للدعوة والإفتاء مكانة عظيمة فى الدين الإسلامى فهما رسالة الأنبياء والرسل للناس ومسئولية الإفتاء عظيمة وشريفة فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يتولى هذا المنصب الشريف فى حياته باعتبار التبليغ فكل ما ينطق به هو وحى من الله كما قال تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى)، هذا ما اكده لنا الدكتور سعيد عامر الأمين العام للدعوة والإعلام الدينى بمشيخة الأزهر. وقال فى حوار ل «الأهرام» أننا نعيش فى زمان تضاربت فيه الفتاوى وطلع علينا فيه رءوس يفتون الناس بغير علم ويستفتيهم من هو جاهل بأبسط قواعد العلم الشرعى بل واختلف العلماء فى فتاواهم التى يطلعون بها الناس وتصدر للإفتاء فى الفضائيات من ليس أهلا له، ويتعمد أن يسلط عليه الأضواء ليكون رمزا من رموز الأمة وهو اجهل ما يكون بأحكام الوضوء.. والى نص الحوار: ما رؤيتك لحال الدعوة فى مصر؟ الدعوة الإسلامية هى رسالة الأنبياء والرسل للناس جميعا والعلماء هم ورثة الأنبياء، وقد مدح الله عز وجل كل من قام بتبليغ دعوة الله على مراد الله فقال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33). وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم فقال (بلغوا عنى ولو آية) فأصبحت الدعوة هى رسالة العلماء بعد أنبياء الله لذا يجب أن يكون هناك تنسيق وتعاون بين المؤسسات الدينية المعنية فى مصر وهى الأزهر الشريف وبه مجمع البحوث الإسلامية والذى يضم من إداراته الأمانة العامة للدعوة والإعلام الدينى وكذلك وزارة الأوقاف ومعها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، هذه المؤسسات كلها يجب أن يكون بينها تنسيق وتعاون وتكامل وعند ذلك تثمر الدعوة فى بلدنا وتؤتى أكلها . وما الدور الذى تقوم به لجنة الدعوة فى هذا الإطار؟ الأمانة العامة للدعوة والإعلام الدينى بمجمع البحوث الإسلامية منوط بها الدعوة ونشر الفكر الوسطى ومحاربة الأفكار الهدامة وتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر الفتاوى البعيدة عن التطرف والشذوذ، والوعاظ بالأزهر عملهم عمل ميدانى منوط بهم فى كل مؤسسات وهيئات الدولة ومراكز الشباب والنوادى فضلا عن المساجد والتعاون والتنسيق فى المجال الدعوى مع القوات المسلحة المتمثلة فى التوجيه المعنوى وكذلك وزارة الداخلية، وعقد ندوات ومحاضرات بمراكز الشباب وفى أثناء الفصل الدراسى بالمدارس والمعاهد وفى الفترة الصيفية كذلك فى قصور الثقافة والمدارس التى بها النشاط الصيفى بمشاركة الوزارة بالنشاط الصيفى فى المدارس. وماذا عن نشاط اللجنة فى شهر رمضان؟ هناك تنسيق مع جميع المؤسسات والمساجد للمشاركة فى المجال الاجتماعى لمساعدة الناس لان أحب الناس إلى الله انفعهم للناس وكذلك إقامة الصلوات والتراويح وإلقاء المحاضرات بالإضافة إلى العديد من المناسبات الدينية والوطنية فى شهر رمضان ما هى السمات الواجب توافرها فى الداعية ومن هو الشخص المؤهل للدعوة ؟ الداعية إلى الله عز وجل يجب أن يتسلح بالسلاح الحقيقى وهو العلم النافع لان الناس يقبلون على من اتصف بالعلم النافع ويكون محل تقدير الناس كما قال ربنا عز وجل فى كتابه العزيز (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم) فالعلم أساس الدعوة ولا يمكن أبدا للدعوة أن تتم على الوجه الذى يرضاه الله عز وجل إلا إن كانت مبنية على العلم النافع، والعاطفة الدينية الموجودة عند الدعاة لا تكون وحدها بل لابد من العلم الدينى الذى يبنى عليه دعوته. كيف ترى مستقبل الدعوة فى مصر ؟ الدعوة الآن تسير فى مسارها الصحيح، فهناك تنسيق بين المؤسسات الدينية وهناك دورات تدريبية يقوم بها المجمع والرواق الأزهرى واللجنة العليا للوعاظ والأئمة الوافدين بهدف تطوير الداعية وكذلك تطوير المنهج الدعوى والخطاب الدينى وكذلك تكليف السادة الوعاظ بإعداد وكتابة 3 موضوعات على الأقل فى كل أسبوع وتقيم هذه الموضوعات من قبل الأمانة العامة للدعوة فهذا يؤدى إلى الدور الذى نحصن به الناس من الأفكار الشاذة المتطرفة وكذلك المغلوطة. ماذا عن حال الإفتاء فى مصر؟ الأحكام تعرف عن طريق الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويليهم فى التبليغ العلماء الربانيون المؤهلون لتبليغ شرع الله وجدير بمن يبلغ ويبين أحكام الله تعالى أن يتصف بجميع الصفات الحسنة العلم النافع وحسن الخلق وسلامة السلوك ونحن اليوم فى زمن تضاربت فيه الفتوى وطلع علينا فيه رءوس يفتون الناس بغير علم ويستفتيهم من هو جاهل بأبسط قواعد العلم الشرعى وتصدر للإفتاء من ليس أهلا له وهذه الفتوى تسيء إلى سمعة الإسلام وأهله وتلبس على الناس أمر دينهم وليس كل داعية يصلح للإفتاء ويجب على الناس أن يبحثوا عن أهل العلم. كيف يمكن مواجهة فوضى الفتاوى؟ أرى أن الحل يكون فى تعميق الشعور لدى المجتمع والأفراد بأهمية منصب الإفتاء وتأسيس الفتوى على علم صحيح مبنى على الكتاب والسنة وأقوال الأئمة والتحوط البالغ فى الحكم بتكفير احد المسلمين والتدقيق فى أهلية المفتين بالإضافة إلى ضرورة وجود لجان رسمية شرعية للإشراف على الفتاوى فى المنابر الإعلامية وعلى ولاة الأمر تنظيم عمل الإفتاء والعناية بمؤسسات الفتوى وتعزيز دور المجامع الفقهية فى الدول الإسلامية. هل ترى أن مشروع القانون الخاص بتنظيم الفتوى الذى دعا إليه بعض السياسيين ونواب البرلمان سيحل أزمة فوضى الفتاوى؟ اسأل الله تعالى ان يرى هذا القانون النور وأنا أؤيد ذلك لان وجود قانون لتنظيم الفتوى سيجعل الفتوى مقننة ومحددة المعالم من قبل المتخصصين فقط وسنجنى لها ثماراً طيبة. كيف يمكن تجديد الخطاب الدينى؟ الأمة الإسلامية والعالم يمر بمرحلة عصيبة وحرجة، ولا شك أن هذا الواقع المؤلم فى حاجة إلى تجديد الخطاب والخطيب معا تجديدا يتفق على أولوية العمل بما تقتضيه ظروف المرحلة من رأب للصدع وتوحيد للصف ومواجهة للفكر المنحرف بكل الطاقات والإمكانات لاستئصال شأفة الإرهاب وتفنيد شبهه وكشف زيفه وعواره وتحصين المجتمع من آثاره المدمرة ونشر صحيح الدين ليعيد للأمة عزها ومجدها تجديدا لا ينكر الأصول والثوابت بل يعرض عظمة الدين بلغة عصرية يفهمها كل شخص مستخدما أدوات العصر وآلياته ومعطياته ويسخرها لخدمة الأمة بالدين، فالتجديد عودة للمنابع والأصول عودة كاملة صافية بتصحيح المفاهيم الفاسدة ودعوة للثبات على الحق وترك التقليد الأعمى القائم على الاتباع والمحاكاة على غير بصيرة والسعى لبناء وعى إسلامى حضارى يصلح الدنيا ولا يفسدها. وكيف يمكن مواجهة التطرف والإرهاب؟ إذا كانت مجتمعاتنا اليوم تنادى عبر هيئاتها ومنظماتها للإصلاح والتنمية ومكافحة التطرف والإرهاب فإنها ستجد لا محالة فى العلم النافع ضالتها المنشودة وفى إيجاد جيل من الدعاة متسلح بالعلوم والمعارف جوهرتها المفقودة، ومن هنا تأتى ضرورة حسن الإعداد ودورات التدريب والإعداد للرجال الذين يحملون لواء الدعوة إلى الله تعالى عبر العصور والأجيال لتوجيه جميع طبقات المجتمع البشرى للفضائل والقيم والمثل العليا ومن هنا نتبين انه يجب التخلى عن الجمود الفكرى وعن التقليد الأعمى لان الجمود يسيء إلى الإسلام لدى خصومة وأصدقائه على السواء، وذلك من خلال وسائل عدة وهى الدورات التدريبية للائمة والوعاظ على مستوى العالم والقوافل التى تجوب العالم للدعوة إلى السلام العالمى وتحصن عقول الشباب من التردى فى بؤرة الإرهاب وأيضا المؤتمرات فقد عقد الأزهر مؤتمرات عدة من اجل هذا الغرض.