون مقرونة بتوافر شرط الخبرة العملية, ومؤدي ذلك أن فرص التشغيل الجديدة تكون موجهة إلي من يعمل بالفعل, وتدعو إلي اجتذابه وتفضيله, مما يشجعه علي ترك العمل الأصلي, وشغله لوظيفة أخري. هناك بعض الأعلانات التي تشترط أن يكون المتقدم من ذوي المعاش المبكر وهو ما يعني توجيه الاعلان لمن سبق له العمل, ويتقاضي دخلا في صورة معاش شهري, أي أن هذا الإعلان ليس موجها لشباب الخريجين المتعطلين الذين لا يجدون فرص عمل لهم في سوق العمل. تشترط بعض الإعلانات تفضيل الذكور علي الاناث في شغل الوظائف, وبالعكس أو تفضيل المقيمين في أماكن ومناطق جغرافية ذاتها دون غيرها, بل إن بعض الأعلانات المنشورة لشغل مدرسي اللغات الاجنبية ببعض المدارس الخاصة التي يلحق بها تلاميذ مصريون تشترط أن تكون الجنسية أجنبية للمتقدمين لشغل تلك الوظائف. ولاشك أن تلك الصور إنما تعكس عدم الالتزام بأحكام الدستور والقانون بخصوص حق المساواة وتكافؤ الفرص وحقوق المواطنة, مع التمييز بين المتقدمين بأشكال التمييز المختلفة, وبما يتعارض مع مباديء حقوق الإنسان. وإذا كان منطق الأمور يقتضي المنافسة بين المتقدمين للحصول علي فرص عمل, فالأوجب أن يكون التنافس شريفا علي اساس مدي توافر المهارات والقدرات, والمعارف والمعلومات المؤيدة بالمستندات, والادلة, وليس علي اساس اعتبارات غير موضوعية تخل بمبدأ تكافؤ الفرص لشغل الوظائف. وتلك الظواهر والمشاهدات تقتضي ضرورة النظر في ضبط سوق العمل, وإيجاد آلية لمراجعة الأعلانات المنشورة عن الوظائف, وفرص العمل إذ أن تكرار تلك الأوضاع يصيب شباب الخريجين الداخلين حديثا لسوق العمل بالاحباط, والإحساس الدائم بالفشل في الحصول علي فرص عمل, وتنمية الشعور لديهم بعدم تحقيق نتائج ملموسة لحل مشكلة البطالة, وإيجاد فرص عمل جديدة لشباب الخريجين.