عاد إردوغان «يتزرزر» في خطابات علنية تذكرني بقادة الحرب العالمية الأولي. وآخر موضوعات «الزرزرة» الإردوغانية هو الهجوم الطاحن علي الزعيم الكردي صلاح الدين ديمرطاش (دمرداش) رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، الذي تحدث عن حق أكراد تركيا في لون من الحكم الذاتي، فناله من إردوغان هجوما (لفظيا) كاسحا أقل ما فيه إتهام بالخيانة، فضلا عن هجوم (عملي) بفتح تحقيق معه عند النائب العام التركي حول ما أدلي به من تخرصات (حيث تنصاع السلطات القانونية في تركيا لما يراه إردوغان وإلا إتهمها بأنها من الكيان الموازي للدولة التابع لكتائب الخدمة الإيمانية التي يقودها خصمه اللدود فتح الله جولن)، وكذلك تبحث السلطات الإردوغانية الآن رفع الحصانة عن أعضاء حزب ديمرطاش في البرلمان. وضمن الذي تفوه به أردوغان في أحد خطاباته السلطانية، أن تطورات ما يجري في سوريا هي التي شجعت دمرداش علي تصريحاته التي تطالب بالحكم الذاتي لأكراد تركيا وأن (حزب الشعوب الديمقراطي الكردي) هو الذراع السياسي (لحزب العمال الكردستاني) الذي تقاتله تركيا منذ عقود وتعتقل زعيمه عبد الله أوجلان، وتطارد فلوله الهاربة بقصف جوي علي جنوب شرق تركيا، وعلي شمال العراق، وتحاول محاصرة الطموح الكردي إلي تأسيس دولة كردستان للأكراد علي أجزاء من تركيا وإيران وسورياوالعراق. وقد كان الإنزال الروسي في اللاذقية وبدء سلاح الجو الروسي الفضائي غاراته المركزة التي أثبتت أن التحالف الغربي لم يك جادا بما فيه الكفاية في مواجهة داعش، الأمر الذي يفسر- الآن- كل تلك الإحتفالية الغربية بتحرير الرمادي وإجعاء كل عاصمة أوروبية بأنها لعبت الدور الأكبر في ذلك التحرير. علي أي حال، فقد كان ضمن التأثير الروسي المهم علي مجريات الأمور عملياتيا في سوريا، دعم ما يسمي «القوات السورية الديمقراطية» التي تضم فصائل مسلحة من الأكراد ضمنها (قوات حماية الأكراد) وبعض (البيشمركة) و(القوات النسائية الكردية)، وهذه القوات (السورية الديمقراطية لا تستهدف خلع الرئيس بشار الأسد). إذن سيطرة القوات الديمقراطية علي مناطق في شمال سوريا بمساعدة القوات الجوية الروسية يعني ضرب الحلم التركي لإقامة منطقة حظر طيران بشمال سوريا في مقتل، ومن ثم محاولة الهيمنة العثمانلية علي ذلك الشمال إذن فشلت تركيا في سوريا، وآية فشلها هو إنتعاش مطالبة دمرداش بالحكم الذاتي، وهو الحلم الذي أخفقت أنقرة في تصديره إلي أكراد سوريا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع