لاخلاف على أن الأسعار تزايدت فى الشهور الأخيرة بشكل مثير إستدعى تدخل السيد رئيس الجمهورية ليعلن عن تدخل الدولة والجيش لإعادة الأسعار إلى عقالها وتخفيضها نهاية الشهر الحالى ومن المؤكد أن مسلك الأسعار لا يختلف كثيرا عن مسلك قطاعات عريضة من الشعب و بعض المؤسسات التى اعتراها سلوك عشوائى يعود بالدرجة الأولى إلى التحولات التى عاشها المجتمع وسادتها الفوضى إلى أن تم الإستقرار . والأسعار انطلقت دون آية ضوابط فهى متروكة تماما للتجار والمنتجين والمستوردين وغيرهم من مقدمى الخدمات من اصحاب المهن الحرة بدءا من الخدمات الطبية والصحية والتعليمية إلى حتى أعمال المهن الحرفية ، وهؤلاء يضعون الأسعار التى تروق لهم دون ان يسألهم أحد عن العوامل التى دفعتهم لتحديد السعر على هذا النحو ومن ثم سادت فوضى الأسعار وعشوائية تحديدها وسادت فوضى الأسواق والتى تلازمت معها السلع الرديئة التى لا تخضع لأى مواصفات والسلع المهربة والسلع الضارة بصحة الإنسان. ومن هنا فإن قضية إرتفاع اسعار السلع تمضى بنا إلى عدة أمور : أولها : ضرورة تدخل الدولة ليس للتحديد الجبرى لأسعار السلع والخدمات ولكن بالإتفاق مع إتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات وغيرهما من منظمات رجال الأعمال والنقابات المهنية بتحديد هامش معقول للربح بعد دراسة عناصر التكلفة وأن تم كتابة السعر على كل سلعة وتعلن أسعارالخدمات فى أماكن تقديمها بوضوح على ألا تتم أى زيادة فى الأسعار إلا بعد الرجوع سنويا إلى جهة حيادية مختصة بذلك. وثانيها : البحث بهذه المناسبة عن كيفية كسر احتكارات رجال الأعمال لكثير من السلع المستوردة والمحلية وتحديدهم أسعارها كما يحلو لهم وكذا كسرالممارسات الإحتكارية التى يقوم بها تجار الجملة للخضراوات والفاكهة واخضاع الفلاحين ومنتجى السلع الزراعية لضغوطهم وتحديدهم لسعر الشراء منهم والذى يكون دائما متدنيا ويقتضى الأمر تنظيم تداول السلع الزراعية ونقلها وتقليل الفاقد. وثالثا :علينا أن نعترف أن لدينا إفراطا فى الإستهلاك ينبغى مواجهته بوسائل عديدة منها مثلا تعديل وسائل تعبئة السلع وكميات البيع خاصة فى المجمعات الإستهلاكية الحكومية فمثلا تجبر المستهلك على شراء كمية لا تقل عن كيلو من كثير من الخضراوات والفاكهة بينما قد يرغب المستهلك فى شراء كمية أقل تتناسب مع استهلاكه ، كما أن على الحكومة أن تتوقف عن توسيع دائرة هذا الإفراط الاستهلاكى بما تقوم به فى المواسم المختلفة من الاعلان عن إغراق الأسواق بالسلع الموسمية كالسلع الرمضانية واللحوم والكعك والتى لم تنج منها حتى الرنجة والفسيخ فى شم النسيم. ورابعا : من الضرورى البحث عن أسباب إرتفاع الأسعار وهل إلى جانب ما ذكرناه قد تكون من بين الأسباب كثرة النقود والقوة الشرائية فى أيدى الأفراد أكثر من المعروض من كميات السلع والخدمات وهذا السبب قوى جدا ولا نستطيع ان نوجه لهم اللوم إذ لا توجد قنوات مشجعة على الإدخار بعائد مناسب وهو ما أدى إلى انخفاض معدل الادخار إلى نحو 7% فى الوقت الذى يجب أن يقترب فيه من ثلاثة اضعاف هذه النسبة كى يزيد الاستثمار ، ولذا ينبغى البحث عن وسائل امتصاص القوة الشرائية المتزايدة بوسائل متعددة اختياريا أو اجباريا أو بالإثنين معا ، ويعد ارتفاع الأسعار عرضا لأسباب عديدة يجب البحث عنها وعلاجها. خلاصة القول إننا أمام فرصة هائلة لتنظيم الأسواق والسيطرة على الأسعار كخطوة كى تطرح الحكومة، برنامج للحل للإصلاح الاقتصادى الشامل الذى لا مفر منه مهما كانت أعباؤه. لمزيد من مقالات عصام رفعت