التصريحات الصادمة والمتتالية لرئيس هيئة تنشيط السياحة سامي محمود حول حقيقة ما وصلت إليه السياحة في مصر والتي أكد خلالها أن عام 2016 يعد أسوأ أعوام السياحة المصرية.. وأن نسبة تراجع الحركة الوافدة وصل إلي 60% ..وأن مديري مكاتبنا السياحية في الخارج دون المستوي المطلوب، كشفت الواقع المؤلم للسياحة المصرية وألقت بظلال من الشك حول إمكانية عودة السياحة إلي معدلاتها التي تحققت خلال العام الماضي علي أقل تقدير.. هذه الأرقام الكارثية جاءت نتاجا طبيعيا لتخاذلنا في مواجهة الأزمة حتي أصبحت تداعياتها تفوق قدراتنا وإمكاناتنا المهنية.. وتعتبر أيضا اعترافا رسميا بأن الدولة لم تقم بمعالجة الأزمة وتركتها حتي تفاقمت إلي هذا الحد غير المسبوق..وجاءت لتؤكد أيضا أن طرق معالجتها لها لم ترق الي مستوي آثارها السلبية التي أثرت علي مصر كلها. كما عكست تصريحات رئيس هيئة تنشيط السياحة حول عدم اعتماد الميزانيات اللازمة حتي الآن للحملات الترويجية في الخارج..عدم الإحساس بجسامة الأزمة والتهاون في مواجهتها خلال الفترة الماضية،خاصة أن سنوات الأزمة قد طالت إلي أبعد مدي وأصبح السكوت عن مواجهتها والتراخي في القضاء عليها جريمة لا تغتفر في حق الشعب المصري كله..الذي يدفع ثمنها حاليا بعد أن وصل سعر الدولار الي ارقام مفزعة أصبحت تهدد قوت الشعب وتنال من استقراره الاقتصادي.. بخلاف الملايين الذين يتعايشون واسرهم علي دخلهم من هذه الصناعة. الغريب أن هذا الانخفاض الحاد وغير المسبوق في الحركة السياحية الوافدة والذي وصل إلي 60% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي،جاء خلال عام 2016 الذي لم يشهد أي أحداث سلبية تؤثر علي السياحة. هذه الحقيقة المفزعة أرجعها خبراء السياحة إلي أن وزارة السياحة ولأسباب غير مفهومة لم تطلق حملاتها الترويجية في مختلف دول العالم حتي الآن.. وأنها تركت جميع الأسواق المصدرة للسياحة دون اي اهتمام يذكر فقام منظمو الرحلات وشركات الطيران بتنظيم برامج سياحية الي دول أخري نجحت من خلال برامجها التسويقية المختلفة في جذب الحركة إليها. وهذا ما أكده أيضا رئيس هيئة تنشيط السياحة بأن مجلس إدارة الهيئة بتشكيلته السابقة وقبل حل الغرف السياحية، وافق علي زيادة ميزانية عدد من المكاتب الخارجية ولكنها لم تعتمد رسميا من الوزير يحيي راشد وفي انتظار تشكيل مجلس الهيئة الجديد.. إذن غياب الحملات الترويجية في الأسواق المختلفة كانت هي كلمة السر وراء تراجع الحركة بهذا الشكل الكارثي الذي يؤشر علي فقدان السياحة للموسم الشتوي المقبل بعد ان فقدت الموسم الصيفي الحالي..وان اكثر الخبراء تفاؤلا لا يتوقع أن يصل إلي مصر بأي حال من الأحوال أكثر من 6 ملايين سائح..وهذا الرقم يعني اننا ندخل في نفق مظلم ولن نخرج منه إلا بمعجزة في زمن ندرت فيه ظهور المعجزات. انعكست هذه الحالة السلبية علي دولة مثل ألمانيا التي تعتبر سوقا رئيسي وهامة لمقاصدنا السياحية فعلي الرغم من انها لم تقم بحظر السفر الي مصر كما فعلت روسيا ..أو الي شرم الشيخ كما فعلت انجلترا ..الا اننا تجاهلنا إطلاق حملات ترويجية وتنشيطية تعمل علي جذب السائحين بها..بل ان ميزانيات الحملات التنشيطية لم تعتمدها الوزارة حتي الآن كما اكد رئيس هيئة التنشيط. وأكدت الإحصائيات الواردة من ألمانيا أن نسب التراجع تصل إلي 60% خلال الموسم الشتوي المقبل مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي..وأنها مرشحة للزيادة في ظل عدم وجود إقبال من السائح الألماني علي زيارة مصر..نتيجة للصورة الذهنية السلبية التي تكونت لديه عن مصر خلال السنوات الماضية..حيث تركنا هذه الصورة ترسخ في ذهنة دون أن نطلق حملات مضادة لتصحيحها. وهنا يتساءل خبير سياحي عن سبب عدم قيام هيئة تنشيط السياحة خلال الفترات الماضية بإطلاق حملات ترويجية في هذه الدول..وماذا تنتظر..وما هي نتيجة الاجتماعات التي نسمع عنها من أن لآخر مع شركة «جي دبليو تي» المسئولة عن حملات مصر الترويجية في الخارج..مضيفا أن وزير السياحة الأسبق ممدوح البلتاجي رحمة الله كان يتخذ خطوات سريعة وقوية في مواجهة الأزمات التي ألمت بالقطاع.مما انعكس بشكل واضح علي عودة الحركة في وقت قياسي لم يزد علي 6 اشهر. وأضاف أننا «نلف وندور» في حلقة مفرغة..ولانعرف متي واين نطلق حملاتنا الترويجية..وان القطاع تفرغ لاجتماعات لا طائل منها غير ضياع الوقت الذي لم يعد في صالح مصر. وتسأل ايضا الخبير السياحي حول تصريحات رئيس هيئة تنشيط السياحة التي أكد فيها ان السوق الإنجليزية غير مدرجة علي قائمة حملات الترويج القادمة..واصفا ذلك بانه غير مهني علي الإطلاق ..وطالب بإطلاق حملات بها لكي نستقبل الحركة منها سريعا ولا ننتظر إطلاق حملات تأخذ كثيرا من الوقت والجهد..بالإضافة إلي أن عدم وجودنا سيفقدنا الملايين من الدولارات التي انفقناها هناك خلال فترة الرواج السياحي. وأخيرا فإن التهاون أو التراخي في مواجهة أزمة السياحة يعتبر جريمة لا تغتفر في حق الشعب المصري..وعلينا أن نستعين بتجارب الدول الأخري التي سبقتنا وأن نستعين بخبراء السياحة الحقيقيين الذين حققوا نجاحات في الداخل والخارج ويعلمون جيدا دهاليز هذه الصناعة، ويكفي أن نعلم أن تأخرنا في الحد من آثار هذه الأزمة قد أدي الي خسارة الاقتصاد المصري لأكثر من 70 مليار دولار..ذهبت بالتأكيد الي دول أخري استغلت أزماتنا وحصلت علي حصتنا من حركة السياحة العالمية بطرق مهنية وقرارات جريئة.