تكالب عليك الجميع يا مصر, يتآمرون ويدمرون ويخربون ويقتلون وينهشون ويسحلون ويستبيحون.. اختلط الحابل بالنابل, وظل السؤال حائرا, من مع من ضد من, في الداخل والخارج وكاد الخوف يخيم, قولوا أمريكا وإسرائيل ولا تقولوا السعودية.. لا تقربوا الجيش ولا تقربوا الإخوان والسلفيين, فلم يعد الشعب والجيس إيد واحدة, واستمر الشعب والشرطة في عداء سافر, واختلف الإخوان والسلفيون, فكلاهما يخطف الأصوات ليحصد المقاعد ويستأثر بالسلطة, وهما معا يشكلان حزبا وطنيا جديدا أكثر رعبا للمسلمين قبل المسيحيين.. والتقي بلطجية النظام والعشوائيات في الميدان مندسين بين الثوار الحقيقيين الذين بتظاهرهم المستمر يعطونهم الفرصة للوقيعة وتشويه الصورة والخسائر في الأرواح والأجساد والمنشآت والتاريخ.. وأصبح لابد من استبدال التظاهر بالفيس بوك مرة أخري, فضلا عن الإعلام.. لكن الأخطر من كل هذا, أننا مازلنا نبحث عن الخلاص بالفرد, والخلاص في الفرد.. وهو إرث فرعوني وديني أيضا.. فالفرعون هو كل شيء, فليتحمل الصواب والخطأ علي طريقة عبدالناصر بعد النكسة عندما أعلن أنه المسئول وأنه مستعد لأن يدفع الثمن, برغم أنه لم يكن المسئول وحده.. والمسلمون سابقا ولاحقا وجدوا في الرسول الكريم أسوة حسنة, هو المنزه عن الخطأ وهو الذي لا ينطق عن الهوي, فاعتمدوا عليه كلية حتي الشفاعة وتوقفوا عن الفكر والتفكير وأصبح همهم الأول والأخير الخشية والتكفير.. والمسيحيون سابقا ولاحقا وجدوا في السيد المسيح مخلصا يتحمل خطاياهم حاملا الصليب علي كتفيه فاعتمدوا عليه كلية واكتفوا بالصلوات والاعترافات.. ومع أن الثوار ظنوا أن الثورة هي الخلاص, إلا أن الشعب, وليس جميعه ثوارا, بل كثيرين منه إما أنهم ضد الثورة انخداعا بنظرية الاستقرار والأمن والأمان لدرجة الترحم علي مبارك ونظامه, فلا يهم القهر ولا يهم الظلم ولا يهم النهب, المهم فقط طريقة القطيع الذي يأكل ويشرب ولا يفكر ولا يناضل ولا يقبل التعرض للسرقة ونقص الدخل وقلة الموارد.. أو أنهم نائمون مثل أهل الكهف ومغيبون بدرجات تصل الي عدم العلم بالتغيير, فإذا علموا بالصدفة فلا ولن يدركوا شيئا.. كل هذا وأكثر, ومصر تنتخب وتنتحب.. أما الانتخاب النيابي, والانتخاب الرئاسي مشكوك فيه, شأنهما شأن انتخابات واستفتاءات ما قبل 25 يناير 2011 باستثناء انتخابات ما قبل 23 يوليو.. 1952 وأما الانتحاب فحدث ولا حرج.. لك الله يا مصر.. ولنردد مع الراحل صلاح عبدالصبور صيحته أو صرخته مخاطبا شعب مصر انفجروا أو موتوا.. انفجروا أو موتوا وقد انفجر الشعب وينفجر ولكنه لن يموت! المزيد من مقالات فتحى العشرى