على الرغم من أن وزارة التربية والتعليم أصدرت قرارا منذ عدة أشهر بغلق مراكز الدروس الخصوصية فإن القرار الذى ثارت أقاويل حول تفعيله، قوبل باستياء شديد ورفضه أولياء الأمور والطلبة والمدرسون والقائمون على هذه المراكز واعتبروا هذا القرار يندرج تحت القرارات العشوائية التى تتخذها الوزارة أخيرا، وأسباب ذلك أن الوزارة لم توفر البديل المناسب لهذه المراكز التى تعتبر المصدر الأول والأهم لتعليم طلبة الشهادات بصفة خاصة حيث يجد فيه الطلاب الملاذ الآمن والمنظم ، بل والاقل تكلفة لتلقى العلم. ومع التزام هذه المراكز بغلق أبوابها فى فترة الدراسة الصباحية بالمدارس حتى لا تتعرض للمساءلة أو الملاحقة ، فإن أولياء الأمور يتساءلون : هل ستستمر الوزارة كثيرا فى هذا التخبط والتفرغ لصغائر الأمور وترك المشكلات المعضلة التى يعانيها الطلبة أخيرا ويدفع ثمنها أولياء الأمور؟ وفى لقاء مع عدد من الطلبة وأولياء الأمور حول أهمية هذه المراكز ، اكد الجميع ان هذه السناتر كما يطلقون عليها لا غنى عنها نهائيا.. فلولاها لما كان هناك اى تحصيل علمى ، فهى تعتبر البديل الاقوى والاهم للمدارس ، وخاصة طلبة الشهادات العامة ، كما انها مجهزة بشكل منظم للغاية ، حيث يحتوى المركز الواحد على عدة قاعات مكيفة ومرتبة بالشكل الذى يتمكن فيه الطالب من الفهم والاستيعاب ، فعلى الرغم من ان القاعة الواحدة قد يزيد عدد الطلبة فيها على 100 طالب ، فإن الجميع يستوعب الشرح جيدا بفضل وجود ميكرفون يتحدث فيه المدرس بشكل واضح، وشاشات عرض ضخمة، علاوة على شخصية المدرس القوية التى تمكنه من السيطرة على كل هذا العدد، والمهم فى الموضوع ان الجميع ينصاع للتعليمات ويلتزم بها بكل دقة لأنهم يدفعون مقابل هذه الخدمة التى تصل قيمة الحصة الواحدة الى 40 جنيها وفى المراجعات تزيد الى 50 جنيها، وهو مبلغ اذا ما قورن بالدرس المنزلى الخاص يعتبر اقل بكثير، كما ان النظام الدقيق الذى تسير عليه هذه المراكز يزيد من الاقبال عليها، فمدة الحصة تترواح من ساعتين الى ثلاث ساعات، تبدأ اول نصف ساعة فيها بتوزيع ورق مطبوع عبارة عن امتحان لتقييم الطالب فيما سبق دراسته، وبعد ذلك يبدأ المعلم فى شرح الدرس الجديد، كما ان هناك متابعة وجسر تواصل ممتد بين المراكز التعليمية وأولياء الامور، حيث يتصل احد مسئولى المركز بأولياء الامور لاطلاعهم على مستوى اولادهم، وكذلك ابلاغهم اذا ما تغيب الطالب عن الدرس، أو اذا اهمل فى عمل الواجبات وهذا يشعر الاهل بارتياح شديد فهم يقفون أولا بأول على مستوى اولادهم ويجدون فى هذه المراكز الخدمة المتميزة المفقودة فى المدارس والشرح الوافى الذى لا يجدونه فى فصولهم. وذهبت مجموعة اخرى من اولياء الامور الى أنه بخلاف التنظيم والشرح الموجود بهذه المراكز والمدرسين ذوى الكفاءة العالية ، هناك ايضا عنصر الامان المتوافر فى هذه المراكز فداخل القاعات يصطف الاناث فى جانب، والذكور فى جانب آخر كما انها اكثر امانا ايضا من الدروس الخاصة المنزلية لانهم جميعا يصيبهم القلق من تلقى اولادهم الدروس فى اى منزل خاص من منازل الزملاء. وبسؤال الطلبة عن مدى قدراتهم فى الاستغناء عن هذه المراكز استنكروا الموضوع بشدة، وقالوا: اذا كانت المدارس لا تعطينا حقنا نهائيا والمدرس غالبا لا يشرح خاصة فى الشهادات العامة والمواد صعبة للغاية ومذاكرتها بمفردنا واستيعابها، هذا هو المستحيل والوزارة لم توفر لنا البديل الامثل فمن أين سنحصل العلم؟ وقال احد اولياء الأمور: إننى تلقيت خبر غلق هذه المراكز بفرح شديد وتصورت ان الوزارة تضع خطة مدروسة لهذا القرار ونظمت اماكن بديلة للمدارس الملحق بها اولادى مثل مجموعات التقوية وتكون بنفس جودة تلك المراكز وباسعار اقل ، ولكننى فوجئت بان هذا القرار امتداد لقرارات غير مدروسة ومتخبطة من جانب الوزارة، ووجدت انه ليس من مصلحتى كأب تماما إلغاء هذه المراكز، فعلى الرغم من اننى ادفع اسبوعيا لابنى طالب الثانوية العامة 250 جنيها، الا فإنه مبلغ اقل بكثير اذا ما قورن بالدرس المنزلى الخاص الذى وصلت فيه الحصة الواحدة الآن عند كبار المدرسين 150 جنيها. وتقول ولية أمر أخرى: نحن مع الوزير للقضاء على الدروس الخصوصية ، لكن أين الآلية التى سيطبق بها هذا القرار؟ فأولا هذا القرار صدر منذ شهور ومن المفترض انه كان يقوم بغلقها بداية من التيرم الثانى، ولاشيء حدث وهذا هو اكبر دليل انها قرارات متخبطة ، متسائلة : هل هذه القرارات للشو الاعلامى ؟ ام انها بالفعل فى حيز التنفيذ ؟ وإن كانت كذلك فمتى ستنفذ ؟ وما هى الخطة الوزارية لما بعد غلق هذه المراكز ؟ مناشدة الوزير ان يوضح الامر فى هذا الشأن حتى يهدأ بال اولياء الامور والطلبة. التقت «تحقيقات الاهرام» بعدد من المدرسين العاملين ببعض هذه المراكز والذين كانوا اكثر استياء من الطلبة واولياء الامور ، فهم لا ينكرون انهم يكسبون جيدا من وراء تدريسهم فى هذه المراكز . أوضح معلم لمادة الرياضيات فى احد المراكز انه بالفعل يتقاضى راتبا لا بأس به جراء تدريسه فى هذا المركز الشهير فالمحاضرة الواحدة من الممكن ان تصل ل 100 طالب واكثر ومع ذلك استطيع السيطرة الكاملة على المحاضرة دون اى شغب من اى طالب او طالبة ، فهم جاءوا ليستفيدوا بالفعل مقابل مبالغ مالية ، ويحصلوا على العلم الذى لم تستطع المدرسة تقديمه لأسباب عديدة أهمها ضيق الوقت للحصة الواحدة والتى تستغرق 45 دقيقة وايضا قيمة المدرسة والمدرس التى ضاعت وسط القيم المنهارة التى باتت واضحة فى علاقة الطالب بأستاذه ، هذا بالاضافة الى الرواتب الزهيدة التى نحصل عليها من الحكومة ، فكل هذه العوامل تجعلنا كمدرسين نرفض هذا القرار . ولم يختلف رأى استاذ مادة التاريخ عن زميله السابق ، واوضح انه ذاع صيته بسبب السنتر التعليمى الذى يعمل به ، واخذت الامور فى التوسع معه لدرجة انه حتى يرضى ضميره حصل على اجازة بدون مرتب من المدرسة الحكومية المعين بها حتى يستطيع ان يوفق بين مواعيده وحتى لا يؤنبه ضميره اذا اعطى فى مراكز الدروس الخصوصية اكثر مما يبذله فى المدرسة وحتى يبارك الله فى دخله على حد قوله ، واضاف انه لديه 3 ابناء فى مراحل التعليم المختلفة ، وقبل أن أدرس فى هذه المراكز كنت أعانى من ضيق ذات اليد ، فالراتب لا يكفى لأى شيء ، وخاصة أن أبناءه يكبرون واحتياجاتهم تتضاعفت معهم. وعند سؤاله : لماذا لا يراعى المدرس الله فى اسعار الدروس الخصوصية ؟ قال: المجتمع للاسف هو من ساعد على جشع بعض المدرسين فكلما ارتفعت الاسعار دلت على كفاءة هذا المعلم ويهرول الطالب وولى أمره لدرجة الاستجداء ان يتلقى ابنه العلم على يد هذا المدرس تحديدا ، اما بالنسبة له فأجره فى الحصة الواحدة 50 جنيها للطالب ، اذا كانت المجموعة مكونة من 4 أو 5 اشخاص ، و100 جنيه اذا كان الطالب بمفرده وهذه الاسعار تعتبر من ارخص الاسعار التى يقبلها معلم يعطى دروسا خصوصية للشهادة الثانوية يحمل نفس الكفاءة التى يتميز بها ، ولا يستطيع تخفيض السعر اكثر من ذلك ، لأنه بذلك سيؤثر على سمعته فى الاوساط الطلابية - على حد قوله -واكد ان ابناءه يأخذون دروسا خصوصية وثمن الحصة أكثر مما يتقاضاه هو نفسه. وقال مدرس آخر الوزير لا يستطيع تطبيق مثل هذا القرار لما سيقابله من هجوم كبير وشرس من جميع المستويات سواء طالبا أو ولى امر أو صاحب مركز ، ونحن كمدرسين ، فهو لا يخشى مثل هذه القرارات لانها منظومة ولابد من علاجها من جذورها وفى محاولات كثيرة للاتصال بالمستشار الاعلامى لوزارة التربية والتعليم للوقوف على حقيقة هذا القرار وما تم التوصل اليه فى هذا الشأن امتنع المستشار الاعلامى عن الرد ولم يستجب الوزير للرد علينا والسؤال الذى يظل هل مراكز الدروس الخصوصيه خارج السيطرة