نعيم قاسم: سنواصل مسيرة نصر الله وحزب الله مستمر في أهدافه    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    انخفاض في سعر الدولار الامريكي أمام الجنيه خلال منتصف تعاملات الأثنين    وكيل شعبة الكهرباء: الفتح والغلق المتكرر للثلاجة يزيد الاستهلاك    وزير المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح الاقتصادي    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    نائب رئيس جامعة بنها تتفقد الدراسة بكليتي العلوم والهندسة    الزمالك يقرر فتح ملف التجديد ل"زيزو"    بمشاركة 115 دولة.. كلية الإعلام بالجامعة البريطانية تنظم المهرجان الدولي للأفلام    بحث فى الأرشيف عن دور والده العسكرى: دى بيسون: عائلتى ستوبخنى لفضح أسرارها    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    محافظة أسوان تخصص لجانا لرصد شكاوى المواطنين وسرعة التعامل معها    رئيس البورصة: نعمل حاليا مع وزارة الاستثمار على تقليص المدد الإجرائية الخاصة بالشركات    «مطروح الأزهرية» تفعل مبادرة لاكتشاف الموهوبين رياضيًا    وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بحدائق القبة لمتابعة سير العام الدراسي الجديد    41615 شهيدًا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    ناصر ماهر: لم أرى غرفة ملابس مثل الزمالك.. وكنا نريد لعب مباراة الأهلي في الدوري    موعد مباراة السد القطري ضد استقلال طهران اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    انخفاض الحرارة وسقوط أمطار غداً.. الأرصاد تكشف حالة الطقس الثلاثاء 1 أكتوبر    النيابة تطلب التحريات في واقعة مصرع شاب بانقلاب سيارة بقنا    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم تروسيكل وملاكى على طريق دكرنس بالدقهلية    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    وصول المتهمين بفبركة «سحر مؤمن زكريا» إلى النيابة    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    «خبطوا عربيته».. مواطن يتهم اللاعب أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه    شعبة الرخام والجرانيت: الحكومة أنشأت 17 مجمعا صناعيا في 15 محافظة    محافظ بورسعيد يشهد القرعة العلنية للمتقدمين لمشروع الإسكان الاجتماعي    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    إيرادات فيلم عنب في دور العرض بالمملكة العربية السعودية (مفاجأة)    الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41615 شهيدًا    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    نقاد ومخرجون بمهرجان كلباء: النص القصير يوفر بيئة مثالية للتدريب المسرحي    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    أخصائي نفسي: علاج طفل التوحد يحتاج إلى صبر ووقت طويل للاستجابة    الأنبا توما يترأس القداس الإلهي لأبناء الأقباط الكاثوليك بدبي    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا تكون الصحافة مفترية ومفترى عليها
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 05 - 2016

أعتقد أن أخطر ما كشفت عنه أزمة الصدام الأخير بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين هو قوة التيار المعادى لحرية الصحافة، خاصة، والديمقراطية، عامة، وإن تستر بضرورة الأمن وتنفيذ القانون. والأمر أن حملة التشهير بالصحفيين، وما حفلت به من افتراءات، لم تنطلق من الدفاع الواجب عن حتمية التزام الصحفيين بالمهنية وأخلاقيات وقواعد ممارسة الحرية المسئولة. وأن قادة الحملة ضد الصحافة يجهلون أو يتجاهلون أن نبذ وهدر حرية التعبير والرأى والفكر والعقيدة وغيرها من الحريات الديمقراطية يقوض دستور 2014، ركيزة شرعية نظام ما بعد ثورتى 30 يونيو و25 يناير.
وفى سياق تجنب أن تكون الصحافة (مفترية)، أسجل أولا، أن المبادئ التى يتفق الصحفيون فى المجتمعات الديمقراطية عليها، والتى يحق للمواطنين مطالبتهم بها، تتلخص فى أنهم: يلتزمون بالحقيقة, وولاؤهم للمواطنين, ويتحققون ويتثبتون قبل النشر, ويتمتعون بالاستقلالية, ويراقبون السلطة, ويوفرون منبرا للنقد العام, ويسعون للإجماع الوطنى, ويبرزون الأمور المهمة ووثيقة الصلة بالموضوع, ويعملون على نشر الأخبار بدقة وموضوعية, ويحكّمون ضميرهم الشخصى والمهنى والوطنى. وتتميز قيم ومعايير الصحافة بأن التقيد بها ليس سهلا, خاصة وأن الصحفيين يواجهون ضغوطا للتنازل عنها كل يوم.
وعلى الصحفيين التقيد بقواعد الصحافة الثلاث التى حددها الناشر الصحفى الأبرز جوزيف بيولتزر: الدقة، والدقة، ثم الدقة؛ بالتحقق من صحة جميع المعلومات التى تكشف الحقيقة، لأن المصداقية أهم رصيد يملكه الصحفى، والدقة هى سبيل حماية ذلك هذه المصداقية. وعلى الصحفى أن يتحلى بالأمانة والنزاهة والشجاعة فى جمع وتقديم وتفسير ونشر المعلومات، ومع التسليم باستحالة تجنب أخطاء، فانها يجب أن تكون الاستثناء النادر. والتثبت من صحة المعلومات أول خطوة فى تحرير الأخبار, لتجنب أى أخطاء أو انتقاص من النزاهة والإنصاف, وعلى الصحفى إعادة النظر بعين متشككة, وتحرى مدى تصديق القراء ما ينشره من أخبار وتحقيقات؛ والنقل الدقيق للتصريحات، ومعالجة كل جوانب الأحداث.
وثانيا، أن الدول الديمقراطية توفر حماية قانونية للصحفيين ليتمكنوا من ممارسة الحق فى الحصول على المعلومات ونشرها؛ لكن هذا الحق مصحوب بمسؤولية أساسية هى نقل المعلومات بدقة ونزاهة وإنصاف. ويجب أن لا تغيب عن بال الصحفيين مهمتهم فى السعى إلى الحقيقة، وأن يتحرروا من الالتزام بأى مصلحة سوى حق الجمهور فى المعرفة, وأن يسعوا الى تقليص الضرر والأذى المحتمل للنشر لأدنى حد ممكن، لأنهم معرضون للمساءلة والمحاسبة. وقد يتيح انتماء الصحفى لحزب أو منظمة غير حكومية الاطلاع على قدر أكبر من المعلومات المتعلقة بها، لكن هذا الانتماء قد يهدد استقلالية الصحفى. ومن الأفضل عدم انتمائه لهذه التنظيمات، أو إعلان عدم أهليته لتغطية ما يتعلق بالمنظمات التى ينتمى لها.
وينبغى أن تكون للمؤسسات الصحفية ونقابة الصحفيين قواعد أو معايير للسلوك (أو مواثيق شرف) على الصحفيين التقيد بها، بالإضافة لتقيدهم بالقواعد الأخلاقية القومية. وينبغى نشر القواعد والمعايير للجمهور حتى يخضع الجريدة أو المحطة للمساءلة والمحاسبة إذا ما تم انتهاكها. وقد يمنع الصحفيون من إقامة علاقة عمل مع أى مصدر يزودهم بالأخبار، ولا ينبغى لهم قبول عروض السفر أو الإقامة المجانية لتغطية قصة إخبارية. وعندما يشعر الصحفى باحتمال تضارب المصالح عليه طلب إسناد مهمته لصحفى آخر.
وفى سياق تجنب جعل الصحافة (مفترى عليها)، أسجل ثالثا، من حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا فى15 أبريل 1995: إن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء، والتمكين من عرضها ونشرها، سواء بالقول، أو بالتصوير، أو بطباعتها، أو بتدوينها، وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل، التى لا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها، وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها، وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون، ولا يترددون وجلا، ولا ينصفون لغير الحق طريقا.. ولعل أكثر ما يهدد حرية التعبير أن يكون الإيمان بها شكليا أو سلبيا، بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولا بتبعاتها، وألا يفرض أحد على غيره صمتا ولو بقوة القانون.. وقد أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة؛ بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام.
ورابعا، ما أوضحته أحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض من: أن وظيفة التشريع فى تنظيم الحريات الدستورية هى وضع التنظيم التفصيلى لممارستها فى إطار التوازن بين مصلحة الفرد والمجتمع، وإلا تحول النص الجنائى من أداة لضبط السلوك- عن طريق قاعدة واضحة تحظى باحترام الجميع- الى أداة تستخدمها السلطة العامة للتنكيل بالمعارضين السياسيين؛ على نحو يخضع للأهواء والنزوات. ومن المتعين أن تكون الأفعال التي تؤثمها القوانين محددة بصورة قاطعة غير مجهلة، حتي لا تقع المحكمة فى محاذير تنتهى بها الى ابتداع جرائم لم يقصدها المشرع. وسلطة المشرع- كغيرها من السلطات- مقيدة باحترام الصالح العام، الذى يقتضى عدم الجور علي الحريات أو البغى على حقوق الافراد،. فالغلو فى العقاب يمثل عدوانا بالغا لا يجوز لأى سلطة مهما كانت أن تفعله، ولو كانت سلطة التشريع.
وأخيرا، ما أعلنه حكم المحكمة الدستورية فى أول فبراير1997: أن قسوة عبارات النقد لا تصلح دليلا علي سوء نية الناقد، وانتقاد القائمين بالعمل العام وإن كان مريرا يظل متمتعا بالحماية التي يكفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء. وإن المدافعين عن آرائهم ومعتقداتهم كثيرا ما يلجأون الى المغالاة؛ وإذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس فى المجال الذي لا يمكن أن تحيا بدونه، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه، ولا يسوغ بحال إن يكون الشطط فى بعض الآراء مستوجبا إعاقة تداولها. وأن حسن النية سبب لإباحة جريمة القذف؛ إذا صدقت نية الفاعل واعتقد بمشروعية فعله؛ حيث ركن حسن النية فى جريمة القذف هو الاعتقاد بصحة وقائع القذف وخدمة المصلحة العامة وليس بقصد التشهير والتجريح.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.