يبدو أن المصريين بعد سنوات من التعب والحيرة والصراعات من كل شكل ولون يحاولون الهروب بالأفراح من أحزانهم وخاصة عند الطبقات البسيطة التي تيسر الزواج إلي حد بعيد وتسهم فيه أيضا..ولو سألت أحدهم لماذا توافق علي زواج ابنتك لشخص لا يملك شيئا يقول وهو مطمئن :«خليها علي الله».. وفيما يشبه الظاهرة أصبحت قاعات الأفراح في معظم المحافظات كاملة العدد ويتم حجزها لمدد تزيد علي السنة بل وهناك من يؤجل زواجه حتي تتوفر القاعة؟!. تقريران من الدقهليةوأسيوط يكشفان أبعاد الظاهرة.. الدقهلية: إبراهيم العشماوي « لا تحدد موعد فرحك قبل حجز القاعة «.. هذه النصيحة الذهبية لأي عريس من المنصورة وما جاورها قبل أي ترتيبات ليوم العمر نتيجة التكدس الشديد والتسابق على الحجز لشهور طويلة ربما تصل إلى سنة . وبالطبع تتحدد القاعة وفقا لحسابات كثيرة أهمها الظروف الاقتصادية والمالية للعروسين والمظاهر الاجتماعية والتفاخر والرغبة في تقليد الآخرين ، لكن المثير أن عدد القاعات المشهورة لا يتجاوز 30 قاعة على جانبي نهر النيل بين طلخاوالمنصورة ومناطق أخرى في شارع الجيش وعبد السلام عارف ووسط البلد وتتفاوت مستوياتها ودرجاتها لترضي كل الأذواق . وخلال جولة ل (الأهرام ) في بعض القاعات اتضح أن الحجوزات لحفلات الخطوبة والزواج أغلبها مكتمل حتى منتصف شهر أغسطس ونهاية الصيف والذي يعد موسما كبيرا للزواج وتبدأ أسعارها من 5 آلاف جنيه بدون البوفيه أو الخدمات الإضافية في القاعة وتصل حتى 50ألف جنيه في بعض القاعات المعروفة على النيل. يقول حسن عبده الصايم انه حجز في قاعة بطلخا للزواج ووجد أن أقرب موعد هو 14 سبتمبر القادم حيث نبهه أصدقاؤه إلى أهمية الحجز مبكرا، أما آية رضا فتقول ان حفلة خطبتها تكلفت 6500 جنيه وزفافها في الصيف وبدأ خطيبها من الآن في رحلة البحث عن قاعة مناسبة . ويؤكد سمير علي أحد أصحاب القاعات أن الإقبال يكون أكثر على النوادي الكبيرة والمتخصصة مثل المحامين وضباط الشرطة والقضاه حيث يحصل الأعضاء أو المنتسبون لها على خصم يصل إلى 40 % بينما القاعات الخاصة لا تستطيع عمل هذا الخصم ، مشيرا إلى أن تكلفة العمالة في القاعة الواحدة والتي تضم ما بين 15 إلى 20 عامل تفرض رفع الأسعار حيث يحصل العامل الواحد على 1500 جنيه راتبا شهريا. أما عبد الحميد العطار صاحب إحدى القاعات في مركز نبروه فيؤكد أن الأسعار المرتفعة جدا في المدن والتي لا تناسب ظروف أغلب الشباب المقبل على الزواج جعلت العديد من المستثمرين يفكرون جديا في إنشاء قاعات مناسبة في الأرياف وبعض القرى الرئيسية لتوفير النفقات المالية والنقل والجهد ، مشيرا إلى أن أسعار القاعة تبدأ عنده من 3500 جنيه. اسيوط: أسامة صديق شهدت محافظة أسيوط ، خلال 6 شهور مضت ، عقد 32 ألف و818 حالة زواج، بالرغم من أن المحافظة تتصدر المشهد في كونها الأشد فقرا والاكثر احتياجا بمصر بنسبة وصلت إلي 62 بالمائة من الشريحة السكانية حسب تقرير رسمي صادر عن مركز المعلومات برئاسة الوزارء. فرغم ما يعيشه المواطنون من حياة متدنية في كثير من القري والمراكز وترد للعديد من الخدمات والمرافق، إلا أن المهور مازالت تناطح السماء ، فدون مبرر يستلزم ذلك ، ارتفعت المهور ، فمازالت العادات والتقاليد البالية هي المسيطرة علي عقول بعض الأسر الأسيوطية التى ربما تحرم بناتها من الزواج لعدم قدرة من يتقدمون لخطبتها علي دفع تلك المبالغ المالية التى لا قبل للشباب وأسرهم بها ، في محافظة تتصدر المشهد أيضا في نسبة البطالة ، وانخفاض دخل الفرد، مما يؤرق آلاف الأسر التى يصل شبابها إلي مرحلة الزواج. ورغم تلك الحالة من المد والجزر بين الخطاب وأولياء الأمور، رفعت قاعات الأفراح شعار «عفوا القاعة محجوزة»، حتى وصل الحال إلي حجز القاعة في أيام محددة من العام المقبل، نظرا للارتفاع الكبير علي حجز القاعات هذا العام ، والغريب في الأمر أن أهل العروس بالقري ، يشترطون في اتفاقهم أن يعقد القران بقاعة أفراح بمدينة أسيوط ، مما رفع قيمة استئجار قاعة لمدة 6 ساعات إلي 10 آلاف وحتى 30 ألف جنيه، مما يكلف الزوج مبالغ مالية طائلة ، حتى يرضي أهل عروسه - ان كان يملك المال- ، أما إن أصبحت طلبات أهل العروس زيادة عن اللزوم ، فهنا ربما يتراجع البعض عن إتمام زواجهم . يقول مصطفي محمد، البالغ من العمر 23 عاما ،وغير متزوج، أهم خطوة في حياة الشباب بقري اسيوط اصبحت الزواج ، واهل الفتاة طالما ان الزوج لديه دخل فيتم الزواج بلا تأخير ، خاصة مع الانفتاح من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ، وتمثل العادات والتقاليد شيئا مهما ، فاصبح من العيب أن تترك الفتاة دون زواج خاصة لو اقتربت من سن العشرين عاما. وقال الدكتور احمد ثابت هلال إبراهيم، مدرس الخدمة الاجتماعية الإكلينيكية بجامعة أسيوط: «إن زيادة الإقبال على الزواج في الفترة الأخيرة في محافظة أسيوط لا يعتبر مؤشرا للجزم بأن أسيوط تودع العنوسة فالظاهرة لازالت موجودة وان اختفت بين حين وآخر، وإقبال الشباب على الزواج يمكن إرجاعه إلى انتشار ظاهرة الزواج من خارج المحافظة وهو اقل ماديا، بشكل يسهل فى تسريع إجراءات الزواج، ويمثل ( بالعشاء) عبئا إضافيا علي كاهل الزوج، والغرض من هذا المصطلح أن يعطي الزوج للزوجة ما يقرب من 10 إلى 15 ألف جنيه، نظير أن تقوم الزوجة بتجهيز نفسها وشراء المتطلبات الخاصة بها ،وهذه النسبة المالية فى زيادة مستمرة فقط في أسيوط، بشكل يعجل فى زيادة الإقبال على الزواج من خارجها. ويعد الارتباط بموظفة عاملا أساسيا ، نظرا للظروف الاقتصادية التى تحول دون تحمل الزوج مسئوليات المنزل بمفرده ، فبمجرد وجود زوجة عاملة مناسبة تتوافق مع ميول ومتطلبات الزوج يسرع بالارتباط بها.