بعد أقل من 24 ساعة من إسقاط تركيا لطائرة روسية فوق الأجواء التركية، هددت موسكو باتخاذ مجموعة من الإجراءات العقابية ضد أنقرة منها الرد الانتقامى على أى حادثة مماثلة مستقبلا، كما اتهمت أنقرة بنشر الإرهاب. وقررت موسكو استخدام منظومات إس 300 وإس 400، وهى أحدث المنظومات الصاروخية المصادة للطائرات، فى سوريا لأول مرة لتغطية عمليات القوات الروسية هناك، وتكثيف الضربات الجوية ضد التنظيمات الإرهابية، وهددت بإلغاء عدد من المشروعات التجارية والاقتصادية المشتركة، ومنع السياح الروس من السفر إلى تركيا، بل وقطعت الاتصالات العسكرية. s400
وكشر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عن أنيابه مهددا تركيا بالرد على وصفه بأنه «طعنة فى الظهر» من قبل مجموعة من الإرهابيين، داعيا الروس بعدم زيارة تركيا، التى تعد إحدى الوجهات السياحية الرئيسية لهم. وقال بوتين : «ما العمل بعد وقائع مفجعة كهذه، تدمير طائرتنا ومقتل طيار؟ إنه إجراء ضروري، ووزارة الخارجية أحسنت بتحذير مواطنينا من مخاطر زيارة تركيا». وأوضح أن «المشكلة ليست المأساة التى شهدناها أمس، المشكلة أعمق بكثير، نلاحظ أن القيادة التركية الحالية على مدار عدد كبير من السنوات تتبع سياسة متعمدة لدعم أسلمة بلادها، ودعم الإرهاب».
الطراد موسكو وفى هذه الأثناء، نقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن مصدر لم تسمه أن طائرات روسية فارغة وصلت لنقل السائحين الروس من مدينة أنطاليا الساحلية التركية. وفى إطار الإجراءات العقابية ضد تركيا أيضا، قال ديمترى ميدفيديف رئيس الوزراء الروسى إن إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية قد يؤدى إلى إلغاء بعض المشروعات المشتركة المهمة بين البلدين، وقد تخسر الشركات التركية حصتها فى السوق الروسية. ووصف ميدفيديف إسقاط الطائرة بالجريمة التى جاءت فى إطار سعى أنقرة للدفاع عن تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو «أمر غير مثير للاستغراب نظرا لمصالح مالية مباشرة لبعض المسئولين الأتراك ترتبط بتوريدات المشتقات البترولية المنتجة فى الورش الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي». وتابع أن نتيجة ما حدث أمس الأول أن علاقات الجوار الطويلة بين روسياوتركيا تصدعت.كما نقلت صحيفة «كوميرسانت» الروسية عن مصدر حكومى قوله إن شركة الغاز الروسية «جازبروم» ستعيد تقييم الأمور المتعلقة بالاستمرار فى مشروع إنشاء خط أنابيب الغاز عبر تركيا، بالإضافة إلى ذلك، فإن مصير صفقة الطاقة الأكبر بين البلدين، المتعلقة ببناء شركة «روس أتوم» أول محطة للطاقة النووية فى تركيا، بقيمة 22 مليار دولار، تحت التهديد. وفى المقابل، قد تقوم تركيا بالحد من مرور السفن الروسية عبر مضيقى البوسفور والدردنيل، وهو ما سيؤثر على القاعدة الجوية «حميميم»، والتى تستخدمها القوات الجوية لضرب الإرهابيين فى سوريا. وفى إطار متصل، صرح ديميترى بيسكوف المتحدث باسم الكرملين بأن الرئيس الروسى وافق على مقترح وزارة الدفاع الروسية على نقل منظومة صواريخ الدفاع الجوى إس 400 الحديثة إلى قاعدة «حميميم « العسكرية فى سوريا.وسيتم نشر هذه البطاريات المضادة للصواريخ من الجيل الجديد استكمالا للتدابير التى أعلنت عنها هيئة أركان القوات الروسية، ومنها إرسال الطراد «موسكفا» التابع للأسطول الروسى والمجهز بمضادات أرضية وتخصيص مطاردات لمواكبة طلعات القاذفات الروسية من الآن فصاعدا.
موسكو تكشف مسار الطائرة القاذفة سو 24 قبل إسقاطها فى سوريا
وفى هذه الأثناء، قال سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسى إن «الوضع غاية فى التوتر، ولا أرى أنه يمكن التعويل على موضوعية حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، حيث سيتبنون مسبقا موقف أنقرة العضو فى الحلف».وفى إطار متصل، أعلن سيرجى شويجو وزير الدفاع الروسى أنه تم إنقاذ الطيار الثانى لطائرة سوخوى 24 الروسية خلال عملية خاصة مشتركة بين القوات السورية والروسية.وأشار شويجو إلى أن عملية الإنقاذ تمت بالتعاون بين القوات الخاصة الروسية والسورية استغرقت 12 ساعة.وعلى الرغم من التهديدات الروسية بإجراءات تركيا، حاول الرئيس رجب طيب إردوغان تهدئة الأجواء بين أنقرةوموسكو، قائلا إن بلاده تريد تجنب أى «تصعيد» مع روسيا، لكنه أضاف أن «نحن ندافع فقط عن أمننا وحق شعبنا». وفى واشنطن، أجرى الرئيس الأمريكى باراك أوباما اتصالا هاتفيا مع نظيره التركى بشأن الحاجة إلى تهدئة التوترات مع روسيا. واتفق أوباما وإردوغان على أهمية تهدئة الوضع والسعى إلى ترتيبات لضمان ألا تقع مثل هذه الحوادث مرة أخري. ولكن اعترف مسئولون بوزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» وأعضاء بالناتو بأن الولاياتالمتحدة تعتقد أن الطائرة الحربية الروسية التى أسقطتها تركيا ضربت داخل المجال الجوى السوري، وذلك بناء على أساس رصد البصمة الحرارية للطائرة.