ثابت أمين عواد: في ظل اهتمامنا بالقضايا الاساسية لبناء جديد للوطن, وامام التجاذبات بين الفرقاء حول الاولويات, غاب عن الجميع الانفلات الإلكتروني الذي يحدث في الفضائيات وخدمات شبكة الإنترنت والعالم الافتراضي, وترتفع نسبة المخاطر لهذا النوع من الجرائم لاسباب عدة أهمها التطورات فائقة السرعة التي تصاحب هذا القطاع, اضافة الي حداثة هذا النشاط, وبالتالي ندرة الخبرات التشريعية, فضلا عن تركيز الاهتمام الرسمي بالقضايا الراهنة علي الأرض, اضافة إلي تراجع الحالة الاقتصادية وحالات التغيير الاجتماعي, وكذلك رعونة غالبية مستخدمي المواقع الإلكترونية وصفحات الإنترنت. وتعد مسألة غياب الرقابة الفاعلة والقانون الرادع احد اسباب انتعاش هذا النوع من الجرائم, ولاينكر الخبراء صعوبة هذا النوع من الجرائم مثل العلم بوقوع الجريمة ومعرفة مرتكبها وبالتالي صعوبة القبض عليه, واذا كانت جرائم الشارع مثل البلطجة والانفلات الامني ومعها جرائم التحرش وسرقات السيارات وتشكل ظواهر تؤرق الافراد والمجتمع والدولة, فان البلطجة الرقمية وقراصنة الشبكة العنكبوتية ومحترفوا الجرائم الالكترونية ينتشرون بشكل وبائي حتي بلغت نسبة زيادة تلك الجرائم بعد الثورة في مصر اكثر من100%.. مقارنة بعام قبل الثورة. علي الجانب الآخر لما يحدث في التحرير والبرلمان, هناك ساحات للثورة والتغيير يتزايد روادها من بينهم محترفي بلطجة الإنترنت وتشويه سمعة الآخرين عبر الإنترنت بمعدلات زادت علي بلطجة الشوارع والطرق والمدن, فجرائم التشهير والابتزاز عن طريق المواقع الاجتماعية مثل فيس بوك وتوتير, واليوتيوب اصبحت تشكل ساحات للجرائم والتشهير, اضافة الي جرائم معاملات النقود البلاستيكية بطاقات الائتمان, وغسيل الاموال, والجرائم الجنسية. التوقيت والجريمة واذا كانت الجرائم التقليدية ترتبط بعنصر الزمن الذي يشكل بعدا ضروريا لاتمامها, فان الجرائم الرقمية لايعيقها هذا البعد الزمني, فهي تتم علي مدار الساعة, ولايقف في طريقها التوقيت المحلي للمدن والدول والمناطق, بل ان هذا التوقيت قد يشكل اضافة لتعزيز نشاط جريمة يقوم بها احد الاشخاص لينفذ جريمته علي الجانب الآخر من الكرة الارضية يستثمر فيه اختلاف الليل والنهار مع بدء ونهاية اليوم والنشاط وتتركز تلك الانشطة في جرائم التجارة الالكترونية والقرصنة المالية. وتقوم العديد من النظم بفرض مراقبة لمحتوي الإنترنت وحجب الكثير من المواقع, وهنا يكمن التحدي والمخاطر بين المنع والمنح, فلا يختلف عن تداعيات هذه المخاطر مجتمع متطور وآخر متخلف, فمازالت الرقابة الصارمة علي الانترنت تشكل قضية جدلية امام الدعوات لحرية تداول المعلومات, ومايحدث في الصين وايران علي سبيل المثال من التشديد في اجراءات الرقابة, فان الامر لايختلف عنها في الدول المتقدمة مثل بريطانيا حيث تسعي السلطات هناك لمنح الشرطة وعناصر الاستخبارات البريطانية السلطة لمراقبة الرسائل الشخصية علي الإنترنت, وتعتزم وزيرة الداخلية البريطانية, تيريزا ماي, تقديم القانون الجديد حيث يسمح للوكالات الأمنية البريطانية بفحص المواطنين الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات المحادثة علي برنامج سكايب. ويؤكد خبراء تقنية المعلومات ان سلاح حجب المواقع الإلكترونية ضد مجرمي الانترنت غير مجد لأن الحجب لايستمر لأكثر من15 دقيقة فقط, ويمكن لصاحب الموقع المخالف أن يعيدها مرة أخري بعد تغيير اسم الموقع.. اين دور الحكومة وموقف برلمان الثورة بالنسبة لقوانين الاتصالات وحماية حقوق الملكية الفكرية والتوقيع الإلكتروني, وهل تسرع الوزارات المعنية( العدل والاتصالات والتنمية الادارية والداخلية) بالاسراع في اصدا هذا القانون الذي اعده خبراؤنا بالفعل ويحتاج فقط الي تفعيل آليات اصدارة. السرقة الرقمية حتي تعريف السرقة الرقمية التي تتم في لحظة واحدة من خلال عمليات اقتباس او سرقة او تقاسم الملفات الإلكترونية التي تشكل انتهاكا لحقوق الملكية وارتكاب جرائم رقمية. قد لاترقي بعض العمليات إلي مستوي السرقة حيث العالم الافتراضي يتسم بالهلامية غير المادية الملموسة التي يسهل التأكد منها, وهنا نشأت الحاجة الي اصدار تشريع الكتروني لمنع الجريمة المعلوماتية ينظم التعامل مع وسائط الإعلام الرقمي, فالحقوق الالكترونية تنتهك يوميا حيث لاتوجد التشريعات المناسبة و الشرطة الرقمية مازالتا في طور الاعداد ولايختلف عن ذلك دول متقدمة او اخري نامية, فالكل يكاد يواجه المشكلات ولكن بنسب..فعلي سبيل المثال فان الولاياتالمتحدة تواجه معضلات اعادة النظر في العديد من القوانين والاتفاقيات الحقوقية المتعلقة بالنشر الالكتروني, فعندما أبرم اتحاد الناشرين الأمريكيين مع شركة جوجل وعدد من دور النشر يسمح للشركة بنشر ملايين الكتب التي تقع في نطاق الملكية العامة ولم تعد تطبع. وأبرم هذا الاتفاق في أواخر عام2009, وبدأت شركة غوغل تنفيذه فعليا, الا ان هذا الحكم اصطدم باعتراض وزارة العدل الأمريكية عليه, بعد الحكم الذي أصدره قاض أمريكي في22 مارس الماضي, وأمر بوقف سريان الحكم, واستند الحكم إلي أن الاتفاق يرسخ مبدأ الاحتكار معلوماتيا, ولا يضم حقوق أصحاب الكتب أو الورثة, كما أنه قد يعطي امتيازات مستقبلية للشركة فيما يتعلق بنشر هذه الكتب. يحدث هذا في الولاياتالمتحدة, اما في العالم العربي وفي مصر علي وجه الخصوص فاننا مازلنا في حاجة الي المزيد من الاهتمام بهذا التطور مع نمو اعداد المستخدمين للنشر والخدمات الالكترونية.