شكلت الزيارة الخاطفة والمفاجئة التى قام يوسف بن علوى الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطنة عمان أمس الأول، لدمشق ولقائه بالرئيس السورى بشار الأسد ما يمكن وصفه بالاختراق الخليجى والعربى للحظر المفروض على سوريا منذ اندلاع أحداث 2011 والتى على إثر تداعياتها قررت الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا فيها وفى مؤسساتها الأخرى منذ فرضت الجامعة العربية بموجب القرار رقم 7442 لسنة 2011 الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب فى القاهرة، وما تلاه من قرارات أخرى وتكمن أهمية الزيارة التى لم تعلق عليها أى من دول مجلس التعاون الخليجى الأخرى فى أنها تأتى ضمن الجهود الإقليمية والدولية التى تبذل فى المرحلة الراهنة لإخراج سوريا من مستنقع الأزمة التى أخذت طابعا دمويا مفرطا أدى الى مقتل ما يقرب من ربع مليون سورى فضلا عن إصابة مئات الألوف وتهجير الملايين الى الخارج ونزوح ملايين أخرى فى الداخل وهو ما أكده بن علوى نفسه عقب لقائه الأسد من خلال إشارته الى أن حرص بلاده على المساهمة بجهودها لحل الأزمة السورية. وتأتى الزيارة فى ضوء المساعى التى تبذلها عدد من دول العالم للوصول لحل سياسى للأزمة فى سوريا ووفقا لوكالة الأنباء السورية. فإن الأسد بحث مع بن علوى، الى جانب تعزيز العلاقات الثنائية دفع ومواصلة التعاون والتنسيق بين البلدين، بما يسهم فى تعزيز العلاقات الأخوية بين الشعبين ويخدم أمن واستقرار المنطقة والحفاظ على مصالح شعوبها. وأشارت الوكالة إلى أن الاجتماع تناول تطورات الأوضاع فى المنطقة ولا سيما الحرب على الإرهاب فى سوريا والأفكار المطروحة إقليميا ودوليا للمساعدة فى إيجاد حل للأزمة فى سوريا، لافتة إلى أن الأسد عبر عن تقدير الشعب السورى لمواقف سلطنة عمان تجاه سوريا، وترحيبه بالجهود الصادقة التى تبذلها لمساعدة السوريين فى تحقيق تطلعاتهم بما يضع حدا لمعاناتهم من الإرهاب ويحفظ سيادة البلاد ووحدة أراضيها، مشددا على أن القضاء على الإرهاب سيسهم فى نجاح أى مسار سياسى فى سوريا. يعتبر بن علوى أول وزير عربى وخليجى يزور دمشق منذ 2011 ، ويذكر أن سلطنة عمان لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق خلافا لبقية الدول الخليجية، كما أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع إيران الحليف التقليدى لدمشق وجاءت زيارة بن علوى غداة التطورات الجديدة التى تمثلت بلقاء فيينا الرباعى حول الأزمة السورية وزيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى للرياض وبعد ساعات من الاتصال الهاتفى بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الروسى فلاديمير بوتين . تجدر الإشارة الى أن وزير الخارجية السورى وليد المعلم كان زار مسقط بعد زيارة لطهران خلال أغسطس الماضى وأجرى مباحثات مع بن علوى تم فيها الاتفاق على أن الأوان قد حان لتضافر الجهود البناءة لوضع حد للأزمة السورية ، والتطلع إلى ما يلبى حاجة الشعب السورى فى مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضى سوريا ويمكن النظر الى الزيارة ضمن منظور القيادة العمانية التى تبقى على شعرة معاوية مع مختلف أطراف الأزمات فى المنطقة فهى لم تنضم للتحالف العربى لاستعادة الشرعية فى اليمن وهو ما هيأها للقيام بمساعا حميدة بين السلطة الشرعية والحوثيين أسهمت الى حد ما فى بلورة التوجه لاستئناف الحوار السياسى فيما بينهما بوساطة المبعوث الدولى اسماعيل ولد الشيخ والأمر نفسه مع إيران فهى ترتبط معها بعلاقات وثيقة جعلتها العراب الأول للتقارب الأمريكى مع طهران والذى أسفر عن اتفاق فيينا الأخير مع مجموعة 5+ 1 بخصوص أزمة ملفها النووى والسؤال هو للسلطنة أن تنجح فى جهودها من دون رضا خليجى وعربى ؟