كتب:العزب الطيب الطاهر الربيع الأردني ما زال يرواح مكانه, لكنه يترقب لحظات الانبثاق مستندا الي خصوصيته فهو لن ينهض علي تغيير دراماتيكي في محددات النظام الملكي الذي يحظي بالاحترام. وإنما علي إجراء تعديلات جوهرية في هذه المحددات بما يجعله أكثر مقاربة لحالة الملكية الدستورية مع الإبقاء علي وضعية الملك الأبوية- إن صح التعبير- وذلك وفق الموروث الذي سار عليه الأردن منذ تأسيسه كإمارة في1291 ثم إعلان الملكية في العام6491. ويبدو أن الهتاف الذي انطلق بمنطقة الطفيلة الأردنية قبل حوالي أسبوعين والذي شكل تحولا يمكن وصفه بالنوعي متجسدا في' المطالبة بتنحية الملك اذا لم يتم اجراء اصلاحات حقيقية في جوهر الحكم' قد بعث برسالة واضحة للملك عبد الله الثاني مؤداها ضرورة التحرك علي نحو أكثر فعالية وجرأة باتجاه إنجاز المشروع الإصلاحي الذي تبناه هو شخصيا مع اندلاع ثورات الربيع العربي وخروج الألوف من شعب الأردن وفي المقدمة منهم شبابه مطالبين بالتغيير. ومن الواضح أن الملك عبد الله الثاني أدرك أن حكومة عون الخصاونة التي شكلها في شهر أكتوبر المنصرم- أي قبل مايزيد علي نصف العام- وجاء برئيسها- رجل القانون الدولي- من خارج النخبة السياسية التقليدية لم تلب متطلبات مشروعه أو هكذا بدا من خطاب قبوله استقالتها قبل حوالي أسبوعين والذي تضمن انتقادات قاسية لأدائها واللافت أن دوائر أردنية- خاصة تلك التي تنتمي للمعارضة بتجلياتها المختلفة اسلامية ويسارية وحتي ليبرالية- لم تبد تفاؤلها بتكليف الدكتور فايز الطروانة ليشكل الحكومة الجديدة والإشراف علي تطبيق الإصلاحات المطلوبة ليدخل الأردن زمن الربيع العربي المفعم بأشواق الناس في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بسبب كونه من رجالات الملك الراحل الحسين حيث كان واحدا من رموزحكمه وتولي رئاسة الحكومة في الفترة عامي1998 و1999وهو ما يعني أنه يفتقر الي القدرة علي التفاعل مع مطالب التغيير والاصلاح فضلا عن كونه مهندس اتفاقية وادي عربة مع الكيان الصهيوني في العام1994. وأظن أنه بوسع الملك عبد الله الثاني بما يتسم به من ذكاء سياسي وقبول شعبي عام أن يفتح أفق التغيير الحقيقي والإصلاح الجوهري وهو قد بدأ الخطوة الأولي عبر دعوته الي إجراء انتخابات لمجلس النواب قبل نهاية العام الحالي ولكنه مطالب بأن يفتح شهية القوي السياسية المختلفة للانخراط في العملية الانتخابية وفق أسس النزاهة والشفافية بحيث تسفر عن ربيع بنكهة أردنية علي غرار الربيع الذي شهده المغرب مطلقا بذلك طاقات الشعب الأردني المحمل بالرغبة القوية في اللحاق بالمسارالديمقراطي بدون الغرق في مستنقع الدم أو التناقضات الحادة بين مؤسسة الحكم والجماهير وذلك يستوجب جملة من الخطوات الضرورية. أولا: إنجاز سلسلة من القوانين المطلوبة وفي صدارتها قانون للانتخابات وآخر للأحزاب علي نحو يوفر الطمأنينة للقوي السياسية والشعبية المشاركة في الانتخابات المرتقبة: ثانيا: إجراء عملية تطهير واسعة داخل النخب السياسية خاصة في الحلقات الضيقة المحيطة بمؤسسة الحكم. ثالثا: إطلاق سطوة القانون وإقصاء أدوات التسلط الأمني وإنهاء ثقافة التزوير علي أن يكون ذلك تحت إشراف الملك شخصيا. رابعا: اتخاذ خطوات فعالة علي صعيد محاربة الفساد يشعر بها المواطن البسيط وابناء الطبقات الوسطي. خامسا: بلورة سياسات وإجراءات عملية تعمل علي تقليص ما يمكن وصفه بالعنف المجتمعي والذي ترافق مع تفتيت البنيان الاجتماعي للأردن. مما أسهم في دفع الجماهير الي القيام بهبات واحتجاجات مطالبة ببناء النظام الديمقراطي. سادسا: إن التحول نحو الديمقراطية الحقيقية ليس سهلا وهنالك جهات سوف تقاوم هذا التغير ولكن من الضروري تجاوز كل هذه الحواجز والمضي قدما ولكن بتدريج منظم في إزالتها واحدا تلو الآخر بحيث لا تبقي سوي الثوابت الوطنية المتمثلة في مؤسسة العرش والجيش والالتزام بسلمية العمل السياسي وحماية حقوق المواطنة والتعددية السياسية.