كشف اللواء حاتم باشات رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب والقيادى بحزب «المصريين الأحرار» عن الخطة الاستراتيجية التى تتبناها اللجنة فى مسار العلاقة بين مصر والدول الإفريقية، واقتراحات اللجنة التى تستهدف تعافى هذه العلاقة لكى تعود القارة للأحضان المصرية . وقال باشات فى حوار «الأهرام»- إن مصر أهملت القارة لفترات طويلة، وآن الأوان لأن نتجه نحوها وكفانا اهتماما بالغرب على حسابها، موضحا أن الركن الأساسى لخطة اللجنة هو التعامل مع كل دول إفريقيا بمسافات متساوية، وألا نهتم بدولة ما من أجل مشكلة أو مصلحة طارئة ؛ بل يجب أن يكون الاهتمام موصولا طوال الوقت مع جميع دولها وخاصة مع الدول التى لا تتوقع ولا تنتظر أن تقدم لها مصر أية خدمات، معربا عن سعادته بانتهاج الدولة حاليا لهذه السياسة والتى نتج عنها زيارة لرئيسى توجو وسيراليون لمصر وعقد اتفاقيات مشتركة بينهما. وأضاف أنه ثبت بالدليل القاطع أنه لن تكسب مصر هذه الدول - تحديدا - إلا عن طريق الثقافة والتعليم، لأن الاعتماد فقط على النواحى الاقتصادية والتجارية لن يحقق الاستراتيجية المرجوة، فالثقافة هى التى تؤثر فى وجدان الشعوب وتستقر فيها. وذكر أن مصر لديها باب ليس موجودا عند دول كثيرة وهو باب مكافحة الإرهاب وهو بوابة هامة جدا لإفريقيا، وأن اللجنة تبحث حاليا مقترحا لتأسيس أكاديمية مصرية - إفريقية لمكافحة الإرهاب الدولي ...وإلى نص الحوار .. بعد انتخابك رئيسا للجنة الشئون الإفريقية ..كيف وجدت حال هذا الملف؟ لا شك أننا بعيدون عن إفريقيا، وأهملناها لفترات طويلة، ولن أعول فقط على نظام الرئيس السابق حسنى مبارك لأنه كانت هناك ضغوط خارجية شديدة على مصر تستهدف أن تكون القاهرة بعيدة تماما عن هذه القارة؛ بل وعن الشرق الأوسط . وأنا دائما أسميها ب»القارة الذهبية» وليس «القارة السمراء» كما يطلق عليها العامة. وأؤكد ضرورة أن يكون الاهتمام بها من أولويات الحكومة والقرار السياسى المصري، وآن الأوان لأن نتجه إلى إفريقيا لأن هذا هو المستقبل الحقيقى لمصر، وكفانا اهتماما بالولايات المتحدةالأمريكية والدول الأوروبية على حساب هذه القارة، لأن الغرب لم يعد من ورائه طائل «مش جايب همه» . ما هى الخطوط الرئيسية للخطة الاستراتيجية التى تتبناها اللجنة؟ الخط العام هو التعامل مع كل دول إفريقيا بمسافات متساوية، وألا نهتم بدولة ما من أجل مشكلة أو مصلحة طارئة ؛ بل يجب أن يكون الاهتمام موصولا طوال الوقت مع جميع دول القارة ؛ وخاصة مع الدول التى لا تتوقع ولا تنتظر أن تقدم لها مصر أى خدمات بسبب تجاهل هذه الدول منذ عقود، فيجب أن نفاجئها بأننا نمد أيدينا لدعمها وتقديم الخدمات لها وتعزيز العلاقات على جميع المستويات، وهذا ما لمسناه فى السياسة التى تتبعها الدولة الآن من التوجه لهذه الدول، وهى سياسة تتماشى مع خطة لجنة الشئون الإفريقية فى البرلمان. هل تقصد توجو ؟ وسيراليون أيضا .. فقد شاهد الجميع زيارة الرئيس السيراليونى أرنست كوروما لمصر الأسبوع الماضى ولقاءه بالرئيس عبدالفتاح السيسي، والمباحثات التى تناولت سُبل تعزيز العلاقات الثنائية على الأصعدة المختلفة، وتطرقت للقضايا الإقليمية على الساحة الافريقية، ومن بينها الأوضاع فى منطقتى الساحل والصحراء وغرب أفريقيا، وأيضا ملف مكافحة الإرهاب باِعتباره خطراً مشتركاً يهدد جميع دول القارة. كما شاهدنا الرئيس السيسى وهو يشيد بنجاح سيراليون فى احتواء وباء الإيبولا، وتأكيده مساندة مصر للجهود التى تبذلها الحكومة السيراليونية للقضاء على المرض.وقد عبر الرئيس السيراليونى عن سعادته بحفاوة الاستقبال، وأشاد بدور مصر دوليا وإقليميا - ووقوفها المستمر إلى جانب الدول الإفريقية، وامتنان بلاده لوقوف مصر إلى جانبها وتقديمها للمساعدات خلال فترة تفشى وباء الإيبولا، والمنح الدراسية والتدريبية التى يحصل عليها أبناء سيراليون فى مصر. كما أكد أهمية استمرار الموقف الإفريقى الموحد، وأهمية القمة الإفريقية القادمة فى كيجالي، التى ستمثل فرصة هامة للحفاظ على تماسك الموقف الإفريقي. وقد زار الرئيس السيراليونى مصنع إنتاج وإصلاح المدرعات فى مصر، والمعرض الداخلى للمنتجات الحربية التى تنتجها شركات الإنتاج الحربى لتلبية احتياجات القوات المسلحة. كما شاهد الجميع زيارة فورى جناسينجبى رئيس توجو لمصر فى شهر إبريل الماضي، ولمدة ثلاثة أيام، رافقه خلالها 10 وزراء من حكومته، وهى أول زيارة ثنائية بين البلدين على هذا المستوى منذ 55 عاما، وجرى خلالها مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونتج عنها توقيع اتفاقيات هامة بين البلدين فى مجالات النقل البحري، والشباب والرياضة والثقافة، والإعلام، والبناء، والتخطيط الحضاري، فضلا عن البرامج التنفيذية بين وكالة توجو للصحافة والهيئة العامة للاستعلامات، وأيضا بين الإذاعة والتليفزيون المصرى ووزارة الاتصالات التوجولية. ورأينا الحفاوة التى قوبل بها رئيس توجو، وأيضا رأينا علامات السعادة والارتياح على وجهه وتصريحاته عن مصر، فقد عاش الرجل أجواء الأخوة والدفء فى بلد الحضارات، وزار معالمها السياحية . وماذا عن الخطوط الأخرى التى تعتمد عليها خطتكم؟ ثبت بالدليل القاطع أنه لن تكسب مصر هذه الدول - تحديدا - إلا عن طريق الثقافة والتعليم، وبالطبع بالتوازى مع قطاع الصحة، لأن الاعتماد فقط فى التعامل معها على النواحى الاقتصادية والتجارية لن يحقق الاستراتيجية المرجوة، فمثلا لن تستطيع طول الوقت ان تقدم لها مساعدات مالية أو عينية، فالمال ؛ أوالبترول ؛ أواليورانيوم أوالذهب ستنفد يوما ما، وستبقى فقط العلاقات المبنية على الثقافة والعلم والفكر، لأن الثقافة هى التى تؤثر فى وجدان الشعوب وتستقر فيها. انظر مثلا لدول «الأنجلوفون» و»الفرانكفون» و»الليزوفون» فى إفريقيا وتعلقهم بالثقافات الفرنسية والبرتغالية والبريطانية .والنقطة الهامة هى رصيد مصر الفكرى والثقافى فى إفريقيا. ولذلك يجب أن أخطط للمستقبل، وأن تعرف الأجيال الإفريقية القادمة مكانة مصر وثقلها التاريخي، وأن مصرلديها دوائر انتماء واهتمام بالقارة، وعلى رأسها الدوائر الدينية والثقافية والسياسية .. وخاصة الثقافية التى يجب استثمارها بمهارة، حيث ترسل مصر منذ عقود بعثات تعليمية مختلفة للدول الافريقية . وهنا لا بد أن أعبر عن سعادتى بأن الرئيس السيسى أوفد حتى الآن نحو ألف بعثة عسكرية لإفريقيا، وهو ماصرح به الرئيس نفسه منذ شهرين . كما يجب أن يكون فى مناهج التعليم بمراحله المختلفة فى مصر باب مخصص لإفريقيا ليتعرف الطلاب المصريون على القارة وأهميتها لبلدهم، وحجم التبادل التجارى والعلاقات التاريخية بيننا وبينهم .. فلقد أصبحت الثقافة الافريقية بالنسبة للطالب المصرى ؛ بل والمواطن ضعيفة جدا ولا يعرفها إلا عن طريق مباريات كرة القدم .. وأنا أعتبر ذلك مصيبة . ماذا عن الاقتراحات التى تتبناها بشأن شبكات الطرق مع القارة؟ أصبح لدينا فى مصر حاليا شبكة طرق دولية رائعة، ويجب أن نستغل هذه الطرق دوليا وإفريقيا، وأقترح إنشاء طريق من الإسكندرية إلى جدة بالسعودية، لو تم ذلك بالتوازى مع شبكة الطرق والجسر المصرى السعودى فستستفيد بها مصر داخليا وإفريقيا ايضا، وستتحول لنهضة كبيرة فى هذا المجال.وهناك اقتراحات أخرى نتواصل فيها مع الوزراء لتنفيذها على أرض الواقع . مثل ماذا؟ لدينا فى مصر قوة بشرية هائلة يجب استغلالها بطريقة غير اعتيادية «خارج الصندوق ».. ولذا اقترحنا مشروع قانون«الخدمة الوطنية للشباب المصرى فى إفريقيا« على غرار قانون «الخدمة الوطنية« فى الجيش بمصر، حيث يستهدف القانون الشباب المصرى الذى يريد الالتحاق بالتجنيد أو الذى لم يصبه الدور أو العاطل وإرسالهم فى وظائف للدول الإفريقية لمدة محددة وبرواتب، ولو انتهت مدة خدمة الشاب يعود لمصر، ولو أراد البقاء هناك بعد انتهاء المدة فلا مانع من ذلك بعد أن استفادوا من مدة تجنيدهم هناك وتم توفير فرص عمل لهم، وبالطبع هذه خطوط عريضة لمشروع القانون لكن هناك تفاصيل أخرى . لدى مصر أيضا باب ليس موجودا عند دول كثيرة وهو باب مكافحة الإرهاب وهو بوابة هامة جدا لإفريقيا وبإمكانها استغلاله جيدا فى العلاقات مع القارة ..وأسعى حاليا لبحث تأسيس أكاديمية مصرية - إفريقية لمكافحة الإرهاب الدولى لأن مصر لديها خبرة عالية جدا فى هذا المجال وتستطيع استغلال ذلك فى علاقاتها مع إفريقيا عن طريق إرسال بعثات مثلا . هناك مقترح آخر يتضمن إطلاق قناة فضائية تتحدث بلسان مصر والدول العربية بدلا من قناة الجزيرة القطرية التى تسيطر على الأجواء فى الدول الإفريقية ويأخذون عنها كل شيء.. وينتابنى الشعور بالأسف عندما كنت فى زيارات لدول افريقية وشاهدت ذلك بعيني، وأننا حتى الآن لم نستطع إطلاق قناة فضائية . لدينا فى اللجنة اقتراحات كثيرة ونسير فى تحقيق بعضها قدر المستطاع. أين الحكومة من اقتراحاتكم؟ تحدثت مع عدد من الوزراء، وودعوتهم وبعض المؤسسات للاجتماع بهم بعد إجاز عيد الفطر والبحث مع كل وزير سبل تعزيز العلاقات مع القارة الذهبية وخطة وزارته فى هذا الملف .. وسأبدأ باتحاد الإذاعة والتليفزيون والأزهر ومدينة البعوث الأزهرية وجامعة الأزهر ووزارتى الأوقاف والطيران المدنى . وتحدثنا مع وزارة الطيران بشأن مقترح لنا بتخصيص طيران مدنى مصرى منخفض السعر داخل إفريقيا لأن إثيوبيا هى المنتشرة فى إفريقيا بالنسبة للطيران المدنى ويجب على مصر تخفيض الأسعار ؛ حتى تجذب الراكب الإفريقي، وربما فى أول عام لا تحصل شركة مصر للطيران على مكاسب مرضية لكن فى الأعوام التالية سيكثر عدد ركابها من إفريقيا وتكون قبلة للأفارقة. كما ناقشنا مع وزير السياحة إمكانية فتح المجال أمام الأفارقة فى السياحة والعكس وفى البرلمان بحثنا مع بعض اللجان سبل تعزيز العلاقات بين اللجان البرلمانية الإفريقية .. وفى هذا الصدد ولأول مرة فى تاريخ مصر، سيحضر كل رؤساء الاتحادات الرياضية الإفريقية المقيمين فى مصر - عددهم 17 رئيس اتحاد لعبة افريقية - إلى البرلمان المصرى فى يوم 18 من الشهر الجارى بناء على دعوة من لجنة الشئون الإفريقية، لفتح حوار جديد معهم وكيفية الاستفادة فى مجال الرياضة .. وسيشارك معنا أعضاء لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان. ما هى أبرز الدول التى علاقتنا بها متميزة ؟ عندنا دول لا بأس بها، ومنها تشاد وزيمبابوى وإريتريا وتوجو، وعلاقتنا بالكونغو ممتازة، ومؤخرا تحسنت علاقتنا بجنوب إفريقيا وغينيا التى يعود الفضل بالنسبة لغينيا إلى رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب. علينا الانتباه إلى أن مصر تعيش حتى الآن على تاريخها فى دعم حركات التحرر الإفريقية التى كانت تدعمها عن طريق الجمعيات الافريقية التى كانت تقيم فى مصر ويجب أن نلمح دائما لهذا التاريخ ولكن بحكمة وذكاء شديدين . منذ أيام نظمت حفل إفطار حضرته نحو مائتى شخصية دبلوماسية، أغلبهم أفارقة ومن بينهم سفير جنوب السودان وسفير شمال السودان والسفير الاسترالي، وقلت أمامهم : « إنى أرحب بسفيرى جنوب وشمال السودان اللذين أعرفهما منذ عام 1997عندما كان السودان جسدا واحدا، وهو حاليا جسد واحد برغم الانفصال وسيظل جسدا واحد بفضل لجنة الشئون الإفريقية فى البرلمان المصري» فبدا على وجوه الحضور الارتياح لهذه الكلمات. لمست من اقتراحاتك التركيز على الشباب المصرى والإفريقي..ما تعليقك؟ بالطبع، الاهتمام بالشباب المصرى والإفريقى والترابط بينهم من أولويات خطتنا .. وأريد أن أنبه الشباب لحجم المؤامرات التى تحاك ضد بلدهم، ولذا عليهم التمسك بوطنيتهم وقيادتهم وجيشهم ومعرفة كل شيء عن الخطر الذى يهدد مصر.