مقتل بن لادن علي أيدي كوماندوز البحرية الأمريكية في2 مايو2011 في باكستان كانت صدمة غير متوقعة لتنظيم القاعدة لكن ذلك لم يقض عليها. كان بن لادن المؤسس والملهم والقائد لتنظيم القاعدة ومايسترو عملية11 سبتمبر2001 المذهلة التي أودت بحياة3000 أمريكي. في ضربة واحدة. أنشأ بن لادن القاعدة وتركها تنمو بدون اتصال مباشر معها وأطلق لها عنان الخيال والمبادأة واتخاذ القرار. لذلك لم يكن متوقعا أن يتأثر هذا التنظيم الهلامي بغياب بن لادن, لكن عوامل أخري استجدت في نفس الفترة علي امتداد العالمين العربي والإسلامي كانت لها تأثيرات مهمة علي تنظيم القاعدة. خلال العام الماضي, وبعد مقتل بن لادن, تبنت جماعات ذات صلة بالقاعدة عمليات فدائية في إفريقيا والعراق وجنوب اليمن, ودخلوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية; كما تعرضت القاعدة لهجمات من طائرات بدون طيار أمريكية وبوجودها اغتيل أعداد من أعضاء التنظيم. ما وقع في أيدي الأمريكيين من معلومات في عملية اغتيال بن لادن ساعد في إدارة العمليات الموجهة للعالم العربي ومن أهمها في اليمن مقتل الجهادي ز س2011 مالك حسن المتهم بمقتل13 أمريكيا في منطقة عسكرية أمريكية, كما كان له دور في التخطيط لتفجير طائرة أثناء هبوطها في دترويت في أمريكا. ويطلق علي هذا الفرع الجهادي في اليمن: القاعدة في شبه الجزيرة العربية وهو الأشد خطرا علي الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي كل الأحوال, ومن خلال أنشطة القاعدة, يواجه العالم مشروعا مضادا معقدا بكل أفراده وأفكاره وخبراته وأسلحته, ولذلك سوف يحتاج وقتا طويلا لهزيمته والقضاء عليه. ومازالت القاعدة حتي الآن وفي أماكن كثيرة تشعل العنف ضد الباكستانيين, والأفغان والهنود واليهود. ويري الخبراء أن مستقبل القاعدة سوف يتحدد بالثورات الشعبية علي امتداد العالم العربي وباختفاء بن لادن بعد اغتياله. فالقاعدة ليست هي التي فجرت العنف في المنطقة بل هي التي ساعدت عليه, والآن وبعد التخلص من نظم الحكم الدكتاتوري في بلاد مثل مصر وتونس وليبيا سوف نري ما الذي سوف ينبثق من هذا النظام الجديد. لاشك أن عملية التحول الديمقراطي في المنطقة العربية سوف تخلق مناخا مختلفا يحد من الفساد, وانتشار المفاهيم المتطرفة, ويقلل من تأثيرها علي الأجيال الجديدة. وأحداث الربيع العربي التي وقعت في بعض الدول العربية أثبتت أن تنظيم القاعدة ينحسر تأثيره مع الوقت. والنتيجة أن عمليات إرهابية سوف تقع من آن لآخر, إلا أن استقرار الأوضاع, وتطورات قدرات الأجهزة الأمنية, وتطبيق القانون بحسم, سوف يعمل في النهاية علي انحسار أنشطة تنظيم القاعدة والقضاء عليها في النهاية. فكل من تظاهر محتجا في تونس ومصر كان مطلبه الحرية والعدالة, ورفع مستوي المعيشة, وكلها أشياء كانت بعيدة تماما عن أجندة تنظيم القاعدة. ولهذا السبب لم ينجح تنظيم القاعدة في توفير الرخاء والقيام بدور تحريري أو اقتصادي ناجح في البلاد التي انتشر فيها, كما لم يبد كقوة دافعة للمجتمع وحريصة علي تحقيق رخائه. وبدا من البداية أن تنظيم القاعدة لا يصلح لأن يكون شريكا لحكومة أو لثورة شعبية في المستقبل القريب. القاعدة أيضا كانت لها خلايا حية ونائمة في معظم الدول العربية لأسباب مختلفة, وكلها كانت للهدم وبث الخوف وليست للبناء. وفي النهاية بدا تنظيم القاعدة في العالم العربي غير صالح لأن يكون ممثلا مقبولا من الجماهير. في بعض الأوقات عكس موقف قادة القاعدة من ثورات الربيع العربي قدرا من التأييد الخافت لصعوبة اتخاذ الموقف مضاد. فكل من بن لادن والظواهري أصرا علي اقتلاع نظم حاكمة في العالم العربي, وانتقدت في نفس الوقت توجهاتهم لنظم حكم جديدة ذات طبيعة ديمقراطية لا ترضي عنها القاعدة من حيث أنها لا تتمشي مع الشريعة بتفسيراتها المتطرفة. وخلال فترة قصيرة طفت علي السطح تساؤلات حكومية جديدة في مصر وتونس وليبيا واليمن, وهل يكون لتنظيم القاعدة مقعد في برلمانات هذه الدول أم لا؟! فمعظم الثورات العربية قادها في البداية شباب وحركات ديمقراطية لكن سيطرت عليها بعد ذلك في كثير من الأحيان جماعات ذات طابع إسلامي معتدل أو متطرف. وفي ظل المناخ الديمقراطي في مصر ظهر علي الساحة شخصيات من الجماعة الإسلامية والجهاد صار لهم حضور في تجمعات ميدان التحرير بدون قبول من الجمهور العام, بالإضافة إلي أحزاب رسمية ذات طابع إسلامي تحاول أن تطرح علي الجمهور رؤية وسطية حتي ولو كانت جذورها متشددة. وفي بعض البلاد العربية التي مازالت تحت وطأة وجود تنظيم القاعدة تحرص الأخيرة علي إضعاف الحكومة المركزية وتقسيم الدولة والمجتمع إلي أجزاء كما في حالة العراق والصومال واليمن. وقبل سقوط العقيد القذافي وشيوع عدم الاستقرار داخل البلاد تورطت ليبيا في أوضاع خطيرة انتشرت فيها الأسلحة الثقيلة والصواريخ ووصل بعضها إلي منظمة القاعدة في المغرب الإسلامي. ونفس الشئ تكرر علي الحدود الليبية-المصرية حين نجح حرس الحدود المصري في ضبط كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة ومن بينها صواريخ طويلة المدي.