مصر أم العجائب.. حقيقة وليس تعبيرا مجازيا..، فعندما نتحدث عن صناعة الدواء المصرى ورسوخ جذورها وضخامة استثماراتها التى يقدرها البعض بالمليارات، وكيف انها إحدى الصناعات التى صمدت فى وجه تصفية القطاع العام واستطاعت أن تقدم المثال الحى للشراكة والتعايش بين قطاع الأْعمال العام والقطاع الخاص، سوف نشعر بالإفتخار فها هى صناعة مصرية رسخت على أرض الوطن وتجاوزت حدوده إلى دول أخري، إذا كان الوضع كذلك فما هو وجه العجب والاندهاش؟!! وجه العجب والاندهاش يتمثل فى ان هناك شبه اتفاق على ان العديد من المنتجات الدوائية للشركات التابعة لقطاع الأْعمال قد وقعت فريسة لجمود الاسعار، مما أثقل عبء الشركات بالخسائر المالية خاصة مع تزايد عبء الاجور والمرتبات وانعكس ذلك على قدرتها فى تطوير المنتجات وملاحقة التحديث فى عالم الدواء.ومن ثم كان الحديث عن إعادة تسعير الدواء الذى تجمدت اسعاره على مدى عشرات السنوات، أمر مقبول وغير مرفوض فلا يعقل أن يكون سعر منتج دوائى يعادل أو يقل عن سعر باكو من حلويات الاطفال أؤ علبه كانز من المياه الغازية!! وإذا كان البعض قد رأى فى تحريك الاسعار اجحاف بطبقة محدودى الدخل والفقراء فإن تحديد نسبة الزيادة وربطها بتوافرها وعدم حدوث اختناقات فى المعروض كان بمثابة عقد اجتماعي، اتفقت عليه جميع الاطراف ورضخ المواطنى - مصرى - للامر، عسى أن يخرج قطاع الأعمال من عثرته وتدور عجلة الانتاج. لكن ما حدث فى سوق الدواء من فوضى وخلل فى المعروض جعل مصر بحق بلد العجائب فقد اطلقت الشركات من عقالها ولم يعرف المواطن - مصرى - من المسئول عن هذا القطاع، ولمن يبث عجزه وقلة حيلته، قطاع حيوى ليس له كبير - حتى الحكومة ليس لديها تفسير ولا تبرير فانتهجت سياسة - ودن من طين وودن من عجين. وعلى غرار سياسة الدول المستعمرة فى الحقبة السابقة انتهجت الشركات سياسة الأرض المحروقة واصبحت الصيدليات فى وضع الاطراش فى الزفة لا تستطيع تقديم تفسير لسياسة - تجفيف عيون المصريين - باختفاء جميع قطرات العيون على الاطلاق ليس فقط المصنعة فى مصر والتى خضعت لتعديلات الاسعار لكن ايضا المستوردة من الخارج ولفترة اشهر فمن المسئول؟ سيكون الرد ممثلا فى أزمة الدولار، وسيكون رد المواطن، أليست عيون المصريين أولى من لعب الاطفال!! يكفينا ياسادة الكم الهائل من الامراض التى اثخنت جسد المصرى - ابتداء من السرطان مرورا بفيروس سى الى قلوب الاطفال، وحدث ولا حرج عن الإعلانات التى تتناول قضية الجوع وصراع الاطفال على طبق الطعام تكرار سيناريو فيلم الحرام. كما أن المفارقة تكمن فى ان (العيون) التى اثقلتها احداث الوطن وتوالى فقدان الشهداء والأحباء وانهكتها حرارة الجو والتلوث البيئى وتراكم القمامة إذا استمرت سياسة تجفيفها سوف تفقد قدرتها على متابعة العمل والإعلانات التى تزخر بكل ما هو جميل وبراق. وبالنسبة لصناعة الدواء نأمل فى أن يكون هناك جهة واحدة يمكن مخاطبتها لتوفير الدواء بالاسعار العادلة يدلا من الفوضى الراهنة التى انكمشت رؤيتها فى حدود التلاعب بالمواطن بدلا من توسيع قاعدة الإنتاج وتطيره والخروج بالصناعة إلى مجالات اوسع وارحب. لمزيد من مقالات نزيرة الأفندي