أكدت مصر أن ما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإرهاب واضطرابات داخلية فى سوريا وليبيا واليمن والعراق ليس وليد اللحظة، ولكن نتاج مشكلات داخلية وإقليمية ودولية، وطالبت بضرورة قيام النظام الإقليمى على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، داعيا فى الوقت نفسه إلى سرعة طرح حلول عملية لتصويب وإصلاح الخطاب الدينى وتصحيح الأفكار المغلوطة التى يتم نشرها، والتى ساهمت فى نمو ظاهرة الإرهاب خلال السنوات الماضية. جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها وزير الخارجية سامح شكرى أمام الدورة الثالثة عشرة لقمة منظمة المؤتمر الإسلامى باسطنبول، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقال شكرى إن مصر تعتز برئاستها للدورة الثانية عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية، والتى بذلت خلالها الجهود المستطاعة عبر التواصل والتنسيق المستمر مع الأمانة العامة للمنظمة والدول الأعضاء حول أنسب السبل لمواجهة مشكلات العالم الإسلامي. وتعهد بأن تستمر مصر فى بذل كل الجهود والمساعى فى هذا الشأن إعلاءً لمصالح الدول الإسلامية، من خلال عضويتها بالمنظمة، وكذلك عضويتها باللجنة التنفيذية. وأشار شكرى فى كلمته إلى أنه ليس من المبالغة أن نقول عن النظام الدولى بات مُختلاً، لا سيما فى عالمنا العربى والإسلامي، فمعظم الأزمات الطاحنة التى يروح ضحيتها الآلاف قائمة فى النطاق الجغرافى لدولنا، كما أن الكثير من متطرفى وإرهابيى عصرنا هذا ينتمون مع الأسف إلى جنسيات دولنا أو لهم أصول فيها، وإن كانوا لا يمثلون حقيقة تلك الثقافة الإسلامية المتسامحة الداعية إلى السلام. وحول قضايا العالم الإسلامي، أكد شكرى أن القضية الفلسطينية لا تزال بلا حل رغم أنها المحرك الأساسى لإنشاء المنظمة، ودعا إلى أن يتحمل المجتمع الدولى مسئولياته نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية وفقاً لقرارات الأممالمتحدة والمرجعيات القانونية الدولية المعروفة. كما أعاد شكرى التأكيد على حرص مصر البالغ على مستقبل ليبيا، مرحبا فى هذا السياق باستقرار المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى فى طرابلس، كما دعا مجلس النواب إلى الانعقاد لاعتماد حكومة الوحدة الوطنية، لكى يتمكن المسئولون الليبيون من تحمل مسئولياتهم فى إدارة شئون البلاد. وفيما يتعلق بالأزمة السورية المأساوية، والتى دخلت عامها السادس، أكدت مصر ضرورة التوصل عاجلاً إلى حل سياسى يحقق طموحات الشعب السورى بالتغيير ويسمح بمواجهة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضى السورية، وقال شكري: «نأمل فى أن يتم التوصل إلى نتائج إيجابية بالفعل خلال المحادثات التى استؤنفت فى جنيف»، وأضاف إرادة الحل السياسى المشترك التى أبدتها الولاياتالمتحدة وروسيا معاً، وما بدأنا نلمسه من تعاون فيما بينهما باتجاه إيجاد تسوية للأزمة السورية، والتحسن النسبى على الأرض، من حيث وقف العدائيات، أدلة عملية على أن استعادة قدر من التوازن على الساحة الدولية قد بات ضرورة مُلحة»، معربا عن أمله فى أن ينسحب ذلك على الساحة الإقليمية، فتتراجع القوى الساعية إلى هيمنة قائمة على تدمير الآخر عن خططها، حتى يمكن رد الاعتبار لمنطق الدولة الوطنية، ومؤسساتها، على النحو الذى يُعيد الاستقرار لدول المنطقة العربية والإسلامية، وبما يُحقق مصالح جميع شعوب المنطقة التى ستُعانى دون شك من فوضى ربما تكون ساهمت فى إنشائها، فالنظام الإقليمى عليه أن يقوم على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وعلى المبادئ المنصوص عليها فى ميثاق الأممالمتحدة بشكل عام. كما أشاد شكرى بالجهود الكبيرة التى بذلتها منظمة التعاون الإسلامى خلال الشهور الماضية سعياً نحو إيجاد الحلول المطلوبة للعديد من الملفات والتى تهتم بها المنظمة، مثل الملف الأفغاني، والملف الصومالي، وملف جنوبالفلبين، والوضع فى أفريقيا الوسطي، والوضع فى ميانمار، وفى مالي، وفى جامو وكشمير، كما أكد أهمية الدور الذى تقوم به منظمة التعاون الإسلامى فى الحفاظ على حقوق الأقليات المسلمة فى الدول غير الأعضاء طبقاً لميثاق المنظمة، وعلى أهمية استمرار المنظمة فى سعيها إلى القيام بهذا الدور عبر التفاعل البناء مع هذه الدول، والتعبير عن مواقف المنظمة بشكل يدعم مصداقيتها لمصلحة التجمعات المسلمة هناك، وضمان احترام حقوقها وحرياتها. وأشار الى عنصر هام آخر، وهو المرتبط بانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، والمقترنة بالعديد من الانتهاكات العنصرية لحقوق الإنسان، وحماية حقوق الأقليات المسلمة فى شتى بقاع الأرض.