على مدى ثلاثة أيام متواصلة بدأ مجلس النواب الأحد الماضى مناقشة مواد مشروع اللائحة الجديدة للمجلس لأخذ الرأى النهائى عليها تمهيدا لصدورها بقانون وفقا للدستور، وعلى مدى تلك الأيام الثلاثة لم يوافق المجلس «خلال خمس جلسات صباحية ومسائية» سوى على 23 مادة فقط من أصل 440 مادة هى عدد مواد اللائحة ، والسبب فى ذلك حالة من التخبط فى المناقشات على المواد والتصويت عليها، فتارة يطرح رئيس المجلس التصويت برفع الأيدى وتارة أخرى الكترونيا، وكذلك الموافقة على اقتراحات بعض النواب ثم العودة إلى نص المادة الوارد من اللجنة. الجميع ينتظر إقرار اللائحة الداخلية حتى يتم تشكيل اللجان النوعية، ليبدأ المجلس فى ممارسة مهامه الأساسية سواء فى الرقابة أو التشريع ، ولكن لو استمر معدل مناقشات اللائحة بهذا الشكل فأمامنا نحو شهرين حتى يتم تشكيل اللجان، وهو ما حذر منه الدكتور على عبد العال رئيس المجلس خلال الجلسات، والذى من شأنه أن يعرقل ممارسة المجلس لمهامه. تجسدت حالة الجدل والانشقاق خلال الجلسة المسائية أمس الأول وظهر جليا وجود حالة من التخبط بين النواب عند مناقشة المادة الحادية والعشرين والتى تنص على أن «يختص رئيس المجلس بالنظر فى الدعوات لزيارة برلمانات الدول الأخرى وتصدر عنه الدعوات لهذه البرلمانات، ويتولى مكتب المجلس شئون الوفود البرلمانية على أن يراعى بقدر الإمكان عند تشكيلها تمثيل مختلف الاتجاهات السياسية بالمجلس ، ويختار مكتب المجلس رؤساء هذه الوفود ما لم يكن بين أعضائها رئيس المجلس أو أحد الوكيلين ، فتكون له الرئاسة». وكان النائب عبد المنعم العليمى قد أكد أن المادة بشكلها الحالى بها فساد برلماني، ولا يصح بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو أن تظل على أصلها لأنها ليست لها معايير للاختيار وأشار الى أنه كان نائبا لمدة 15 عاما ، ولم يقع عليه الاختيار للسفر لأى دولة فى العالم ، واضطر للسفر على حسابه الخاص إلى بولندا. وقدم العليمى اقتراحا أن تختص اللجنة العامة بدلا من رئيس المجلس بالنظر فى الدعوات لزيارة برلمانات الدول الأخرى ، وتصدر عنها الدعوات لهذه البرلمانات، ويتولى الأمين العام بدلا من مكتب المجلس شئون الوفود البرلمانية على أن يراعى بقدر الإمكان عند تشكيلها تمثيل مختلف الاتجاهات السياسية بالمجلس، ويختار مكتب المجلس رؤساء هذه الوفود ما لم يكن بين أعضائها رئيس المجلس أو أحد الوكيلين ، فتكون له الرئاسة. وقال الدكتور على عبد العال خلال الجلسة تعليقا على اقتراح العليمى «اطمئنوا أنتم فى أيد أمينة» مشيرا إلى أن هيئة المكتب وضعت قواعد لسفر الوفود البرلمانية ، ومن يسافر فى وفد لن يسافر مرة أخرى إلا بعد أن تكتمل الدائرة على سفر جميع النواب، مع مراعاة أن يكون فى كل وفد ممثل للشباب والمرأة والأحزاب والمستقلين. وطالب رئيس المجلس النواب بالتصويت الكترونيا على اقتراح النائب العليمى فوافق المجلس بأغلبية أعضائه على الاقتراح ، إلا أن النائب بهاء أبو شقة مقرر اللجنة قال إن أى تعديل فى هذا النص سيحدث خللا مع البرلمانات الأخرى بروتوكوليا حيث إن هذا الاختصاص من حق رئيس المجلس، ولذلك فإن اللجنة تتمسك بالنص بوضعه الحالي، واعتبر أبو شقة أن ما ورد فى المضبطة على لسان رئيس المجلس بشأن هذه المادة مكملا لنص اللائحة. وأيدته النائبة مى المطران التى أكدت أن التمثيل الدولى يحتاج لأشخاص معينة ولابد أن يختارهم رئيس المجلس. وفوجئ النواب بالدكتور على عبد العال يرفع الجلسة لمدة نصف ساعة قبل الانتهاء من أخذ الموافقة على المادة بصفة نهائية، وعقب عودة انعقاد الجلسة مرة أخري، قال عبد العال إن جميع بروتوكولات العالم تنص فى لائحتها على أن رئيس المجلس هو المنوط به النظر فى دعوات زيارة الدول، وعند طرح المادة للتصويت ، فوجئ النواب بظهور نص على شاشة التصويت يعرض المادة بنص مختلف عن الاقتراح الذى تقدم به العليمى وهى أن يختص رئيس المجلس بالنظر فى الدعوات، وتتولى اللجنة العامة تشكيل الوفود، وهو الأمر الذى أحدث حالة من الارتباك بين النواب، نظرا لأن هذا الاقتراح لم يعرض على الأعضاء مما جعل أحد النواب يقول لرئيس المجلس مازحا «أنت لخبطت الكمبيوتر». وفى النهاية طرحت المادة الواردة من اللجنة للتصويت فتمت الموافقة عليها على أصلها. كان النائب أسامة شرشر قد طالب بأن تكون لجنة تقصى الحقائق لها أنياب، مشيرا إلى أن المادة الواردة من اللجنة فى اللائحة الجديدة ليس بها أى عقوبة توقع على الذى يمتنع عن تقديم مستندات أو بيانات، فلابد أن تكون هناك عقوبة حتى نحاصر الفساد والمفسدين، وهذا دور المجلس الرقابة والمحاسبة والمساءلة. كما طالب بأن يحصل أى مواطن على نسخة من مضابط المجلس إذا طلبها لأنه من حق الشعب أن يعرف ما يدور داخل البرلمان، وتكون فرصة للباحثين والمؤرخين والصحفيين فى معرفة ما يحدث داخل المجلس من خلال المضابط. وعقب على كلمته رئيس المجلس قائلا إن المضابط تنشر فى الجريدة الرسمية ومن حق كل مواطن الاطلاع عليها . كما وافق المجلس على المادة الثانية والعشرين والتى تتضمن أن يتولى مكتب المجلس الإشراف على تنظيم جميع شئونه البرلمانية والإدارية والمالية، وفقا للنظام الذى يضعه المكتب فى هذا الشأن. ووافق المجلس على المادة الثالثة والعشرين والتى تتعلق بأن يدعو رئيس المجلس إلى اجتماعات دورية ويجوز له أن يدعو المكتب إلى اجتماعات طارئة ، ولا يصح اجتماع المكتب إلا بحضور جميع أعضائه، وتصدر قراراته بموافقة أغلبية الحاضرين على أن يكون من بينهم الرئيس. وقد شهدت المناقشات بشأن المادة الرابعة والعشرين خلافات بين النواب وهى المادة المتعلقة بتشكيل اللجنة العامة فى بداية كل دور انعقاد سنوى برئاسة رئيس المجلس والوكيلين ورؤساء اللجان النوعية وممثلى الهيئات البرلمانية لكل من الأحزاب السياسية التى حصلت على خمسة مقاعد أو أكثر، والائتلافات البرلمانية ، إضافة إلى خمسة أعضاء يختارهم مكتب المجلس على أن يكون من بينهم عضو واحد من المستقلين على الأقل إذا كان عدد الأعضاء المستقلين بالمجلس عشرة أعضاء فأكثر. وخلال المناقشات طالب عدد من النواب بإتاحة تمثيل جميع الأحزاب فى اللجنة العامة، حتى إن كانت حاصلة على مقعد واحد، وهو ما رفضه المجلس. فيما طالب البعض الآخر من النواب بأن يتم تعديل نص المادة ليصبح تمثيل الأحزاب التى حصلت على ثلاثة مقاعد أو أكثر، وهو ما رفضه المجلس أيضا، هنا تدخلت النائبة مارجريت عازر وطالبت بأن تمثل الأحزاب التى حصلت على 10 مقاعد أو أكثر فى اللجنة العامة وهو ما وافق عليه المجلس. ولكن هذا الأمر أثار حفيظة نواب الأحزاب الذين اتهموا ائتلاف دعم مصر بتوجيه التصويت لإضعاف الأحزاب. وبشأن تمثيل المستقلين طالب النائب خالد يوسف بأن يمثل خمسة أعضاء من المستقلين بدلا من واحد فى اللجنة العامة إذا زاد عدد المستقلين على 20% من عدد الأعضاء ، نظرا لأن عدد المستقلين فى المجلس نحو 350 عضوا ، وهو عدد كبير مقارنة بعدد ممثلى الأحزاب. وقبل الموافقة على المادة بعد تعديلها فوجئ النواب بالدكتور على عبد العال يرفع الجلسة لمقابلة وفد برلمانى إماراتى على أن يعود المجلس للانعقاد يوم الأحد المقبل دون أخذ رأى المجلس على المادة سواء بالرفض أو قبول التعديلات .