فالعداء لها له مخاطره الشديدة، والتحالف معها يقترن دائما بالمصائب والدمار!». أما ما تناساه كيسنجر وكان يجب عليه ذكره هو: إن أمريكا تعد أكبر قوة مارقة فى العالم، لكونها مستثناة هى وجنودها وقادتهم. - فيما ارتكبوه ويرتكبونه من جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية وجرائم اعتداء - من المثول والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية بهولندا التى وقعت 121 دولة على قانون تأسيسها لمحاكمة مجرمى الحرب ومرتكبى الفظائع ضد الإنسانية، ووضع حد للثقافة العالمية المتمثلة فى إفلات مرتكبى هذه الجرائم من العقوبة.. من هنا يتابع العالم قادة وحكومات وشعوباً انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام وكل أربعة أعوام، لما لها من تأثيرات وانعكاسات خطيرة على قضاياهم الحيوية، فالولاياتالمتحدة تستطيع بقدرة قادرة أن تجعل الأسود أبيض والأبيض أسود وفقاً لمصالحها وتحقيقاً لهيمنتها على العالم بما تملكه من عوامل وأسباب القوة. فأمريكا أكبر قوة عسكرية فى العالم، حيث تمتلك 7700 رأس نووية منها 2000 رأس متأهبة للانطلاق فى ثوان معدودة، ولديها 750 قاعدة عسكرية فى 130 دولة وتنشر أساطيلها وبوارجها الحربية فى محيطات وبحار العالم وترتبط باتفاقيات عسكرية وأمنية مع عدد كبير من دول العالم. كما تحتكر الولاياتالمتحدة خُمس التجارة العالمية وثلث المؤسسات والشركات العالمية الكبرى والمتعددة الجنسيات وهى البلد الذى يجرى استخدام عملته وهى الدولار فى أكثر من نصف المعاملات والتعادلات الدولية، وهى أيضاً أول مصدّر ومستورد ومستثمر خارجى فى العالم وأول دولة مستقطبة لرؤوس الأموال الأجنبية، كما أنها تهيمن على منظمة حلف شمال الأطلسى ووسائل الميديا والإعلام وصندوق النقد والبنك الدوليين والمنظمة العالمية للتجارة ومجموعة الدول السبع الكبرى الصناعية ومنظمة التنمية والتعاون الدولي، ناهيك عن هيمنتها الكاملة على الأممالمتحدة باعتبارها من الإدارات التابعة للخارجية الأمريكية تتلقى التعليمات منها وتخضع إداراتها وإراداتها والمجتمع الدولى للسياسة الأمريكية وقد بدا ذلك واضحاً فى استخدام واشنطن الفيتو أكثر من 70 مرة لمصلحة إسرائيل وضد الشعب الفلسطينى والعربي. ولهذه الأسباب - وغيرها الكثير- يتابع العرب قادة وحكومات وشعوب انتخابات الرئاسة الأمريكية لما سيكون لها من تأثيرات وانعكاسات خطيرة على القضايا العربية الحيوية- والتى انتهت مرحلتها التمهيدية بفوز هيلارى كلينتون عن الحزب الديمقراطى ودونالد ترامب عن الحزب الجمهورى مرشحين للرئاسة الأمريكية فى الانتخابات التى ستجرى يوم 8 نوفمبر المقبل ليؤدى الفائز منهما القسم الرئاسى يوم 20 يناير المقبل ليصبح الرئيس ال 45 لأمريكا لمدة أربع سنوات مقبلة. ومع احتدام المنافسة وسخونة المعركة الانتخابية الآن بين كلينتون وترامب فإنه من الصعب التكهن أو الرهان على فوز أى منهما، وإن كانت استطلاعات الرأى - فى حال ما أجريت الانتخابات اليوم ترجح فوز كلينتون لتكون أول سيدة ترأس أمريكا، ومهما كانت توقعات العرب وتحليلاتهم حول نتائج تلك الانتخابات والفائز فيها وتأثير ذلك على قضاياهم ومستقبل المنطقة، فإن الحقيقة التى يجب أن يدركها العرب أن من سيفوز سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً لن يستطيع أن يخرج عن السياسة الأمريكية خاصة ما يتعلق منها بدعم ومساندة إسرائيل على طول الخط والكيل بمكيالين تجاه حقوق العرب فى فلسطين والجولان والموقف الأمريكى المفتعل والبطيء والغامض من مكافحة الإرهاب والقضاء على داعش ومن هم على شاكلتها فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، فالمشهد الانتخابى واضح وكلا المرشحين يزيد على الآخر فى استماتة لإثبات الولاء لإسرائيل وتمسكه بأمنها وتفوقها العسكرى والاقتصادى لكسب أصوات اليهود فى تلك الانتخابات، لينافس فى حالة فوزه كل من سبقه من الرؤساء سواء من الحزب الديمقراطى الذى يتخذ الحمار شعارا له أو الحزب الجمهورى الذى يتخذ الفيل شعاراً له فى اختيار أفضل الطرق والإمكانات لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية التى هى من وضع المؤسسات التشريعية والسياسة والاقتصادية والعسكرية والتى تكرس خدمة المصالح الامريكية والإسرائيلية فى المنطقة ولا تتغير بتغير الرؤساء. لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين