طبقت لبنان سياسة الاستقرار النقدى القائمة على تثبيت سعر صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار الامريكى ضمن نطاق يتراوح بين 1501 ليرة و1514 ليرة للدولار منذ اكثر من 20 عاماً. وهو امر أشبه بالمعجزة فى ظل الظروف السياسية والأمنية الصعبة التى يمر بها لبنان والصراعات الدائرة بين القوى والاحزاب هناك . وفى أصعب الظروف وأثناء الحروب تستمر السياسة النقدية وتثبيت سعر الصرف وهو أمر منح حاكم مصرف لبنان العديد من الجوائز العربية والعالمية وجعله اسما مرشحا إلى أبعد من هذا المنصب . ولا أحد يتخيل الواقع اللبنانى فى حال عدم تثبيت سعر الصرف بهذه الطريقة شديدة الصرامة فربما قفز سعر الدولار قياسا بالليرة إلى عشرات أضعاف السعر الحالى . وهذه سياسة نقدية ناجحة فى لبنان أسهمت فى ضمان استقرار العملة الوطنية وعدم انهيارها ومنع المضاربة فى السوق السوداء . وبدون شك آليات تطبيق هذه السياسة لا تتهاون بأى شكل فى حالات العبث بالعملة الوطنية كما لو كان هناك شبه إجماع بين اللبنانيين على اختلاف مشاربهم فى إبعاد العملة اللبنانية عن الخلافات السياسية والالتزام نصا وحرفا بقرارات حاكم مصرف لبنان المركزى . ومن مميزات هذه السياسة أنها تساعد فى الاستقرار النقدى والقدرة الشرائية الكبيرة على مستوى الاستيراد. اذ ما زالت الليرة اللبنانية ترتفع إزاء العملات الرئيسية الأخرى فى العالم شأن الدولار الامريكى. وفى ذلك فائدة على اساس انّ لبنان دولة مستوردة بشكل رئيسى. ويرجع اللبنانيون الفضل فى ذلك لرياض سلامة حاكم مصرف لبنان والذى يشغل المنصب من ذلك التاريخ والذى يكشف فى حوار أجراه مع مجلة متخصصة فى الاقتصاد مطلع هذا الشهر ان الثقة بالليرة اللبنانية وتزايد استخدام اللبنانيين الليرة سمح للمصرف المركزى بابتكار سياسات اسهمت بتحريك العائدات وتوجيه القروض نحو قطاعات انتاجية وأخرى ذات مردود ايجابى. القطاع المصرفى بلبنان نوهت عنه التقارير الأخيرة الصادرة عن المؤسسات العالمية بانه وبرغم كل الظروف الأمنية والسياسية الصعبة الداخلية تسجل القطاع المصرفى فى لبنان مستويات متدنية من الاحتمالات السلبية ، وبمثل هذه السياسات تمكن مصرف لبنان من زيادة معدل نسبة النمو. ويعتقد رياض سلامة كثيرا فى مقولة محافظ المصرف المركزى الالمانى فى عشرينيات القرن الماضى هاليمار شاخت: عندما قال ان فكرة النقد مرتبطة بفكرة الوطن. لمزيد من مقالات ماهر مقلد