أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسى حوارا مع صحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية إحدى أكثر الصحف الإيطالية انتشارا، حيث تبلغ نسبة توزيعها خمسة ملايين نسخة يوميا، استعرض خلاله العلاقات المصرية الإيطالية ومجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية التى شهدتها مصر منذ توليه منصبه، فضلا عن وضع مصر الحالى على الصعيد الخارجي، كما تناول قضية مقتل الشاب الإيطالى فى مصر. واستهل الرئيس الحوار بالتأكيد على اعتزاز مصر بالعلاقات الثنائية مع إيطاليا على المستويين الرسمى والشعبي. وعلى صعيد تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية التى شهدتها مصر منذ توليه منصبه، أشار الرئيس فى هذا الصدد إلى استكمال استحقاقات خارطة المستقبل وتشكيل مجلس النواب الذى يضم نسبة غير مسبوقة من المرأة والشباب. كما أشار إلى المشروعات القومية المختلفة التى تدشنها وتنفذها الدولة مثل قناة السويس الجديدة ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان ومشروع الشبكة القومية للطرق وغيرها، بالإضافة إلى تخصيص 200 مليار جنيه على مدى خمس سنوات لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة مخفضة، فضلا عن القضاء على مشكلات مزمنة كانت تعانى منها مصر مثل أزمة الكهرباء والغاز. وعلى الصعيد الخارجي، أشار الرئيس إلى استعادة مصر لمكانتها على الصعيدين الإقليمى والدولى من حيث تنشيط علاقات مصر الدولية، والدور المصرى الفاعل فى مكافحة الإرهاب، وحصول مصر على عضوية مجلس الأمن، وكذا عضوية مجلس السلم والأمن الافريقي، وتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين التكتلات الاقتصادية الافريقية الثلاثة. وعلى صعيد العلاقات المصرية- الإيطالية، أكد الرئيس عمق العلاقات الثنائية المتميزة التى تجمع بين البلدين ووصفها بأنها تاريخية وعميقة ومتميزة، مشيرا إلى أن إيطاليا تعد الشريك التجارى الأول لمصر على مستوى القارة الأوروبية، فضلا عن توافر العديد من مجالات التعاون المشترك نظرا لكون مصر وإيطاليا دولتين متوسطتين. كما أشار الرئيس إلى أهمية البعد الشعبى فى العلاقات الثنائية بين البلدين والذى طالما تميز بالثراء والتواصل الثقافى والحضارى فقد كان لإيطاليا جالية كبيرة فى مصر تعمل فى مختلف مجالات التجارة والفنون والعمارة وساهمت بفاعلية فى تقدم تلك المجالات بمصر، كما أن الجالية المصرية فى إيطاليا لها نشاط فاعل على صعيد العمل والحياة فى المجتمع الإيطالي. وردا على استفسار بشأن العلاقة مع رئيس الوزراء الإيطالي، أعرب الرئيس عن تقديره واحترامه لرئيس الوزراء الايطالى واصفا إيَّاه بأنه صديقٌ عزيز لمصر وله شخصيا. ووجَّه الرئيس التهنئة للشعب الإيطالى على اختياره لرئيس الوزراء الإيطالى الذى يتميز بالنشاط والذكاء ويمتلك رؤية سياسية واقتصادية واعية. وأشار الرئيس إلى أن علاقة الصداقة التى تجمعه برئيس الوزراء الايطالى تأتى مدفوعة بزخم رسمى وشعبى فى إطار علاقات الصداقة الوطيدة التى تجمع بين البلدين والشعبين المصرى والإيطالي، مؤكدا أن تلك العلاقات المتميزة تنعكس على مختلف مجالات ومستويات التعاون بين البلدين، معربا عن التقدير لمواقف إيطاليا ورئيس الوزراء «رينزي» الداعمة لمصر وشعبها. وأكد الرئيس ترحيب مصر بالاستثمارات الإيطالية على المستويين الرسمى والشعبي، مشيرا إلى الاعتزاز بعلاقات العمل والتعاون مع شركة إينى الإيطالية التى تعمل فى أحد أهم المجالات بالنسبة لمصر وهو مجال الطاقة الذى يعد ضروريا لنمو جميع القطاعات الاقتصادية فى الدولة. وردا على استفسار بشأن حادث مقتل الباحث الإيطالى «جوليو ريجيني»، أكد الرئيس للشعب الإيطالى أن هذا الحادث كان صادما للشعب المصرى مثلما كان بالنسبة لهم، مشيرا إلى أن علاقات الصداقة بين الشعبين ممتدة وتاريخية، وإلى أن مصر حريصة على توفير الأمن والحماية لجميع زائريها، ومن بينهم الإيطاليون. وذكر الرئيس فى حديثه أن هذا الحادث المروع والمرفوض من حكومة وشعب مصر هو حادث فردى لم يواجهه سوى مواطن إيطالى واحد من بين جموع الإيطاليين الذين يزورون مصر والذين تقدر أعدادهم بالملايين على مدى أعوام طويلة. وأشار الرئيس إلى اختفاء المواطن المصرى عادل معوض المقيم فى إيطاليا منذ خمسة أشهر دون الكشف عن أسباب اختفائه أو المتسببين فيه، مؤكدا أن مثل هذه الأحداث الفردية لا يتعين اتخاذها كأسباب لإفساد العلاقة بين البلدين، ومشيرا إلى أنه فى أوقات الشدائد يُعرف الأصدقاء وتُقاس مدى متانة العلاقات. وأشار الرئيس فى ذات السياق إلى أن النيابة العامة قد تولت التحقيق منذ اللحظة الأولى وتحت إشراف مباشر للنائب العام، كما تم تشكيل مجموعات عمل متخصصة من قِبل أجهزة الأمن المعنية للوقوف على أسباب الحادث وملابساته، وما زالت تبذل جهوداً كثيرة حتى الآن. كما أكد الرئيس حرص مصر على تكثيف التعاون مع الجانب الإيطالى لكشف غموض هذا الحادث الأليم وتقديم مرتكبيه للعدالة، مشيرا إلى أن الفريق المصرى المكلف بالتحقيق سوف يتوجه خلال أيام إلى روما لدفع سبل التنسيق المشترك فى هذه القضية. كما أوضح الرئيس أن توقيت هذا الحادث يطرح العديد من الأسئلة ومن بينها توقيت الكشف عن الحادث أثناء زيارة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية لمصر على رأس وفد من ممثلى مجتمع الأعمال الإيطالى وفى الوقت الذى تشهد فيه العلاقات بين البلدين زخما سياسيا واقتصاديا غير مسبوق، وما إذا كانت هناك أطراف لديها مصلحة لعرقلة هذا التعاون، فضلا عن كيفية تعامل الجانبين المصرى والإيطالى مع هذا الحادث وأهمية تفويت الفرصة على تلك الأطراف. ووجّه الرئيس رسالة إلى أسرة الباحث الإيطالى «ريجيني» أكد خلالها إدراكه التام لمدى الألم الذى يشعرون به جراء فقد نجلهم، مقدرا حجم المرارة والصدمة التى روعتهم وأحزنت قلوبهم. ووجَّه إليهم الرئيس أصدق التعازى وخالص المواساة فى وفاة نجلهم، معربا عن تضامنه معهم فى مُصابهم الأليم، كما أكد مواصلة العمل مع السلطات الإيطالية لضبط مرتكبى الحادث حتى ينالوا جزاء رادعا بموجب القانون. وقد تناول الرئيس فى حواره للصحيفة الإيطالية كذلك عددا من القضايا المهمة على الصعيدين المتوسطى والإقليمي، وفى مقدمتها مكافحة الهجرة غير الشرعية، وسبل التعاون مع الاتحاد الأوروبى لمواجهتها، فضلا عن جهود مكافحة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط، وتسوية القضايا الإقليمية، حيث استأثرت الأزمة الليبية بجزء مهم من الحوار، على صعيد سبل مكافحة تنظيم داعش فى ليبيا، وجهود دعم حكومة الوفاق الوطنى الليبية والجيش الوطنى الليبي.