بمجرد أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمها ببطلان الثلث الفردي من مقاعد البرلمان وحله بالكامل أسرع الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب الي مكتب جماعة الارشاد لحضور اجتماع ثلاثي مع الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري والدكتور محمد مرسي المرشح لرئاسة الجمهورية,فلماذا ذهب رئيس البرلمان الي مكتب ارشاد جماعة الاخوان ولم يذهب الي مكتبه بمجلس الشعب. ولماذا فضل الكتاتني أن يبحث أزمة حل البرلمان وما يحدث علي الساحة السياسية مع رفيقي الجماعة الدكتور مرسي والدكتور فهمي ولم يفكر في أن يبحث ذلك مع الهيئات البرلمانية للقوي السياسية علي الأقل ليثبت صحة ماكان يردده ويذكره دوما عبر تصريحاته وكلماته بأنه كان رئيسا لبرلمان مصر الثورة وليس رئيسا لبرلمان الإخوان. ويتساءل الشارع ياتري ماهي الرسالة التي أراد أن يبعث بها الكتاتني عندما نزع ثوبه كرئيس لبرلمان مصر فجاء وعاد لارتداء ثوب الجماعة في وقت كان ينبغي فيه التريث والتمهل والحكمة وإثبات صحة أن هذا برلمان الثورة, ولم يكن أبدا برلمان جماعة بعينها, ويسأل الناس: هل هي اللحظة الكاشفة التي أكدت أن مكتب جماعة الارشاد هو الذي كان يدير شأن وأمور البرلمان والشوري وبالتالي سيدير شأن الرئاسة فيما لو فاز الدكتور مرسي بالانتخابات واعتلي رأس الحكم في مصر.. صورة تستحق الانتباه والملاحظة فعلا. بمجرد صدور حكم الدستورية بحل البرلمان, هرع الجميع الي أن يخلع قناعه, ويعود الي حقيقته وأصله. فميدان التحرير الذي توقع البعض انه سيمتلئ عن آخره احتجاجا علي هذا الحكم بدا خاليا من المتظاهرين والمحتجين اللهم إلا من بعض العشرات المحتجين علي الحكم الخاص بعدم دستورية قانون العزل السياسي, وهؤلاء في الغالب كانوا مجموعات متناثرة تنتمي الي فصائل وحركات سياسية ؟ موقفها من هذا القانون معلن وثابت منذ البداية. ماعدا ذلك تستطيع أن تقول أو كما قالت الصورة: ان فراغ الميدان بدا وكأنه حالة من الرضا لحل البرلمان. وإذا كانت هذه الصورة قد أشارت الي ذلك المعني, فلقد جاءت صورة قيام عدد من كبار ورموز القبائل في الصعيد باعادة فتح دواوينهم العائلية واستقبال الضيوف فيها مرة أخري بعد أن ظلت مغلقة طيلة هذه الفترة منذ الانتخابات, حزنا علي هزيمة العصبية القبلية وتراجعها أمام العصبية الدينية إنما يشير الي قيام هذه القبائل بخلع أقنعة أن السكوت كان علامة الرضا وأن الحكم قد أعاد اليها نعرتها الأولي وتمسكها بالأمل أن القبيلة لن تزول, ستظل هي أبدا صاحبة الأمر والنهي في تسيير أمور الحياة السياسية بالصعيد. ويخرج علينا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح, ليعلن: أن ما صدر من أحكام هو بمثابة إنقلاب عسكري كامل ولأن هذه التصريحات التي أطلقها أبوالفتوح تختلف كثيرا بل ربما تطابقت مع تصريحات أخري أطلقها عدد من قيادات الحرية والعدالة, وصار الناس يتساءلون: هل عاد أبوالفتوح الي جماعة الاخوان مرة أخري بعد شهور من الخصام والانفصال؟ أحد النواب المستقلين, وهو نائب كفر الشيخ يوسف البدري قام بكسر عدد من القلل القناوي بما يعادل عدد نواب البرلمان ابتهاجا ورضاء بقرار الحل مما يطرح سؤالا! هل الي هذه الدرجة كان ممثلو التيارات السياسية الاخري المستقلون والليبراليون والعلمانيون في حالة من الحصار والاختناق والقيود دفعتهم الي نسيان أنفسهم واعلان فرحتهم لصدور الحكم والخلاص من هذا البرلمان الاحادي علي حد تعبيرهم؟ النائب محمد أبوحامد والذي كان منتميا للهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار وأعلن استقالته فيما بعد هو الآخر أكد ترحيبه بالحكم وحرصه علي ضرورة التنفيذ في حين راح مصطفي بكري النائب المستقل يبادر بتقديم استقالته احتراما لحكم الدستورية واصفا بأنه كان حكما تاريخيا.. ولا يبقي إلا أن نقول ونسأل ياتري الحكم الي هذه الدرجة اعاد كل شيء الي أصله؟!