كان هناك نقيب صاعقة اسمه" محمود تعلب" اشتهر بتنفيذ عمليات خلف خطوط العدو، وكانت القوات المسلحة تفكر في لملمة الشمل كله للتجهيز للعبور والحرب الشاملة، وهذه التعليمات في العادة لا تنمى لعلم صغار الضباط، وهو ماتزامن في ذلك الوقت مع مرحلة الخداع السياسي بقبول "مبادرة روجرز". لكن "النقيب تعلب" لم يكن مؤمنا بكل ذلك، بل اعتبره نوعا من الاستسلام من جانب القيادة السياسية، ودون اتخاذ أوامرمباشرة بالعبور لتنفيذ عمليات، كان يقوم بعد ظهر كل يوم بلف "أر بي جي" مع خمس أو ست دانات مع عدد صغير من البنادق في كيس بلاستيك ويقوم بعبور القناة في الليل إلى الضفة الشرقية ليفجر تلك الدانات ويغطى انسحابه بالبنادق إذا تعرض لنوع من الاستهداف في رحلة العودة. وعلى أثر عمليات "تعلب" تلك تقضي القوات المصرية على الضفة الغربية للقناة ليلة من القصف الإسرائيلي العشوائي من مدفعية العدو في الضفة الشرقية ردا على ماحدث، ومن جانبها تقوم القيادة المصرية بتوجيه اللوم له وتهديده بالمحاكمة العسكرية، لكن ذلك لم يثنه عن القيام بمهام جديدة رغم تعرضه للتحقيق في أعقاب كل عملية، والعجيب في الأمر أن الذي يحقق معه في الصباح كان يتوقع قيامه في الليل بمهمة جديدة ، ومن شدة التأثير السلبي لعمليات "تعلب" تلك أصبح معروفا بالاسم لدى الإسرائيليين الذي علموا بهذه البطولات الفردية، ومن ثم توجه مكبرات الصوت الإسرائيلي أعلى الساتر الترابي للضفة الغربية لتقوم بسب "تعلب" بأقظع الشتائم في محاولة لإثنائه، حتى أنهم قاموا بوضع صوره على النقطة التي كان يستهدفها في عبوره لقتله وليس القبض عليه كأسير حرب. ومن هنا فإن عمليات "رأس العش" ومن بعدها عمليات "إيلات" بثت بصيص الأمل الذي تسرب إلى عقل ووجدان المقاتل المصري الطامح نحو تحقيق حلم العبور للضفة الشرقية للقناة، وتحقيق النصر على قلة إمكانات السلاح، لكن العزيمة المستمدة من عقيدة الجندى المصري القائمة على ضرورة استعادة الأرض مهما كان الثمن، كانت الدافع الأساسي للتفوق وتحرير تراب سيناء المقدس كما سجلته أسطورة السادس من أكتوبر عام 1973.