عقدت لجنة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس النواب برئاسة النائب بهاء أبو شقة اجتماعا أمس لبحث التقرير الوارد من مجلس الدولة والمواد التى أوضح مجلس الدولة أن بها شبهة عدم دستورية، وكذلك المواد التى تم ضبط صياغتها، وسوف تعد اللجنة تقريرا عن ملاحظات مجلس الدولة لعرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب مساء غد الأربعاء. وقد أكد المستشار أحمد سعد الدين الأمين العام لمجلس النواب أن اللجنة ستقدم تقريرا إلى المجلس، مشيرا إلى أن ملاحظات مجلس الدولة غير ملزمة للنواب ، وهم الذين سيقررون الأخذ بهذه الملاحظات من عدمه، مؤكدا أنه لا صدام مع مجلس الدولة. وقد كشف التقرير الوارد من مجلس الدولة عن وجود بعض المواد بها شبهة عدم دستورية وهي المادة رقم (6) حيث تبين لقسم التشريع بمجلس الدولة من نصوص المواد أرقام (11، 53، 81، 243، 244) من الدستور المصرى أن المشرع عمد إلى مساواة المواطنين أمام القانون وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز فيما بينهم، وكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل واتخاذ ما يلزم من التدابير التى تضمن تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية، وقد ردًَدَ ذات الضمانة فى خصوص تمثيل كل من العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج فى أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار الدستور الحالي. وبالبناء على ما تقدم، فقد تلاحظ للقسم أن الفقرة الأخيرة من هذه المادة تُخالطها شبهة تعارض مع حكم المادة رقم (53) من الدستور التى تنص على «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس....... تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز،.........»، ولما كانت الأحكام التى قررت تمييزًا إيجابيًا للمرأة وغيرها من الفئات إنما قصرت آثارها - نصًا وروحًا - على المرحلة السابقة على إكساب عضوية البرلمان دون انصراف إرادة المشرع الدستورى إلى استمرار ذات التمييز خلال مباشرة تلك الفئات لمهام عضويتها، وعليه خلص القسم إلى حذف هذه الفقرة درءًا لشبهة عدم الدستورية؛ لما قد تكتنفه من تمييز غير مبرر لصالح المرأة وحدها دون غيرها من الفئات التى قرر لها الدستور ذات المعاملة. والمادة رقم (175) حيث أكد قسم التشريع بمجلس الدولة أنه امتد تنظيم النص المعروض لشئون تتجاوز حدود الولاية المقررة للمسائل التى يتعين أن تنظمها أحكام مشروع اللائحة وعلى نحو ما سلف بيانه، فتجسد النص - بهذه المثابة - يعد ظاهرا على الاختصاص المقرر لإحدى الجهات القضائية، ملزمًا إياها بمباشرته بقيود لم يَنطق بها نص المادة رقم (190) من الدستور. اضافة أن الأثر المترتب على تطبيق النص المعروض ينطوى فى حقيقته على مكنة الإخلال بالضمانة المقررة بحكم المادة رقم (190) من الدستور، فتستحيل بذلك إجراءً جائزا تخطيه بمجرد إرسال أوراق المشروع دون استيفائه للصلاحية الفنية التى تجعله صالحًا للمراجعة، فضلًا عن أن الأثر المشار إليه إنما يقوم على افتراض مسبق غير مقبول بتقصير مجلس الدولة فى أداء مهمته. وبناءً على ما تقدم، خلص القسم إلى حذف عبارة «خلال الثلاثين يومًا على الأكثر. وإذا لم يرد الرد خلال هذه المدة، لمجلس النواب أن يواصل باقى إجراءاته فى شأن إقرار المشروعات»، وعلى النحو المبين بالصيغة المرافقة. والمادة رقم (355) حيث ارتأى القسم حذف هذه المادة لما أحاط بها من شبهات جدية بعدم الدستورية للأسباب الآتية: أولًا: تخرج الأحكام التى تناولتها هذه المادة عن المسائل المحجوزة للائحة المعروضة طبقًا لحكم المادة رقم (118) من الدستور وعلى نحو ما سلف بيانه بمستهل المراجعة. ثانيا: إن من مقتضيات المصلحة العامة، وبخاصة إقرار الحرص على النأى بعضو البرلمان عن مباشرة مهام العضوية بعقل غير مستقر، إنما يقتضى فصم أى علاقة تربطه بأجهزة مستقلة أو رقابية،وبمؤسسات لها طبيعة مشابهة، وذلك درءًا للشبهات والبعدعن أى أقاويل تنال من استقلاله. والقول بغير ذلك مؤداه احتمال أن يضحى عمل العضو السابق بالجهاز الرقابى أو بالهيئات المستقلة امتدادًا لتلك الجهات داخل البرلمان. والمادة رقم (372) تبين من حكم المادة رقم (109) من الدستور انصراف إرادة المشرع إلى تقرير حكم عام بأيلولة ملكية كافة ما يتلقاه عضو مجلس النواب من هدايا نقدية كانت أم عينية إلى الخزانة العامة للدولة. ومتى كان ذلك، وكان النص المعروض قد تضمن فى الفقرة الثانية منه حكمًا يقضى باستثناء الهدايا النقدية أو العينية التى تقدم للعضو بسبب أو بمناسبة عضويته،إذا كانت مقدمة فى إطار المجاملات المعتادة التى يجرى العرف على تقديمها فى الأعياد والمناسبات إذا كانت لاتزيد قيمتها على ثلاثمائة جنيه أو التى تقدم من الزائرين أو المسئولين المصريين أو الأجانب فى مناسبات أو زيارات رسمية وفقا للأعراف الجارية واعتبارات المجاملة، وإذ لم يقيد حكم المادة رقم (109) من الدستور أيلولة الهدايا إلى الخزانة العامة بقيد أو شرط، فإن مؤدى الإبقاء على الاستثناء المشار إليه التعارض مع سديد حكم الدستور. ولا ينال من الاستخلاص المتقدم القول بأن ما تضمنه النص المعروض قد جاء إعمالًا للتفويض التشريعى المنصوص عليه بعجُز المادة رقم (109) السالف ذكرها، ذلك أن التفويض المشار إليه إنما ينصرف إلى تنظيم الأيلولة ذاتها دون أن يقيد أو يعدل من حكم إطلاقها بإيراد استثناءات من الخضوع لها. وبناءً على ما تقدم، خلص القسم إلى إعادة صياغة هذه المادة بما ينأى بها عن شُبهة عدم الدستورية، وعلى النحو الوارد بالصيغة المعدلة. والمادة رقم (404) لوحظ للقسم أنه ولئن كانت أحكام الدستور التى تناولت تنظيم مجلس النواب تُنبئ بذاتها، وعلى ضوء الأصول المقررة فى النظم الديمقراطية، عن كفالة قدر كبير من الاستقلال تستدعيه وتتطلبه مقتضيات مباشرة المجلس لمهامه الرقابية، ومن ثم كان يغدو إدراج موازنته رقمًاواحدًابالموازنة العامة للدولة أمرا منطقيا. إلا أنه وإزاء ما استبان للقسم من مُطالعة سائر أحكام الدستور مجتمعة من أن المشرع قد تولى بالتحديد والتعيين وبشكل قاطع الجهات التى يتم إدراج الموازنات الخاصة بها رقمًا واحدًا فى الموازنة العامة للدولة، إذ نص صراحة على تلك الجهات فى المواد أرقام (185)، (191)، (203) من الدستور وهى الجهات والهيئات القضائية والقوات المسلحة، ومؤدى ذلك ولازمه أنه لا يسوغ قانونًا القول بجواز إدراج الموازنة الخاصة بمجلس النواب رقماً واحداً فى الموازنة العامة للدولة، لما فى ذلك من مجاوزة لما توخاه المشرع الدستورى من التحديد السالف بيانه، والذى يتعين على سلطة التشريع أن تلتزم تخومه، وإلا جاء عملها مخالفًا للدستور ومتصادمًا مع مبدأ سيادة القانون الذى هو أساس الحكم فى الدولة، هذا فضلًا عما يترتب على مخالفة النظر المتقدم من نتائج غير منطقية تتمثل فى إمكانية بسط الحكم المذكور آنفًا على جهات أخرى خلافًا لتلك التى عينها الدستور حصرًا، وهى نتيجة لو أراد المشرع تحقيقها لما أعوزه النص عليها صراحة، ونزولًا على ما تقدم خُلص القسم إلى حذف عبارة «وتدرج رقمًا واحدًا فى موازنة الدولة» الواردة بالمادةالمذكورة تجنبًا لشبهة جدية بعدم دستوريتها. والمادة رقم (436) استعرض قسم التشريع أحكام المادتين رقمى (118) و(192) من الدستور، فاستظهر منها أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية هو اختصاص حصرى مانعًا لغيرها من السلطات عن مباشرته، وعليه خلص القسم إلى حذف هذه المادة لمخالطتها بشبهة جدية بعدم الدستورية. اضافة إلى قيام قسم التشريع بمجلس الدولة بضبط صياغة عدد من المواد وإعادة ترتيب وتنسيق مواد مشروع اللائحة.