دخلت الأزمة السياسية بين البرلمان والحكومة يومها الرابع دون أن تلوح في الأفق بادرة واحدة تشير إلي انفراجها أو حلحلتها. فمجلس الشعب اتخذ قبل96 ساعة قرارا بتعليق جلساته حتي يوم6 مايو احتجاجا علي عدم إقالة أو استقالة الحكومة, ردا علي رفض المجلس لبرنامجها, ولم يكن بإمكان المجلس أن يسحب الثقة من الحكومة لأنه لا يوجد في الإعلان الدستوري نص واحد يعطيه هذا الحق, لذا فإنه اكتفي بإلقاء الكرة في ملعب المجلس العسكري. وفي تطور لاحق أعلن الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب أنه تلقي اتصالا من أحد أعضاء المجلس العسكري بوجود اتجاه لإجراء تعديل وزاري في حكومة الدكتور كمال الجنزوري كمخرج للأزمة الحالية. وكانت المفاجأة خلال أقل من24 ساعة حين أعلن اللواء محسن الفنجري عضو المجلس العسكري عدم وجود نية لدي المجلس لإجراء أي تعديل وزاري خلال الأيام القليلة المقبلة. ووسط هذه الحالة من الشد والجذب تمارس حكومة الجنزوري مهامها علي نحو طبيعي دون أي تغيير في جدول أعمالها, فقد عقد رئيس مجلس الوزراء اجتماعا مع وزيري الداخلية والخارجية, وممثل وزارة الدفاع لبحث قضية المصريين العالقين علي الحدود المصرية الليبية. ويأتي هذا الاجتماع ليحمل رقم125 في ظل الاجتماعات الوزارية التي عقدها الجنزوري منذ تكليفه بالمسئولية قبل141 يوما, بالإضافة إلي15 اجتماعا لمجلس الوزراء وأربعة اجتماعات لمجلس المحافظين. كما التقي الجنزوري بنواب البحيرة في لقاء غاب عنه نواب الحرية والعدالة. وجاءت تصريحات الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي لتؤكد أنه لا توجد نية حاليا لإجراء تعديل وزاري, ولو كان هناك تعديل فمن المتوقع أن يعلنه الجنزوري بنفسه. علي الجانب الآخر بدا موقف المجلس العسكري غامضا إلي حد ما من الأزمة برغم تأكيد مصادر عديدة أنه لا توجد نية لدي المجلس بإقالة أو قبول استقالة حكومة الجنزوري, صحيح أن مسألة التعديل الوزاري مطروحة, لكنها وحسب تصريحات اللواء الفنجري قد لا تبدو واردة خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي ظل هذا الغموض انتشرت في الأوساط السياسية أنباء عن احتمال إجراء تعديل وزاري محدود, ربما يشمل وزارات الخارجية والبترول والتموين والتنمية المحلية والتربية والتعليم. مصادر سياسية قالت: إنه لا يوجد شيء مؤكد حتي الآن, لكن هناك سيناريوهان للأزمة الحالية, الأول أن يصدر المجلس العسكري قرارا بتكليف الدكتور كمال الجنزوري بإعادة تشكيل الحكومة بعد إجراء تغييرات محدودة فيها. والثاني أن ننتظر المجلس حتي يوم6 مايو لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن دستورية قانون انتخابات مجلسي الشعب والشوري, وعلي ضوء هذا القرار سيتحدد مسار الأزمة الحالية. ووفقا لما أوردته المصادر فإن موقف المجلس العسكري من الحكومة تحكمه اعتبارات عديدة, أهمها أن قرار تعليق جسات مجلس الشعب اتخذ بمبادرة من نواب حزب الحرية والعدالة وحدهم دون أي توافق حوله من جانب القوي السلفية والمدنية داخل البرلمان. فالأحزاب السلفية داخل مجلس الشعب( النور الأصالة البناء والتنمية) أعلنت رفضها لقرار الإخوان بالتصعيد في هذه الأزمة,مؤكدين رفضهم لإقالة أو استقالة الحكومة, بل إن381 نائبا من السلفيين والقوي المدنية اعتبروا قرار الحرية والعدالة بالتصعيد قبل23 يوما من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية يلحق ضررا بالغا بأمن مصر واستقرارها. وعلي الجانب الآخر يبدو حزب الحرية والعدالة مصمما علي التصعيد بإعلان عدد من قادته أنهم ينتظرون قرارا من العسكري قبل يوم الأحد المقبل بإجراء تعديل وزاري كحل وسط للأزمة, وإلا فإنهم سوف يتخذون المزيد من الإجراءات التصعيدية. ووسط هذه الحالة من الشد والجذب تدخل الأزمة بين البرلمان والحكومة منعطفا صعبا قبل23 يوما من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية, ولعل هذا ما دفع المشير طنطاوي أمس إلي تأكيد أن استمرار الخلافات السياسية سوف يكون له نتائج كارثية علي مصر وشعبها.