بعد أن صارت حكومة نيتانياهو ليبرمان أمرا واقعا، تفجرت على الفور توابع النفق اليمينى الذى انزلقت إليه تركيبة الحكومة الإسرائيلية لتتجاوز فى خطرها على عملية السلام، بل تطال نظرية الأمن الإسرائيلى التى يروج لها نيتانياهو ليتهرب من اى استحقاق فلسطينى. وينكص فى حل الدولتين المستقر عليه عالميا، متنكرا لكل المواثيق والقانون الدولى والاتفاقيات الموقعة، لأن تمترس نيتانياهو خلف الأحزاب الدينية المتطرفة يؤكد انه لا سلام ولا مشروعات تسوية ولا أى حلول من الممكن ان تتمخض عن هذه التركيبة العنصرية الدينية المتطرفة. وليبرمان الذى جلس على أعلى مقعد فى الجيش الإسرائيلى هو الذى أثنى على الجندى الإسرائيلى الذى اطلق الرصاص على رأس الفلسطينى المصاب، وهو الذى مارس الضغوط على الحكومة لتنفيذ إغتيالات فى قادة حماس، وخلافاً لكل الحكومات الإسرائيلية السابقة لم تحاول حكومة نيتانياهو الحالية التظاهر باحتوائها على أى من مظاهر الاعتدال الشكلى بل أكدت أنها حكومة اليمين المتشدد. كان لافتاً الموقف الرسمى الأمريكى البارد كما عبرت عنه الخارجية الأمريكية فمقابل محاولة نيتانياهو الإيحاء بأن توسيع الحكومة لن يغير مسارها وربما يفتح آفاقاً نحو التسوية، أعلن المتحدث بلسان الخارجية الأمريكية أن تشكيلة الائتلاف الحكومى فى إسرائيل تثير تساؤلات بشأن وجهتها، وأضاف أن الولاياتالمتحدة ستفحص الحكومة الإسرائيلية الجديدة وفق أفعالها لا أقوالها، وأشار المتحدث إلى ورود تقارير من إسرائيل تصف الائتلاف الجديد بأنه الأشد يمينية فى تاريخ إسرائيل، وقال نحن ندرك أن الكثير من أعضاء الحكومة قالوا إنهم يعارضون حل الدولتين، كل هذا يثير تساؤلات مشروعة بشأن الوجهة التى يمكن لهذه الحكومة أن تتجه إليها. وبحسب معلقين إسرائيليين، فإن كلام الخارجية الأمريكية يشهد على أن الولاياتالمتحدة ليست مقتنعة برسائل التهدئة التى أطلقها نيتانياهو وليبرمان، ويرى هؤلاء أن الرسالة الأمريكية السلبية تجاه الحكومة الجديدة تتسم بأهمية فائقة فى ضوء حقيقة أن الرباعية الدولية ستصدر فى الأسبوع المقبل تقريرها بشأن الجمود السياسى بين إسرائيل والفلسطينيين والوضع فى الأراضى المحتلة، ويعتقد أن التقرير سيحوى انتقادات حادة لسياسة إسرائيل، خصوصاً فى مجال المستوطنات ومصادرة إمكانيات تطور الفلسطينيين فى المنطقة. أوروبا تحذر حذرت صحيفة«الفاينانشال تايمز» البريطانية من تدهور الأوضاع فى الاراضى المحتلة من شراكة نيتانياهو ليبرمان ووصفتها بالاختيار الأسوأ، ونقلت عن دبلوماسيين غربيين أن هذه الخطوة ستؤدى إلى توتر علاقات إسرائيل الدولية، خاصة مع الولاياتالمتحدة، وستقضى على أى إمكانية لعودة نيتانياهو إلى محادثات السلام، وان قرار نيتانياهو مناورة سياسية لتعزيز قوة ائتلافه الحكومى فى الكنيست، حيث بانضمام حزب "إسرائيل بيتنا" إلى الائتلاف يزيد عدد مقاعد نوابه فى الكنيست من 61 إلى 66، وإن نيتانياهو فكر فى إمكانية عقد صفقة مع حاييم هرتسوج زعيم "الاتحاد الصهيوني" فى البداية، لكن هذا كان سيتطلب منه الالتزام بالعملية السلمية، التى يتهرب من استحقاقاتها، وقالت الصحيفة إن ليبرمان الذى لا يؤمن بحل الدولتين ويعيش فى إحدى المستوطنات، سبق أن تولى وزارة الخارجية فى حكومة نيتانياهو ، وكان قد طالب بالإطاحة بحركة حماس التى تحكم غزة، وكذلك أثنى على فعل جندى إسرائيلى قام بإطلاق النار على جريح فلسطينى وقتله، ووصفه نيتانياهو نفسه بأنه رجل خطير. ووصفت الصحيفة تعيين ليبرمان بأنه كارثة على عملية السلام, ولم يكن موضع ترحيب من أصدقاء إسرائيل فى الخارج، وآثار اعتراضات فى الدوائر السياسية والعسكرية فى الداخل أيضا، ونقلت عن موشيه يعلون، سلف ليبرمان فى وزارة الدفاع أنه قلق على مستقبل إسرائيل بسبب تعيين ليبرمان، أما رئيس الوزراء السابق إيهود باراك فذهب إلى القول "إن الحكومة الإسرائيلية تلوثت ببذور الفاشية". تشاؤم عربى فلسطينى وصفت الصحف الفلسطينية ليبرمان بأنه أكثر ساسة إسرائيل تعصباً ويعد المتطرف الأكثر عداء للفلسطينيين والعرب، وسلطت افتتاحية جريدة «القدس» الفلسطينية الضوء على وصول القادة اليمينيين للمناصب العليا فى الأجهزة الأمنية، ومراكز صناعة القرار فى اسرائيل، وأن هذا يعكس تحولا فى أدوار النخبة الدينية, وهو تحول ينسجم مع تحولات موازية تحدث فى المجتمع الإسرائيلى الذى يتجه إلى المزيد من التطرف والعنصرية لدرجة التوحد مع دعوة وأفكار التيارات الدينية المتطرفة ومقولاتها العنصرية, ضد العرب، بما يمنح المستوطنين المتطرفين وحاخامات التيار الدينى والتيار القومى القدرة على التأثير حتى على قرارات الجنود والضباط، وأن نيتانياهو الذى يرى أنه وريث ملوك إسرائيل وتراثهم العنصرى لم يرقه أن يسمع أى صوت يعلو على صوت العنصرية التى يحاول بثها فى المجتمع الإسرائيلي، وبزوغ مظاهر الاستبداد السياسى والهيمنة على القرار، فهو مصر على الذهاب فى طريق اليمين والفاشية والتوسع والعنف حتى نهايته، وأن خرافات السلام والحلول التفاوضية لا مكان لها لا فى عقليته، ولا فى العقلية الكولونيالية العنصرية الإسرائيلية عموماً، ودعا مراقبى الولاياتالمتحدة وفرنسا اللتين تسعيان لإحياء جهود السلام فى الوقت الراهن إلى أن ينظروا بعين التشاؤم الى مصير جهودهما التى ستأكلها نيران اليمينية الإسرائيلية. توابع القرار فى إسرائيل وكانت اول توابع القرار الذى وصفته الصحافة الإسرائيلية بالعنيف، ان قدم وزير البيئة الاسرائيلى آفى جباى استقالته من الحكومة الاسرائيلية احتجاجا على تعيين ليبرمان وزيرا للجيش، واكد الوزير المستقيل أنه اقدم على هذه الخطوة بناء على السياسة التى تتبعها الحكومة الاسرائيلية أخيرا، وأعتبرها خطوات خطيرة تؤثر على أمن وسلامة اسرائيل، معتبرا استبدال وزير الجيش الاسرائيلى جاء لحسابات سياسية على حساب القضايا الأمنية الجوهرية، مؤكدا أنه لا يستطيع الاستمرار بمنصبه فى هذه الحكومة. وتعمد ليبرمان زعزعة المخاوف من تعيينه، فقال: أعتزم العمل بتعاون وثيق مع رئيس الوزراء ومع وزير المالية، ومع هيئة الأركان ورئيس الأركان، ولكن مسئوليتى هى سياسة متوازنة تجلب الاستقرار إلى المنطقة ولدولتنا، والأهم هو أمن مواطنى إسرائيل، ويحوى اتفاق الشراكة انضمام حزب "إسرائيل بيتنا" إلى الحكومة بوزيرين: ليبرمان وزيراً للجيش, وصوفا لاندبر وزيرة للهجرة، بما يمكن رئيس الوزراء من أغلبية 66 نائباً بدل 61 كانوا قبل إبرام الاتفاق، ولم تبد الفرحة كبيرة فى إسرائيل جراء التحالف, إذ بقى الخلاف بين "الليكود" و "البيت اليهودي" على حاله بعدما اشترط هذا الحزب اليمينى تأييد توسيع الحكومة بتعديل أداء المجلس الوزارى المصغر للشئون الأمنية "الكابينت", وهدد نفتالى بينت زعيم الحزب، بالتصويت ضد تعيين ليبرمان وزيراً للجيش إذا لم تعين الحكومة سكرتيرا عسكريا لأعضاء الكابينت بغرض إبقائهم على تواصل مع الجيش والمقتضيات الأمنية. كما انتقدت المعارضة الاتفاق بشدة، وأعلن رئيس المعسكر الصهيوني، إسحق هرتسوج أن "على مواطنى إسرائيل أن يكونوا قلقين من ائتلاف يمينى يقود إسرائيل إلى أماكن بالغة الخطورة ، وقال: لقد غدا نيتانياهو رهينة بينت ليبرمان ورفاقهم، أما فى حزب "هناك مستقبل"، فقالوا إن التوقيع على الاتفاق الائتلافى ليس إنجازاً بل استسلام معيب، وخيانة لثقة الجمهور وتركه لمصيره. إستطلاع يفضح الشراكة وفقا لاستطلاع رأى فى اسرائيل تحت افتراضية إجراء انتخابات مبكرة للكنيست وتشكيل حزب جديد برئاسة وزير الجيش المستقيل موشيه يعلون بشراكة جدعون ساعر, ووزير المالية الحالى موشيه كحلون، فأن هذا الحزب سوف يحصل على العدد الأكبر من اعضاء الكنيست، ونشر موقع الاذاعة العبرية "ريشت بيت" هذا الاستطلاع الذى أجراه مركز استطلاع "رافى سميت" والذى افترض وجود هذا الحزب فى انتخابات تجرى فى اسرائيل هذه الفترة، فان الحزب الجديد سيحصل على 25 مقعدا فى حين يتراجع حزب "الليكود" الى 21 مقعدا، وحزب "يوجد مستقبل" بزعامة يائير لبيد سوف يحصل على 13 مقعدا, وكذلك الحال مع القائمة المشتركة، كما سيتراجع "المعسكر الصهيوني" ويحصل على 11 مقعدا فقط، وحزب "البيت اليهودي" بزعامة نفتالى بينت 10 مقاعد, وحزب "اسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان على 8 مقاعد، وسيحصل حزب المتدينين الغربيين "يهودات هتوارة" على 8 مقاعد، وحركة "شاس" للمتدينين الشرقيين على 6 مقاعد, فى حين سيحصل حزب "ميرتس" اليسارى على 5 مقاعد.