سيظل عام 2015 فى الذاكرة اليمنية الأقسى والأمر لسنوات قادمة لأنه العام الذى شهدت أيامه ولياليه حمامات الدم وفصولا من الاحتراب وسجل سقوط الدولة المهترئة أصلا فى يد عصابات انقلابية لا تتعدى خبرتها السياسية مسالك الهواة بفكر مذهبى وطائفى وتطلعات للهيمنة بعيدا عن مشروع الدولة اليمنية الديمقراطية. شهد عام 2015 دراما حزينة وعذابات للشعب اليمنى شردت الملايين داخل وخارج البلاد فى مواجهات عبثية مسلحة بين الأطراف السياسية مما فرض على المجتمع الإقليمى أن يتدخل فى الوقت المناسب لمنع إيران من تكرار تجربة سوريا أو العراق فى اليمن وإجهاض مشروعها التوسعى فى السيطرة على مضيق باب المندب . بدأ العام بتصاعد الأزمة السياسية على خلفية اختطاف الحوثيين العاصمة صنعاء تحت ذريعة ثورة شعبية ضد الرئيس عبدربه منصور هادى نتيجة رفع أسعار المشتقات النفطية بدعم وتنسيق من الرئيس السابق على صالح الذى قرر أن يهدم المعبد على كل من فيه وينتقم لخروجه من السلطة ، واستكملت حلقات المخطط فى منتصف يناير بخطف أحمد بن مبارك، مدير مكتب الرئيس ثم قصف موكب رئيس الوزراء خالد بحاح ، وفى 6 فبراير أصدر الحوثيون إعلانا دستوريا نص على عزل الرئيس هادي، وتعطيل الدستور، وتشكيل المجلس الثوري، أو الرئاسي. ولجأ الرئيس هادى إلى عدن جنوبى البلاد بعد إفلاته من أيدى الحوثيين الذين فرضوا هيمنتهم بقوة السلاح على الجنوب ومحافظات الوسط ، مما استدعى تأسيس تحالف عربى من عشر دول بقيادة السعودية لوقف الفوضى فى اليمن بدأ بالقصف الجوى فى 26 مارس على مناطق متفرقة فى أنحاء اليمن فى إطار عملية «عاصفة الحزم» مستهدفة معاقل الحوثيين وأنصار الرئيس السابق على صالح، وتمكن التحالف من السيطرة على الأجواء اليمنية وتدمير الدفاعات الجوية خلال أيام. واستمرت عاصفة الحزم حتى 22 أبريل حيث أعلنت السعودية توقفها وبدء عملية «إعادة الأمل» التى شملت ضربات عسكرية إلى جانب فتح المجال أمام الحوار السياسي، وذلك بالتزامن مع تسمية الأممالمتحدة الموريتانى ولد الشيخ أحمد مبعوثا جديدا لها إلى اليمن خلفا للمغربى جمال بن عمر. وفى منتصف يونيو، عُقدت مشاورات بجنيف حول اليمن برعاية الأممالمتحدة بحضور وفد من الحكومة، لكن هذه المشاورات التى استمرت بضعة أيام فشلت فى التوصل لاتفاق. وفى 17 يوليو أعلنت الحكومة اليمنية تحرير عدن من الحوثيين بعد تحرير مدينة الضالع وظلت المواجهات العسكرية بين كر وفر فى مناطق الوسط حتى وقت الإعلان عن محادثات جديدة فى جنيف 2 بين الفرقاء اليمنيين . ووصف تقرير لمركز « أبعاد للدراسات « ومقره صنعاء عام 2015 بأنه عام انزلاق اليمن للهاوية نظرا للكلفة البشرية العالية التى خلفها انقلاب قادة المتمردين الحوثيين ووحدات عسكرية محسوبة على نظام على عبد الله صالح. وأشار التقرير إلى أن سقوط الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية واجتياح العاصمة والمدن الرئيسية على يد الانقلابيين نجمت عنه حربا أهلية قدر عدد ضحاياها بأكثر من 28 ألف قتيل وجريح من اليمنيين . وقال التقرير إن خسائر الحوثيين البشرية كانت فادحة فى صعدة وحجة وذمار وعمران وصنعاء وإن التقديرات الأولية تكشف عن مصرع وإصابة نحو 20 ألف شخص غالبيتهم من الفقراء وطلاب المدارس صغار السن الذين جندوهم فى معاركهم المفتوحة ، وبين امال السلام المعقود على مفاوضات الاطراف السياسية، وأنين الحرب والدمار وقتل المدنيين الأبرياء وتدهور الخدمات وتدمير البنية التحتية يستقبل اليمنيون عام 2016بكثير من التفاؤل الذى لم يعد لديهم سواه لتحقيق تسوية مرضية للجميع تحمى البلاد من الانشطار والتشظى والفوضى وتمنع الارهابيين من رفع راياتهم السوداء على ارض كانت سعيدة فى يوم ما.