انطلاقا من اهتمامها بإفريقيا تستضيف مصر مؤتمرين مهمين علي التوالي في شرم الشيخ هذا الأسبوع, يهدف الأول لدعم فرص الاستثمار والنهوض بالبنية الاساسية في دول الشرق والجنوب الإفريقي. ويرمي الثاني إلي التوصل إلي اتفاقية مشتركة للاستفادة بأكبر قدر من الفاقد في مياه حوض النيل من خلال مشروعات وهيئة مشتركة لإدارتها بما يحقق مصالح الجميع ويساعد علي زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين مستوي المعيشة لشعوب دول الحوض العشر. المنتدي الثالث للاستثمار في دول الكوميسا يبحث مجالات وفرص الاستثمار في البنية الاساسية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والخدمات المالية غير المصرفية, وتقديم إفريقيا علي خريطة الاستثمار العالمي بشكل جديد يشجع علي تدفق الاستثمارات الأجنبية عليها. فبالرغم من أن تجمع الكوميسا حقق بعض الانجازات منذ انطلاقه عام1993 مثل موافقة14 من دوله العشرين علي تخفيض رسومها الجمركية, وإنشاء47 مركز معلومات للتجارة لتوفير المعلومات حول الفرص المتاحة للصادرات والواردات, والمؤشرات الاقتصادية الكلية لكل دولة عضو, وكذلك موقع علي شبكة الإنترنت لتوفير المعلومات للمستثمرين, وزادت حركة التجارة البينية بين دولها من3.2 مليار دولار عام2000 إلي15 مليارا عام2008, إلا أن الأهداف الاساسية من إنشاء التجمع لم تتحقق, بعد. فمازال الاتحاد الجمركي الذي يمهد للسوق المشتركة عام2014 ثم لقيام الاتحاد الاقتصادي عام2025 واستكمال الخط الملاحي كركيزة اساسية لتنمية التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء لم تتحقق ومازالت هناك عقبات كثيرة مثل صعوبة وارتفاع مصاريف الشحن وتفضيل الشراء من المعروض في السوق علي عقد الصفقات المستقبلية, والحروب والقلاقل التي تحتاج كلها إلي حلول لكي يتم تشجيع الاستثمارات الخارجية, والنهوض بمستوي معيشة400 مليون إنسان يعيشون علي أرض التجمع. ولا تقل أهداف مؤتمر وزراء مياه دول حوض النيل العشر أهمية عن أهداف مؤتمر الكوميسا. فمئات المليارات من الأمتار المكعبة المهدرة في دول الحوض(1600 مليار م3) سنويا تحتاج إلي تعاون أكبر وأسرع بين دول الحوض للاستفادة بأكبر قدر منها في استصلاح الصحراء والقضاء علي الجفاف, وتوليد الكهرباء التي لايتمتع بها سوي70% فقط من أبناء دول الحوض باستثناء مصر. وقد تم الاتفاق علي بنود مبادرة حوض النيل التي أطلقتها القاهرة قبل عشر سنوات, ولم يتبق سوي ثلاثة نقاط مختلف عليها نرجو أن يتمكن المؤتمر من الاتفاق بشأنها حتي لا يظل التعاون المقترح معطلا بما لا يخدم مصالح شعوب البلدان العشرة التي تكافح للنهوض بمستوي المعيشة وجذب الاستثمارات الخارجية التي تحتاج بدورها إلي بنية اساسية جيدة. فإذا كانت لدينا كميات هائلة من المياه تضيع في المستنقعات والشقوق الجبلية والتبخر وبإمكاننا التعاون للاستفادة بجزء منها يعود علي جميع دول الحوض بالخير, فلماذ نصر علي تغيير معاهدات دولية معترف بها قانونيا تضمن لدولة المصب( مصر) حصة معقولة من المياه لأنها ليس لديها مورد آخر غير مياه النيل؟ لقد اقترحت مصر مشروعات مشتركة لهذا الغرض, ووقعت اتفاقيات تعاون مع معظم دول الحوض, خاصة إثيوبيا وأوغندا تنص علي ألا تضر أي منها بمصالح الاخري, واتفاقيات أخري للقيام بتمويل مشروعات لحفر الآبار وإقامة السدود الصغيرة لتجميع مياه الأمطار وإزالة الحشائش التي تعوق تدفق المياه, وقامت بالفعل بتنفيذ الكثير منها كبادرة حسن نيه. فلماذا لانفضل التعاون علي الخلافات؟!