اليوم.. مجلس النواب يعلن قوائم تشكيل اللجان النوعية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 2-10-2024 في البنوك    عاجل:- ماكرون يدين الهجمات الإيرانية ويؤكد تحرك باريس عسكريًا في الشرق الأوسط    انفجاران في محيط سفارة إسرائيل بكوبنهاجن    القنوات الناقلة لمباراة يوفنتوس ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا    مصرع 3 أشخاص وإصابة 2 في تصادم سيارتين بطريق مرسى علم    نجاة شقيقة إيمان العاصي من الموت.. أحداث الحلقة 14 من مسلسل «برغم القانون»    الأوقاف تختتم مبادرة «خلقٌ عظيمٌ» بمجلس حديثي في مسجد الإمام الحسين.. الخميس    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    ترتيب دوري أبطال أوروبا قبل مباريات يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    محمد إبراهيم: الزمالك تواصل معي وفضلت الإستمرار في سيراميكا عن الإنضمام إلى بيراميدز    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 2 أكتوبر    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    مصرع قائد تروسيكل في حادث تصادم سيارة ب صحراوي سوهاج    كسوف الشمس 2024، البحوث الفلكية توجه نداء للمواطنين قبل ساعات من حدوث الظاهرة    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024    على غرار الذهب، ارتفاع أسعار النفط بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    إصابة 5 أشخاص في مشاجرة بالشوم لخلافات المصاهرة في سوهاج    طريقة عمل الطحينة في البيت، بأقل التكاليف    دراسة خطرة: 740 مليون طفل ومراهق يعانون من قصر النظر في منتصف القرن    6 شهداء و17 مصابا في قصف إسرائيلي لمدرسة بمدينة غزة    الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا في بيروت    وادي الوشواش.. إبداع الطبيعة في سيناء وأجمل حمام سباحة في قلب نويبع    احتفالات في بيروت بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    لحظات مؤثرة بتكريم نيللي ولطفي لبيب في مهرجان الإسكندرية.. صور    بدء فحص طلاب المدارس بكفر الشيخ ضمن حملة القضاء على البلهارسيا    محافظ أسيوط يؤكد أهمية المتابعة الدورية للقطاعات والمشروعات وسير العمل    طريقة حل تقييم الأسبوع الثاني علوم للصف الرابع الابتدائي بعد قرار الوزير بمنع الطباعة    تذكر أن الأمور ليست بهذا التعقيد.. برج الحمل اليوم 2 أكتوبر    غرق طفل بترعة في العياط    "السقف ولع".. سيارتا إطفاء تواجه نيران شقة ببولاق أبو العلا    إيران: الرد على إسرائيل انتهى إلا إذا استدعت الأمور مزيدا من التصعيد    الأهلي قد يطيح ب كولر بسبب محمد رمضان؟ إعلامي يكشف تفاصيل صادمة    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت 97 مليون و405 آلاف خدمة مجانية في شهرين    لمرورها بأزمة نفسية.. التصريح بدفن جثة فتاة سقطت من أعلى عقار في المرج    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    الداخلية يضم ميدو العطار لاعب الترسانة    الأهلي يستقر على رحيل لاعبه في يناير.. محمد فاروق يكشف التفاصيل    ختام كورس ألف مُعلم كنسي "طور" بحلوان    حازم إيهاب مازحا مع مخرج مسلسل انترفيو: "بيقول عليا غلبان ورغاي"    «أغنية كل أسبوعين».. ماذا حققت أغاني عصام صاصا التي طرحها خلال حبسه؟    إلهام شاهين: سعيدة بالتكريم في مهرجان المونودراما وأكره الحروب وأنادي بالسلام    المركزي: الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية في البنوك تتجاوز 7 تريليونات جنيه بنهاية أغسطس    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024 في البنوك    سلمى أبو ضيف تهدد بمقاضاة المتنمرين على حملها (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في رتبة التوبة    أديمي يقود دورتموند لاكتساح سيلتك.. وإنتر يتجاوز ريد ستار برباعية في دوري الأبطال    عقوبة التحريض على الفسق والفجور وفقا للقانون    تقترب من النصف، زيادة جديدة في سعر دواء شهير لزيادة سيولة الدم ومنع الجلطات    كارولين عزمي كاجوال وساندي أنيقة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هل الأكل حتى الوصول لحد الشبع حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    خالد الجندى: من يؤمن بأن "السحر يضر" وقع فى الشرك بالله    الرئيس السيسي يؤكد التزام الدولة الراسخ باستقلال القضاء بوصفه ركيزة دستورية أساسية    لشبهة الكيدية، النواب يرفض طلبا برفع الحصانة البرلمانية عن أحد الأعضاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجاج حائرون بين دعاة الغلو وفتاوى الدخلاء
هل الأجر على قدر المشقة؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 08 - 2016

التشدد فى أداء المناسك ليس شرطا لتمام الأجر.. والتيسير واجب

فى مناسك الحج ترى كثيرا من العجائب، فهذا يرفض استئجار مسكن رغم قدرته، ويصر على المبيت بالحرم ويعانى فى الطعام والمبيت وتغيير ملابسه، وذاك يصر على رمى الجمرات وقت الظهيرة ويرفض الانتظار حتى زوال الشمس، وهذا يمشى من مسكنه البعيد إلى الحرم فى ذروة الحر ويرفض استقلال حافلة، وثالث يأبى أن يتنقل بين المناسك مترجلا، وقد لا يستظل، ناهيك عن أن الفتاوى والآراء التى بها تعدد وسعة يصر البعض على رفض الأيسر منها ويأخذ دائما بالرأى الأكثر مشقة وإجهادا للبدن، وإذا سألت أحدهم عن السبب، تكون الإجابة من الجميع واحدة: «الأجر على قدر المشقة». هذه المقولة أو القاعدة، أكد العلماء أنها ليست على إطلاقها وأن الاستدلال بها فى هذا الجانب ليس صحيحا، وأشاروا إلى أن تعمد العمل بهذه القاعدة فى كافة الأمور هو نوع من المغالاة فى الدين وليس الإخلاص فى العبادة.
ويوضح الدكتور جاد مخلوف جاد الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الحج جهاد بطبيعة الحال حتى لو كنت مقيما بالحرم، حيث إن الإنسان تعود على لباس معين وأكل معين والمبيت بأماكن معينة، وفى الحج يتجرد من كل ذلك متوجها إلى الله معلنا افتقاره إلى خالقه، كما أن أداء المشاعر بطبيعة الحال جهد ومشقة، أما عبارة «الأجر على قدر المشقة»، أو «الثواب على قدر المشقة» وهى قاعدة وليست حديثا، فإنها ليست صحيحة دائما إلا فى المشاق والأعمال التى لا تتحقق العبادة إلا بها، وليس معنى الأجر على قدر المشقة أن يشق الإنسان على نفسه ويلتمس الصعاب فى سبل الحج وأوقات الذروة الحر الشديد فى المناسك ويصر على السير على الأقدام طمعا فى أجر مضاعف، فهذا فهم خاطئ، وتشديد على النفس لا يقره الشرع، فالله عز وجل يقول «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»، كما أن الله عز وجل رخص لنا أمورا يحب أن نأخذ بها كما نأخذ بالعزيمة، ففى الحديث «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه»، فحينما يرخص الله للمريض الإفطار فى رمضان ليس له أن يصر على الصيام طمعا فى مضاعفة الأجر فيعرض نفسه للخطر والهلاك..وهكذا فى سائر الفرائض والعبادات ليس مطلوبا أن يشق الإنسان على نفسه لغير ضرورة تقتضيها العبادة وإلا تحولت عبادته إلى تنطع، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول «هلك المتنطعون» أى المتشددون الذين يدخلون على أنفسهم المشقات وهم فى غنى عنها. وقال د.جاد إن المسلم مطالب فى أدائه فريضة الحج بأن يوسع على نفسه ويختار الوسيلة الأيسر له بحسب ظروفه المادية فإذا كان يستطيع السفر بالطائرة لماذا يسافر برا أو بحرا، وإذا كان يستطيع أن يقيم على مقربة من الحرم لماذا يسكن بعيدا ويقطع مسافة طويلة سيرا على الأقدام، ومادامت هناك وسيلة انتقال بين المشاعر أو بين مسكنه البعيد والحرم لماذا يسير على قدميه، وإذا كانت هناك سعة فى وقت رمى الجمار لماذا لا يتحرك إلا أوقات الذروة حيث الحر الشديد والزحام الشديد، فكل ذلك ليس مطلوبا من الحاج أن يفعله إلا إذا كان مضطرا لضيق فى المال أو الوقت، فالاستدلال بالقاعدة هنا ليس فى موضعه، بل ينبغى على الحاج أن يبحث عما يريح جسده وبدنه، فإن ذلك بلا شك يعينه على عبادة أفضل من غيره الذى أرهقه التعب والسير حرا. كما أن هجر الرخص والإصرار على اتباع المشاق فى العبادات ليس من الشرع فى شيء وقد يعرض النفس للهلاك والأذي.
من جانبه يقول الدكتور حذيفة المسير، مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الأصل فى العبادة أن الله تعالى شرعها تيسيرا على الناس «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»..وأداء المسلم للعبادة أصله أن يؤديها على حسب ما شرع الله وليس على حسب ما يريد الإنسان..
ومسألة المشقة فى العبادة استنادا إلى قاعدة «الثواب على قدر المشقة» هو مرتبط بالمشقة التى تقع لأداء ما شرع الله بحسب ما شرع الله، لكن أن يتزيد الإنسان فى المشقة لغير وجه شرعي، فمشقته تعود على نفسه، وليس له من الثواب شيء.
ففى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يُهادى بين رجلين فسأل عن حاله فقيل له إنه نذر أن يحج لله ماشيا ولا يستظل، فقال صلى الله عليه وسلم: مروه فليركب وليستظل، فإن الله غنى عن تعذيب هذا لنفسه». ولو كان فى زيادة المشقة زيادة فى الأجر على إطلاق الأمر لما وجدنا هذا النهى النبوى من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولئن يؤدى المسلم عبادة فى جو من التيسير أقرب له من الله تعالى من أن يؤديها فى عسر ومشقة، لأن المسلم إذا كانت عبادته ميسرة عليه، تفرغ قلبه لله تعالى وانصب همه فى اللجوء إلى الله عز وجل وخشعت جوارحه فى مناجاة الله. أما إذا وقعت العبادة على جانب من المشقة والشدة والعسر مما لا يطيقه الإنسان عادة، فإنه حينها يكون منشغلا بشدته وبالمشقة التى لحقت به، فلا تقوى جوارحه على أن تقوم لله تعالى ولا يتفرغ قلبه للخشوع.
ولا شك أنه إذا قارن المسلم العبادة التى تقع على جانب اليسر بالعبادة التى يؤديها وقد شدد على نفسه لوجد أن الثواب العظيم إنما يكون فى الجانب الأول وليس الثاني.
ولو تأملنا تشريعات القرآن والسنة فى جانب العبادات لوجدناها جميعا تقوم على التماس جانب اليسر فى العبادة، فالصلاة تقع فى الإنسان على حسب ما يستطيع: قائما أو قاعدا أو راقدا، أو حتى متحركا أثناء المعركة والقتال.
والزكاة لا تكون إلا نسبة يسيرة ممن يملك النصاب وحال عليه الحول، فهى عبادة لا تشق على الإنسان ولا تؤثر فى ماله. وكذا الصيام أيضا قائم على اليسر «فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر».
وكذلك الحج قائم على الاستطاعة «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا»..وفى حجة الوداع للنبى صلى الله عليه وسلم خرج عليه الصلاة والسلام يعلم الأمة مناسكها، فنجد أنه كان صلى الله عليه وسلم يرشد الناس إلى اليسر فكان يأمرهم بعدم التزاحم وعدم الإسراع فى المشى حتى لا يشق أحد على نفسه ولا يؤذى أحد غيره، ولما استأذنه بعض أصحابه للخروج إلى منى ليلا ليلة العيد، أذن لهم، حتى إن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: ليتنى استأذنت النبى صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة (إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم). وفى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم حينما كان يسأله الصحابة يوم العيد عن شيء قُدم أو أُخر، كالذبح أو الرمى أو غيرهما، كان يقول :افعل ولا حرج. وبالجملة كما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
وأضاف د. المسير إن المسلم فى الحج مطالب شرعا بأن يظهر رحمة الله عليه فى هذه المناسك وأن يظهر تيسير الله على الأمة وأن يفرح بنعمة الله عليه أن جعل أداء المناسك أكثر يسرا وأقل مشقة مما كانت قبل ذلك، ولو كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يملكون من الأمور والإمكانات ما يملكه المسلمون اليوم، من يسر الراحلة وعذوبة الماء وسهولة المواصلات، لكانوا أسرع الناس استخداما لتلك النعم فى أداء المناسك.
ويرى الدكتور المسير أن المشكلة فى تشديد بعض الناس على أنفسهم وعدم اعتدادهم بآراء التيسير فى الحج هو غياب الفقه فيما يتعلق بالعبادات، ومن ثم ترى الناس تريد أن تعذب نفسها ليستشعروا الرضا عن أنفسهم فى العبادة، فنجد أحدهم وقد أباح الله له الإفطار فى رمضان لكبر سنه أو شدة مرضه يصمم على أن يصوم حتى لو أدى ذلك إلى زيادة مرضه أو هلاكه، وما ذلك لشيء سوى أنه يرى أن هذه هى العبادة الصحيحة.
وفى الحج أيضا مثل ذلك التشديد على النفس فنرى من يصر على أن يؤدى المناسك ماشيا ويشق على نفسه ويظن أن ذلك هو أفضل الحج، والحقيقة أن كليهما قد أخطأ فى عبادته لله تعالى وظنه بخالقه.
ولو علم المسلم أن الأصل فى العبادة أن تقع على وفق ما يرضى المعبود جل جلاله، وليس وفق ما يريد العبد لاستراح الناس كثيرا فى عبادتهم ولاغتنموا فرص الله تعالى لهم، ولحققوا قول الله تعالى «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون».
المشكلة الحقيقية أننا لا نعى دورنا فى العبادة وأن كثيرين منا يبحثون عن المشقة فيها، وإن أكثر من يذهب للحج لم يتسلح بالعلم الصحيح إنما فعل ذلك تحوطا أن يقع فى الخطأ، وعزاؤه فى ذلك بحسب ظنه أن «الثواب على قدر المشقة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.