قال الشاعر والروائى البنغالى طاغور «إن الممكن سأل المستحيل أين تقيم» فأجاب: فى أحلام العاجز، هذه المقولة هزت شابا مصريا عصفت به الحياة وغيرت مسار حياته وجعلته يقتحم عالم المستحيل ويتحداه بل وينتصر فى النهاية .. إنه السباح العالمى أحمد ناصف أول مصرى يعبر المانش منذ عشرين عاما متحديا إعاقته بعد بتر ساقيه. يحكى ناصف قصته لصفحة «صناع التحدى» قائلا: يوم 14أبريل عام 2002 تاريخ لن أنساه طيلة حياتى, ففى هذا اليوم سقطت تحت القطار أثناء ذهابى إلى كلية التجارة جامعة المنصورة لأنى من سكان القاهرة, كانت بتر فى الساقين نتيجة هذا الحادث , بعدها بفترة فى أثناء تواجدى بمركز تأهيل العجوزة لتركيب الأطراف الصناعية لعبت الصدفة دورها، وقابلت كابتن مصطفى خليل أول سباح مصرى بتر مزدوج يعبر المانش وقتها وشجعنى لتعلم السباحة، وبالفعل هذه المقابلة غيرت مجرى حياتى، حيث ولد بداخلى حلم عبور المانش بعد أن كانت أقصى أحلامى قبل الحادث هى التخرج وإيجاد فرصة عمل أصبحت أحلم بعبور المانش وتخليد أسمى ضمن قائمة السباحين العالميين. بداية المشوار وعن دخوله عالم السباحة يقول: بدأت أتمرن بالفعل وبعد 4 سنوات أصبحت بطل الجمهورية فى المسافات القصيرة، ثم جاءت المرحلة الثانية من المشوار وهى تمرينى تحت قيادة كابتن نبيل الشاذلى المدير الفنى لمنتخب مصر للسباحة ورئيس بعثات المانش الدولية وبدأت أتأهل لعبور المانش فكنت أتمرن فى مرسى شرطة المسطحات المائية وذلك لأن السباحة فى أجواء النيل الصعبة تكسب السباح مهارة كبيرة، بالإضافة إلى أننى كنت أتمرن ليلاً، بعدها انتقلت إلى عروس البحر مدينة الإسكندرية. البحر الشرس وحول كيفية عبوره المانش والصعوبات التى واجهها يقول: يوما بعد يوم كان حلم عبور المانش يتزايد بداخلى وكنت أواجه أى مشكلة تعترضنى بكل قوة لأصل إلى هدفى المنشود، حيث كنت أتمرن فى البحر ليلا حتى يؤهلنى ذلك نفسيا للسباحة فى المانش، ذلك البحر الشرس الذى ليس له أى توقعات ,فهو عبارة عن مضيق مائى يفصل بين بحر الشمال والمحيط الأطلنطى وفى الوقت نفسه هو قناة تفصل بين إنجلترا وفرنسا طوله يتجاوز 55كم، بالإضافة إلى أن المياه شديدة البرودة حيث تصل درجة حرارتها إلى ( 8-12) كما أن تيارات المياه الشديدة تجرف السباح بعيدا بشكل مفاجئ، كل هذا كان من أهم تحديات عبور المانش ولكنى نجحت فى اجتيازها حتى عبرت المانش عام 2014 واستغرق عبوره 18ساعة و50دقيقة, بدأت العوم فى الثالثة صباحا ووصلت فى الحادية عشرة مساء كل هذه الساعات كانت سباحة بلا توقف وبذلك كنت أول مصرى يعبر المانش بعد آخر مرة والتى كانت منذ عشرين عاما. الروتين أضاع حقى يكمل ناصف: بعد عودتى من بطولة عبور المانش طالب اتحاد اللجنة البارالمبية وزارة الشباب بصرف مكافأة كحافز تحقيق البطولة ولكن جاء رد الوزارة بأن عبور المانش ليس مدرجا بلائحة المكافآت لأنه لم يحصل أى مصرى على هذه البطولة منذ أكثر من عشرين عاما وبذلك بدلا من أن أفرح بنجاحى ويتم مكافأتى خاصة فى ظل ظروفى تحملت فشل عشرين عاما ورغم مرور أكثر من عام على تحقيق البطولة إلإ أنه حتى هذه اللحظة يظل الوضع كما هو عليه رغم تكريم وزير الشباب لى, فهل هناك من يشعرنى بأنى فعلت شيئا يستحق التقدير؟ ويعيد لى حقى الضائع؟ ماذا بعد المانش؟ وعن أحلامه التى يسعى من أجل تحقيقها يقول: لا يزال فى جعبتى الكثير من الأحلام التى تراودنى ليل نهار أهمها أن أعبر المانش رايح جاى، وبذلك أكون أول ذوى إعاقة على مستوى العالم يحقق هذه البطولة ولكن لكى أتمكن من ذلك أحتاج دعما لأن أمكانياتى المادية محدودة ولا توفر لى كل ما يتطلبه تحقيق ذلك الحلم,الفكرة الثانية التى حاولت تنفيذها وهى إقامة ماراثون سباحة كبير يمتد من أسوان إلى الإسكندرية بهدف تشجيع السياحة وذوى الإعاقة ولكن لم يتم تنفيذ الفكرة وتخرج إلى النور بسبب البيروقراطية فالمسئولون يبدون إعجابهم بالفكرة فقط دون تنفيذ لذلك اقترحت أن تكون من أسوان إلى الأقصر فقط ولكن دون جدوى حقيقية. وفى النهاية يقول أحمد: أشكر الدكتورة حياة خطاب رئيس مجلس إدارة اللجنة البارالمبية على دعمها لى حتى عبرت المانش لذلك أعتبرها صاحبة النجاح الأولى ,كذلك كابتن نبيل الشاذلى المدير الفنى لبعثات المانش على مساندته فقد تعلمت على يده حتى اليوم دون أى مقابل.