الدولار سلعة كأى سلعة ترتفع قيمتها او تنخفض طبقا لقانون العرض والطلب. وكلما زاد الطلب على الدولار ارتفعت قيمته وتراجعت قيمة الجنيه المصري ويتمثل الطلب على الدولار في استيراد المنتجات الغذائية والدوائية والملابس والمنتجات الصناعية ، في حين تمثل ايرادات التصدير والسياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج والاستثمارات الجديدة العرض من الدولار . وللأسف الشديد جاءت فاتورة تغطية الواردات والخدمات بحوالى 80 مليار دولار خلال العام المالى (2014-2015)، كما شهد هذا العام ارتفاع العجز فى الميزان التجارى إلى نحو 38.785 مليار دولار بزيادة قدرها 4.723 مليار دولار مقابل عجز قيمته 34.062 مليار دولار فى العام المالى 2013-2014، وذلك نتيجة لارتفاع مدفوعات الاستيراد بنحو 662 مليون دولار لتصل إلى 60.843 مليار دولار مقارنة بنحو 60.181 مليار دولار، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك تراجعاً فى واردات المواد البترولية بقيمة 888 مليون دولار لتصل إلى 12.358 مليار دولار مقابل 13.246 مليار دولار، بينما ارتفعت فاتورة استيراد السلع الأخرى بنحو 1.55 مليار دولار، وهو ما يعنى استيراد كميات أكبر من السلع غير البترولية نظراً لانخفاض أسعارها فى العالم كله بنسب تتراوح بين 30 إلى 50%. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا ارتفعت فاتورة الاستيراد بشكل مطرد مؤخرا ؟ في الحقيقة هناك العديد من الأسباب التي ادت الى زيادة فاتورة الاستيراد في الآونة الآخيرة والتي ادت في النهاية الى أزمة الدولار وأهمها ما يلي : اولا : استيراد كميات أكبر من السلع غير البترولية نظراً لانخفاض أسعارها فى العالم كله بنسب تتراوح بين 30 إلى 50%. ثانيا : سداد نحو 6 مليارات دولار خلال العام المالى الماضى التزامات مستحقة على مصر للعالم الخارجى كان من بينها جزء لدولة قطر، ونحو 1.4 مليار دولار لدول نادى باريس عبارة عن أقساط سنوية، بخلاف سندات كانت مستحقة على مصر فى سبتمبر الماضى قيمتها تقترب من 1.3 مليار دولار. ثالثا : التزامات مصر لشركات حفر البترول والشركات الاجنبية العاملة بمشروع توسعة وتنمية قناة السويس. رابعا : شراء المضاربين للدولار وتخزينه خارج الجهاز المصرفي . خامسا : انخفاض رصيد مصر من الاحتياطي الاجنبي الى 16 مليار دولار؛ وهي في الحقيقة عبارة عن 12.5 مليار دولار قروض وودائع من دول الخليج والباقي 3.5 مليار دولار احتياطي الذهب. تعامل محافظ البنك المركزي السابق هشام رامز مع هذه المشكلة في البداية بالسحب من الاحتياطي الاجنبي ، ثم بدأ في فرض قيود على سوق الصرف تمثلت في وضع حد أقصى للإيداع النقدي بالعملة الأجنبية ب50 ألف دولار شهريا وذلك للقضاء على السوق السوداء للدولار وكتبت في هذا الخصوص مقالا بعنوان "القرار القاتل " ؛ في هذه الزاوية من باب آراء حرة بتاريخ 19 مايو 2015 واوضحت به ان القرار سيقضي على التفاوت بين السوق الرسمي والسوق السوداء للدولار لبعض الوقت ولكنه اذا استمر لوقت أطول سيصيب السوق ككل في مقتل وبخاصة فيما يخص المستوردين للسلع الضرورية ومستلزمات التصنيع وآخيرا قام رامز بتخفيض قيمة الجنيه المصري بهدف زيادة الصادرات حيث ستنخفض اسعار هذه الصادرات بالنسبة للأجانب وكذلك لزيادة الاستثمارات الاجنبية والحفاظ على الاحتياطي الاجنبي كما انه طبقا لمصادر بالبنك المركزي فإن تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار أحد شروط البنك الدولي لمنح مصر قرض بقيمة 3 مليارات دولار تتفاوض عليه الحكومة لدعم الموازنة. ولكن قرار محافظ البنك المركزي السابق هشام رامز بفرض قيود على سوق الصرف يخنق السوق ويحد من قدرة المصنعين على التصنيع واستيراد مستلزمات الانتاج من الخارج ولذا لابد من ترك السوق لقانون العرض والطلب وفي الوقت نفسة كان على الحكومة الحد من استيراد السلع الترفيهية والاكتفاء باستيراد السلع الأساسية والضرورية من الغذاء والدواء ومستلزمات التصنيع وغيرها من السلع الصناعية الضرورية وتيسير بيع الاراضي للمصريين بالخارج، مع العمل على توجيه اقتصاد البلد الى الاقتصاد الانتاجي الذي يعتمد على التصنيع ، فبماذا يفيد تخفيض قيمة الجنية المصري في الوقت الذي لا يزيد فيه التصنيع المحلي المطلوب تصديره للخارج بنفس القيمة ؟! وهذه مسئولية يقع عاتقها على كل المسئولين بالدولة ولن تحل باستقالة محافظ البنك المركزي السابق ، ثم أن القروض من البنك الدولى او المنح من الخليج مجرد مسكنات لا تقضي على المرض ولكنها تسكن الإلم لفترة قصيرة !! ... ولذا علينا الاهتمام بالصناعة المصرية وفتح المصانع المغلقة والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الزراعية والصناعية وتخفيض الانفاق الحكومي بالقضاء على الفساد وتطبيق الحد الاقصي للأجور علي الجميع دون استثناء ورفع الدعم عن الاغنياء بجانب ضم الصناديق الخاصه الي الموازنة العامة. [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي