تعد الحروق من أكثر مجالات الرعاية الصحية تجاهلا فى مصرمما دفع مؤسسة «أهل مصر» إلى التركيز عليها ضمن مجموعة أخرى من المشروعات التنموية، والهدف العام للمؤسسة هو الوصول إلى مجتمعات إنسانية محمية وخالية من الحروق، كما تسعى إلى تطوير نموذج متكامل معترف به دوليا لرعاية ضحايا الحروق طبيا ونفسيا، وقد طورت المؤسسة برامج شاملة للوقاية من الحروق مصحوبة ببرامج تدريب على الإسعافات الأولية للأطفال والبالغين، وشملت أيضا العاملين بالوحدات الصحية فى القرى والمحافظات. توضح هبة السويدى مؤسس جمعية أهل مصر لعلاج الحروق أن المؤسسة تنموية غير هادفة للربح أنشئت فى عام 2013، وتعمل فى مجال الصحة، والتوعية والتنمية الاجتماعية، وبشكل خاص فى مجال علاج إصابات الحروق والتوعية والوقاية من مسبباتها وكيفية التعامل معها، ونسعى لإنشاء أول مستشفى غير هادف للربح متخصص فى علاج الحروق فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمساحة إجمالية 12 ألف متر مربع فى التجمع الأول بالقاهرة الجديدة، لتقديم خدمات طبية شاملة لمختلف احتياجات حالات الحروق كما سيقدم علاجا نفسيا وبرامج توعية وإعادة تأهيل اجتماعى، وقد بدأنا مبادرة إنسانية «بلا حروق» على وسائل التواصل الاجتماعى بتطوع العديد من الفنانين والشخصيات العامة. لماذا الحروق؟ لأنها تعد إحدى المشكلات الاقتصادية والصحية الكبيرة التى تعانى منها جميع الدول النامية اقتصاديا والدول محدودة الدخل الاقتصادى مثل مصر، فهى تعد من أكثر الإصابات شيوعا وأعلاها فى أسباب الوفاة، ففى مصر تتسبب إصابات الحروق هى والأمراض الناتجة عنها فى وفاة 37% من إجمالى حالات الحروق سنويا، كما يحتاج الأشخاص المصابون بإصابات الحروق رعاية متخصصة وعاجلة لتقليل خطر الإصابة بعدوى بكتيرية أو أمراض أخرى قد تتسبب فى وفاة المصاب. ولا تحظى مصر ببنية تحتية تمكنها من تحمل هذا العدد الكبير من إصابات الحروق التى تحدث سنويا، ويتحمل القطاع العام الجزء الأكبر من توفير الخدمات الطبية إلا أن مشاركته فى إنخفاض مستمر، على الرغم من توفير التمويل لكثير من مستشفيات القطاع العام لسنوات طويلة ولكن العديد منها ذات خدمات سيئة، وغالبا ما تكون الوحدات غير متطورة وسيئة الإدارة، كما يمثل العبء الاقتصادى لعلاجها عائقا كبيرا نظرا لطول فترة العلاج وارتفاع تكلفة عمليات التجميل لإعادة بناء الخلايا المدمرة. وفيما يتعلق بأسباب الحروق، تعتبر إصابات الحروق من أكثر الإصابات ارتباطا بالحالة الاقتصادية والاجتماعية لذلك تكون أكثر انتشارا فى المناطق العشوائية المحرومة من الخدمات، فهى تمثل فى الأسر محدودة الدخل 75% من إجمالى الحرائق، ويمثل التعرض للنار المباشرة والأسطح والسوائل الشديدة السخونة 90% من أسباب إصابات الحروق فى مصر، ويرجع ذلك إلى الممارسات المنزلية غير الآمنة وانعدام الوعى المجتمعى، فحروق القش والمخلفات الزراعية الأكثر شيوعا فى المناطق الريفية، أما حروق السوائل الحارقة فهى الأكثر فى المناطق الصناعية. حقائق وأرقام تصف المشكلة رصدت منظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والطب الشرعى بعض الحقائق منها: يبلغ معدل مصابى الحروق سنويا فى مصر نحو 80.000 مصاب، ويعد هذا المعدل الأعلى على مستوى الدول النامية اقتصاديا فى منطقة شرق البحرالمتوسط وشمال افريقيا، وكذلك مقارنة بالمتوسط العالمى لإصابات الحروق، ويفسر ارتفاع النسبة بأن أكثر من 50% من المصابين من الأطفال الذين يحتاجون إلى الرعاية العاجلة. يمثل الأطفال الأقل من 5 سنوات 25% من معدل إصابات الحروق الكلى، ويمثلون أكثر من 50% من معدل إصابات الحروق فى الأشخاص الأقل من 20 عاما. عدد أسرة وحدات الرعاية المركزة فى مصر 5.8% فقط من المجموع الكلى لعدد أسرة المستشفيات، بينما النسبة المطلوب الوصول إليها لتوفير الرعاية الطبية المطلوبة هى من 10 إلى 20%. يعانى 46% من المصريين من الحروق التى تغطى أكثر من 20% من سطح الجسم والذى يعادل الجزء الأمامى من الخذع أو حرق كلا الذراعين. قصص ملهمة تنتظر المساعدة تجربة الإصابة بالحرق واحدة من أكثر التجارب إيلاما من الناحية البدنية، ولكنها أكثر إيلاما من الناحية النفسية للمصاب وذويه خاصة إذا أسفر عن تشوه فى الوجه أو إعاقة فى الحركة، تنتهى عند هذا الحد ولكن تمتد لتلازمه طوال حياته حيث تظل فرصه أقل من أقرانه فى التعليم والزواج والحصول على وظيفة. حبيبة طفلة فى الخامسة من العمر من محافظة المنيا، أثرت فى حياة كل فرد فى المؤسسة ببراءتها وحبها للحياة، ولكنها للأسف تحتاج إلى أربع عمليات ترميمية تم عمل اثنتين منها بنجاح، وترجع قصتها عندما أشعلت أمها النار لتدفئة المنزل فأمسكت النار فى ملابسها مما دفع حبيبة للركض نحوها واحتضانها خوفا عليها ومحاولة حمايتها، والنتيجة كانت حروقا بالوجه والرأس وتشوهات دائمة جعلتها محل رفض من أطفال القرية، أما أمينة فقد كانت تتأكد من أن الأنبوبة الجديدة لاتسرب غازا باستخدام الكبريت فاشتعلت النار فى الإسطوانة لتصل لملابسها فى أقل من ثانية، ليمتد الحريق إلى كل جسدها، وهى تعانى من حروق كبيرة فى الفم والصدر والذراعين والساقين، وتحتاج إلى ثلاث عمليات جراحية ترميمية، بعد الانتهاء من اثنتين. جدير بالذكر أن مؤسسة أهل مصر تقوم بأعمال تنموية أخرى تركز على الفئات الأكثر تهميشا منها مبادرة القرية الآمنة، والتأهيل المهنى، والتمكين الإقتصادى للمرأة.