400 مليون عربى بالتمام والكمال (أرقام 2015) هو إجمالى عدد الشعب العربي، على امتداد الوطن العربى من المحيط إلى الخليج، تجمعهم روابط الأخوة والتاريخ والدين واللغة والموقع والمصالح المشتركة، بالإضافة إلى امتدادات عربية بشرية أخرى لهم تقدر ب50 مليونا فى دول المهجر بالأمريكتين وأوروبا وأستراليا ودول أخرى عديدة، يحتفظون بأصولهم ويعتزون بانتماءاتهم العربية... هؤلاء جميعاً يريدون إصلاح “النظام العربي”، بعد أن تم اختراقه وتمزق جسده وأصابه الضعف والوهن، وتقهقر دوره عربياً وإقليمياً ودولياً فى إيجاد كيان سياسى واقتصادى عربى قومى قوي، يحقق المواطنة العربية لكل مواطن كى يمارس الحريات الأربع فى التنقل والإقامة والعمل والتملك، وأصبح عدد من دوله ينزلق إلى عداد الدول الفاشلة، كما أن تنظيم داعش بكل سلبياته فى كل من سوريا والعراق وليبيا وظهور غيره من المنظمات المتطرفة والحركات الإرهابية، والتمدد والتدخل الإيرانيين فى الشئون الداخلية العربية، أصبحت من مظاهر ضعف النظام العربي. فالسؤال الآن أصبح بوضوح هو: كيف نعيد إصلاح وترميم النظام العربى من داخله؟ على أن يواكب ذلك إصلاح الجامعة العربية التى هى أحد أجهزته ومرآته وأدواته، فكما يكون النظام العربى تكون جامعته، وقد أكد ذلك السيد عمرو موسى عندما كان أميناً للجامعة فى أحد اجتماعات وزراء الخارجية العرب عام 2005 بقوله: إذا أراد العرب جامعة شكلية توثق كلامهم وليس أفعالهم وإرادتهم فلديهم جامعة تعمل بالحد الأدني، وإذا أرادوا جامعة إقليمية تنهض بقراراتهم وإرادتهم وتتابع تنفيذ إراداتهم فعليهم دعمها مادياً ومعنوياً وإصلاحها من الداخل والاتفاق على دور فاعل لها، فأكثر قضايا العرب لا تجد حلاً لأنها لا تجد إرادة سياسية جامعة يتعامل معها العالم بوجه واحد، وقرارات العرب الجماعية حول العمل الاقتصادى والاجتماعى المشترك تصطدم دائما بالسياسات والمواقف المخالفة لهذه القرارات على مستوى الدول الأعضاء ولهذا لم تقم السوق العربية المشتركة وغلبت على العلاقات العربية الصيغة الثنائية من الدول، ولا تزال الحدود التى اصطنعها الاستعمار موضع خلاف وحساسية بين الدول العربية، كما أن الديمقراطية فى بلاد العرب لا تفرز بالانتخاب من يحكم! فلم يقو النظام العربى على استيعاب التطورات التى حققتها الأنظمة والتكتلات الأخري. ومعنى ذلك أننا لا يجب أن نحمل الجامعة العربية مسئولية التقصير فى أداء دورها ورسالتها، فالذى يتحمل التقصير برمته هو النظام العربي، لأن المشكلة تكمن فيه نفسه، وقد انعكس ذلك على الجامعة العربية، فمن يتابع مسيرتها على مدى سبعين عاما منذ توقيع ميثاقها فى القاهرة عام 1945، يجد أن لها انجازات قليلة وإخفاقات كثيرة،فهل حانت ساعة الجامعة العربية؟ الجواب نعم، فالكيانات والمؤسسات مثل البشر، تشيخ ويصيبها المرض والضعف اللذين تم بالفعل تشخيصهما ولا يبقى إلا البدء فورا فى علاجهما، وفى هذه الحالة يجب إصلاح الجامعة وميثاقها وعلاج أوجه الخلل فى نظام التصويت بها وإدارتها وتطوير آليات عملها وتفعيل دورها بشكل يتواكب مع المستجدات المختلفة التى طرأت على الساحة الإقليمية والدولية، ومن ثم يجب على النظام العربى أن يصلح من نفسه أولاً، وأن يعلى من تحقيق إرادة الشعب العربى فى إصلاح جامعته شريطة ألا يتم تزاوج الإصلاح فى النظام العربى والجامعة ببطء شديد. لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين