لا هى زوجة لها كامل الحقوق والواجبات، ولا هى مطلقة تسعى إلى البحث عن زوج آخر مناسب، هذا هو حال الكثير من الزوجات المعلقات،وضحايا ظاهرة الانفصال الزوجي، والتى انتشرت فى الآونة الأخيرة هربا من تبعات الطلاق . حيث يعيش كثير من الأزواج تحت سقف واحد مثل الغرباء، تحت دعوى الحفاظ على المظهر الاجتماعي، أو مستقبل الأبناء، أو هربا من تبعات الطلاق وما يترتب عليها من نفقة وحقوق للزوجة. وقد أكد علماء الدين أن تعليق الزوجة وامتناع الزوج عن تطليقها عند استحالة العشرة تحت دعوى الحفاظ على المظهر الاجتماعى مخالف لنصوص الشريعة الإسلامية، ويجب على هؤلاء أن يصححوا هذا الخطأ الذى وقعوا فيه وان يتداركوا ما فات من عمرهم دون أن يعيشوا الحياة الطبيعية بين الأزواج، ولقد نهى عنه الله سبحانه وتعالى وأرشدنا إلى الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان، قال تعالي: «وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم. سورة البقرة، الآية231. ويقول الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن الله سبحانه وتعالى جعل الحياة الزوجية تقوم على المودة والرحمة لهذا يتطلب الشرع فى عقد الزواج نية التأبيد لأن ذلك يترتب عليه بناء الأسرة والأولاد والروابط الاجتماعية المختلفة، ولكن ما يحدث الآن فى بعض الأسر هو أن يلجأ الأطراف عند النزاع إلى المقاطعة السلبية والحياة الصامتة بين الزوجين بحجة الحفاظ على الشكل الاجتماعى أو عدم الإخلال بمصالح الأبناء كالتأثير على فرص البنات فى الزواج إذا تم الطلاق، ويعيشان فى بيت واحد كأنهما غريبان، وهذا أمر يحرمه الإسلام، ذلك لأن الزواج إنما جعل إحصانا للرجل حتى لا يقع فى المعصية وإعفافا للمرأة وسدا لاحتياجاتها الطبيعية، ثم كيف تقوم أسرة على الشكل الخارجى وهو نظام أجوف يتعارض مع طبيعة عقد الزواج ومقتضاه وهو المشاركة لتحقيق المودة والعشرة بالمعروف، ولذلك فإن المقاطعة السلبية مع استمرار الحياة الزوجية من الأمور المرفوضة شرعا وتفتح الباب لحبائل الشيطان لدفع الزوجين إلى المعصية أو إقامة علاقات غير سوية مع آخرين وسد الذريعة من المصادر المهمة فى التشريع الإسلامى التى تأمر بقطع الطريق على الخطأ حتى لا نقع فيه. الإمساك بالمعروف وحول مشروعية امتناع بعض الأزواج عن تطليق زوجاتهم عند استحالة العشرة وممارسة الضغوط عليهن للتنازل عن حقوقهن المترتبة على الطلاق، يقول الدكتور رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة القاهرة عضو هيئة كبار العلماء، إن الله تبارك وتعالى يريد أن تكون علاقة الزوج بزوجته مبنية على حسن العشرة، لذلك أمر سبحانه وتعالى الأزواج أن يحسنوا إلى زوجاتهم من خلال حسن المعاشرة ان يؤدى الزوج حق زوجته من المهر والنفقة اللائقة بمستواه الاقتصادى ومستواها الاجتماعى ومن هذه الأمور أيضا كما قال العلماء ألا يعبث بوجهها بغير أمر يدفعه إلى هذا وان يكون الزوج منطلقا فى كلامه لا فظا ولا غليظا ولا مظهرا لميله إلى غيرها، حيث قال عز وجل وعاشروهن بالمعروف، فالله عز وجل أمر الزواج بحسن عشرة وصحبة الزوجات لتكون الخلطة بينهم على الكمال، ولأن هذا يؤدى إلى ان تهدأ النفوس هناءة العيش والمعاشرة بالمعروف، وقد نهى الله عز وجل ان يمسك الأزواج بعصمة زوجاتهم ليعتدوا عليهن، فقال تعالى «ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا» وإذا كان الله عز وجل قد نهى الأزواج عن إمساك الزوجات بلا ضرار فإن هذا يكون من الأفعال المحرمة شرعا. وأضاف: أن الله عز وجل حبب فى دوام العشرة بين الزوجين فبينت نصوص القران الكريم انه إذا كان الزوج يكره من زوجته شيئا كسوء الخلق فمن المستحب له أن يتحمل منها ذلك فلعل الإبقاء على الزوجية يؤدى إلى إن يرزقهما الله أولادا صالحين، قال تعالى »فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا« وقد وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجه الزوج إلى ألا يبغض زوجته بغضا شديدا يؤدى إلى فراقها بل من المستحب له أن يسامحها، فقال صلى الله عليه وسلم: »لا يفرك مؤمن مؤمنة، أى لا يبغض مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضى منها آخر« أى أن كره بعض الصفات فيها فهناك صفات أخرى محببة إليه، وذلك لان الطلاق يهدم الأسرة ويؤدى فى كثير من الحالات إلى تشتيت الأولاد والتأثير الضار على نفوسهم ولهذا كما بيننا حثت نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة على تحمل ما قد يحدث من بعض الزوجات ولا يسارع الزوج الى طلاق زوجته. وحول رأى الشرع فى دفع الزوج زوجته لإبرائه، يوضح الدكتور رأفت عثمان، أن المقصود بالإبراء هو أن تتنازل له عن حقوق مالية لها كمؤخر الصداق والنفقة وهذا يدخل فى ما يسمى »الخلع لأن الخلع معناه طلاق على مال يجيء من الزوجة لجهة الزوج لقول رسول صلى الله عليه وسلم عندما ذهبت له احدى النساء واشتكت انها لا تحب ان تعيش مع زوجها فسألها أتردين عليه حديقته وكان المهر هذه الحديقة فوافقت وقالت نعم فأرسل إلى زوجها وقال له اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. أما عن حكم انفصال الزوجين فى المسكن بغير تطليق لها فلا يأخذ حكم الطلاق ولا يسقط شيئا من حقوق الزوجة الواجبة لها إلا أنه إذا كان بسبب نشوز الزوجة فيسقط حقها فى المبيت والنفقة كما أن لها أن تسقط حقها فى المبيت برضاها ويسلم هو من الإثم، ولها ان تطالب بحقها متى شاءت كما انه على زوجها الإنفاق عليها وعلى أولاده بالمعروف، فالمرأة لا تزال زوجة للرجل زوجها مادام لم يصدر منه لها طلاق ولها حقوقها كزوجة وعليها لزوجها حقوق كزوج.