هناك أربعة أسباب تدفعنى كى أتناول هذا الموضوع الهام والأسباب ببساطة فى مقدمتها الاهتمام الذى يبديه الرئيس لتحقيق العدالة الاجتماعيه وبسط مظلة الأمان الاجتماعى ومنها إقرارعلاوة 10%لأصحاب المعاشات فى حدود إمكانيات الدولة والسبب الثانى أن أموال التأمينات هى ملك لأصحاب المعاشات وليست ملكا لسواهم سواء الذين يؤتمنون على حسن إدارتها والاجتهاد لتحقيق أعلى عائد أو الحكومة ذاتها ، أما السبب الثالث فمؤداه تساؤل حول العائد الذى يحققه الآن استثمار أموال التأمينات والذى لا يغطى قيمة المعاشات وهل يمكن إدارة هذه الأموال بما يحقق عائدا أعلى من الحالى يكفل معاشات كريمة محترمة تزيد على العلاوة المقررة وهل المعاشات بطبيعتها تخضع لعلاوة سنوية كالأجور أم أنها تفلت من هذا الروتين لتستمتع بنصيب عال من عوائد استثمار أموالها وقد يزيد على مقدار تلك العلاوة وربما يتزايد ولذا فالسؤال هل هذا ممكن وبأى وسيله ؟ والسبب الرابع فى اعتقادى أننى على يقين من قدرة ومقدرة السيدة وزيرة التضامن على إعادة هيكلة أموال التأمينات وعلاج هذه المشكلة بما لديها من خبرات تنموية واجتماعية وتاريخ حافل فى هذه المجالات وقدرتها على الابتكار واستشراف الأفكار الجديدة ولذا من المتصور أن تتحول قضية المعاشات من الغضب إلى المشاركة فى وضع الحلول التى تحفظ كرامة أصحاب المعاشات. وهناك بعض الأسئلة الضرورية : هل يمكن زيادة العائد من استثمار أموال التأمينات وأن تدار بطريقة استثمارية واقتصادية تحقق بالفعل أعلى عائد يمكن معه زيادة المعاشات ؟ وهل القانون الحالى الذى يحكم وينظم المعاشات هو الأمثل أم بات من الضرورى إصدار قانون جديد خاصة مع تغير الظروف التى صدر فيها حيث ارتفع متوسط العمر كما تغيرت الظروف والأحوال الاقتصادية والمعيشيه ولم يعد مناسبا للأوضاع الجديدة كما أن الحكومة بعدما جرى من تسريب لجانب من أموال التأمينات إلى وزارة المالية أصبحت فى وضع حرج يحتاج إلى عملية متأنية تعيد الحق إلى أصحابه وبما يوفر أموالا يمكن استثمارها بما يعود على أصحابها بعائد محترم بعيدا عن الحكومة أو تحملها أعباء مالية وبما يسفر عن وحدة أموال التامينات لتكون كتلة واحدة تحت سيطرة ومسئولية جهة واحدة. والخلاصة أن فك هذا الغضب يقتضى امرين أولهما إعادة هيكلة أموال التأمينات وإدارتها وذلك من خلال إنشاء كيان مستقل بنظام قانونى خاص يديره مدير محترف ذو خبرة ودراية وتاريخ محترم ومعه طاقم خبرات استثمارية عالية الكفاءة تقوم بوضع إستراتيجية واضحة للاستثمارات تتضمن عدة سيناريوهات حول المخاطر والعوائد المتوقعه ووضع سياسه استثماريه لتغطية احتياجات هيئة التأمينات ( دون اللجوء للحكومة كما يحدث الآن لتغطية عجزها) وتحقيق العائد المطلوب لتغطية التزاماتها مع وجود لجنة متخصصة من الوزارة لمتابعة الأداء دوريا وفق تعريف محدد لمعايير النجاح. الأمر الثانى هو الاعتراف بفشل نظام المعاشات الحالى وعدم قدرته على الاستدامة المالية فى الأجل الطويل كما أنه لا يحقق الكفاءة الاقتصادية والعدالة فى توزيع الدخل ويواجه تحديا خطيرا هو ارتفاع التكلفه المالية للمعاشات المستحقة مستقبلا لأسباب عديدة منها ارتفاع سن المؤمن عليهم وتعمد بعض المشتركين وضع بيانات خاطئه للتقليل من اشتراكاتهم وتهرب البعض من سدادها كما أن هناك قطاعا يمثل نصف الاقتصاد خارج المنظومة التأمينية ويمثل دخوله فيها توفير موارد جديدة لدعم أموال التأمينات ، ولذلك فإن من الضرورى إجراء إصلاح قانونى شامل لنظام المعاشات وتعديل هيكل الاشتراكات ووضع آلية للمحافظة على القيمة الحقيقية للمعاشات والتى تتآكل وتتناقص بفعل ارتفاع الأسعار وعندئذ سوف يختفى غضب أصحاب المعاشات حاليا ومستقبلا. لمزيد من مقالات عصام رفعت