لا يخفى المغامر والكاتب الجنوب أفريقى كريستوفر فنتر مشاعره المتناقضة باعتباره أول كاتب فى العالم يعمل على إنهاء كتاب عن مغامرة قام بها قبل عام بقيادة دراجته البخارية من مدينته كيب تاون فى جنوب إفريقيا إلى دبلن فى أيرلنده لجمع المال من أجل دعم مستشفى للأطفال فى مسقط رأسه، وانتهت به مصابًا بفيروس نادر نتج عنه كف بصره. إلى جانب السفر والمغامرات وكتابة المقالات والمشاركة فى أعمال خيرية منها تسجيل كتب للمكفوفين بصوته، أفنى كريستوفر فنتر (42 عاما)، سنوات عمره الماضية فى حب دراجته البخارية (الفسبه)، التى كانت تنافس تاميلن زوجته الجميلة (35 عاما) و3 كلاب تقتنيها الأسرة، ومعها ارتحل ليكتب عشرات المقالات التى نشرها مطبوعة، وعلى مدونته، وحسابه الشخصى على الفيسبوك، وشبكات التواصل الاجتماع الأخرى. وفى أزمته الأخيرة التى بدأت قبل عدة أشهر، تفتق ذهن الكاتب المغامر عن طلب المساعدة من مغامرين آخرين, وذلك بما نشره قبل أسابيع على إحدى شبكات التواصل الاجتماعى الموجهة لهواة السفر والمغامرات, مطالبًا زائريها بالبحث بينهم عن متطوع شاب يجيد الكتابة والتعامل مع برامج الكمبيوتر، لمساعدته لمدة شهرين لاستكمال كتابه الأخير عن رحلته التى استمرت لثمانية أشهر، والتى فقد فى نهايتها البصر مما جعل استكمال مشروع الكتابة بنفسه مرة أخرى أمرًا صعبًا، وخصوصًا فيما يتعلق بمراجعة الخرائط أو التأكد من أسماء الأماكن على خط السير الذى سلكه الكاتب المغامر. يتضمن العرض تأشيرة دخول مدتها 3 أشهر إلى جنوب إفريقيا، يقضيها المتطوع فى ضيافة الكاتب وزوجته الجميلة فى بيتهم بأحد الأحياء الراقية القريبة من المحيط، كما سيكون للمتطوع خصوصية تتمثل فى خيمة مستقلة فى حديقة المنزل، كما أن ساعات العمل ستتراوح بين 15: 25 ساعة أسبوعيا من الاثنين إلى الجمعة، يكون للمتطوع بعدها كامل الحرية فى زيارة المدينة، كما أن الكاتب يتعهد بتوفير الطعام الجيد، والإنترنت المجاني، والمكتبة المتخمة بكافة انواع الكتب، واصطحاب المتطوع فى كافة نزهات الأسرة فى داخل المدينة وخارجها، ولا يشترط الكاتب فى المتطوع سوى أن تكون الإنجليزية هى لغته الأم، ولا يمانع فى أن يكون المتطوع كاتباً أو باحثاً شاباً يرغب فى إنهاء كتاب أو بحث دراسى يخصه ليشجعا بعضهما بعضا. وإلى جانب الكتاب الذى يسعى فنتر للانتهاء منه، يقوم المغامر العنيد بكتابة مقالات عن الترحال والسفر للمكفوفين، ومنها ما كتبه عن قطار الجاو السريع فى جوهانسبرج، والذى يعد وسيلة مواصلات صديقة للمكفوفين, ومن المقرر صدور تلك المقالات فى نهاية العام باعتبارها اول كتاب رحلات لمغامر مكفوف فى جنوب إفريقيا يروى قصصه مع الترحال عبر السكك الحديدية، ويتضمن العمل خواطر كتبها فنتر، ومنها ما كتبه عن الأمل حيث لا مجال للأمل: "كم أحسد الذين يفقدون بصرهم تدريجيًا ويعرفون أنهم بمرور الوقت سيفقدونه، حتى يستطيعوا تجهيز أنفسهم وترتيب حياتهم للأيام المظلمة القادمة. أحسدهم لأنهم سيحصلون على الوقت الكافى لحفظ لوحة مفاتيح الكمبيوتر مثلا، أو تنظيف بيوتهم، ومكاتبهم، ومطابخهم من الأشياء الصغيرة، والعقبات التى لا داعى لها، حتى يتسنى لهم أن يودعوا الضوء بسلام وكرامة. أعتقد أننى كنت سأمضى وقتا أطول فى التطلع لكل شيء لأحفظ الصور فى ذاكرتى للأبد، مثل: شروق الشمس على المحيط، أو الرياح تضرب أغصان الشجر القديمة لتسقط، أو الوقوف تحت سفح جبل والتحديق فيه طويلا، او اقتناص نظرة لحبيب دون أن يدرى أنى أتطلع إليه وأطبع فى ذاكرتى ابتسامته ومظاهر البهجة على وجهه قبل أن تفر. أعترف أننى لم أكن محظوظًا، فقدت بصرى فى يومين فقط، ولم أستطع، ولا أستطيع, تخيل أن تلك هى الحقيقة النهائية حتى الآن، فالأمل أمر صعب، وهو وحده ما يجعلنى أتمنى حدوث شىء ليس من الممكن حدوثه، ومع ذلك أتمناه فى خيالي, لأننى لا أستطيع التوقف عن ممارسة الأمل".