من أهم ما تحرص عليه الدول التى تسعى إلى تحقيق الرفاهية والازدهار لشعوبها الاهتمام بتعزيز صحة وسلامة الشريحة العريضة من الأطفال والمراهقين، ورعايتهم عبر رحلتهم الحرجة للانتقال إلى عالم الكبار. ولقد ثبت أن التوجهات والسلوكيات والعادات المتعلقة بالنمط الحياتى والممارسات الصحية تتحدد وتتشكل خلال مراحل الطفولة والمراهقة وأن أمراض الكبار غالبا ما تنشأ فى هذه المراحل العمرية، وثبت أيضا أن النمو الصحى السليم يؤثر تأثيرا ايجابيا فى التفوق الأكاديمى والتحصيل العملي، وبالتالى على مستقبل أولادنا وبناتنا، وتتأثر صحة النشء بعدة عوامل مجتمعية .. من أهمها الأسرة والمدرسة. المدرسة لها دور مهم وحيوى فى النشأة الصحية السليمة للإنسان وحمايته من الأمراض والمخاطر، فمن المفروض أن تقوم بتثقيف الطلبة حول كل ما يهمهم من معلومات ومفاهيم تتعلق بأجسامهم وصحتهم، وأن تنمى فيهم التوجيهات والسلوكيات الصحية الإيجابية، وأن تتوفر فيها كل عناصر البيئة الصحية الآمنة للحماية من الأمراض والإصابات، ومن خلال المدارس نستطيع الوصول إلى أكثر من95% من النشء حيث يقضون فيها فترات طويلة ولسنوات عديدة. من هنا اهتمت المنظمات العالمية ببرامج وسياسات الصحة المدرسية. وبدأت منظمة الصحة العالمية عام 1995 مبادرة الصحة المدرسية الفعالة بهدف دعم الأنشطة الصحية والتعليمية داخل المدارس على المستوى المحلى والعالمى ومن أجل تحسين الأوضاع الصحية للطلبة والعاملين فى المدارس والمجتمع كله ووضعت المنظمة معايير قياسية للمدارس المعززة للصحة وشجعت المجتمعات فى أنحاء العالم على تطوير مدارسها للوصول إلى هذه المعايير من خلال برامج فعالة للصحة المدرسية. ومنذ ذلك الحين والعالم كله بما فى ذلك غالبية الدول العربية يهتم بدعم أنشطة وبرامج الصحة المدرسية التى ثبت أنها من أهم الاستثمارات ذات العائد الاقتصادى المجدى والتى تقوم بها المجتمعات لتحسين مستويات الصحة والتعليم فى آن واحد. ولابد من وجود إدارة للصحة المدرسية فى وزارة التربية والتعليم، تتولى الأمور الصحية من المنظور الوقائى والتثقيفي، بينما تتولى إدارة الصحة المدرسية التابعة لوزارة الصحة الأمور العلاجية والتطعيمات، ومن المتعارف عليه دوليا أن إدارة الصحة المدرسية فى وزارة التربية والتعليم تقوم بالمهام التالية: } رفع الوعى الصحى لدى الطلبة وهيئات التدريس والعاملين بالمدارس والعمل على دعم برامج التثقيف الصحى من خلال الأنشطة والمناهج الدراسية. } وتبنى السلوكيات والممارسات والأنماط الحياتية المعززة للصحة، وتوفير البيئة المدرسية الصحية والنظيفة والآمنة للوقاية من الأمراض والمخاطر والحوادث. } القيام بتوفير وسائل الإسعافات الأولية والتعامل مع الطوارئ والحوادث، والتنسيق مع وزارة الصحة والسكان فى تنفيذ حملات التطعيم الوقائية الموسمية والطارئة. } تقديم برامج التثقيف الغذائى والإرتقاء بالممارسات الغذائية والإشراف على التغذية المدرسية والإشراف على المقاصف المدرسية والتأكد من الالتزام بالمعايير الصحية السليمة لما تقدمه. } تنفيذ برامج لمكافحة التدخين بين الطلبة وكافة العاملين بالمدارس، والتعاون مع وزارة الصحة والسكان فى تنفيذ البرامج الصحية الوقائية. ولابد أن يتولى هذه الإدارة طبيب متخصص فى الصحة العامة وطب المجتمع وأن نوفر له الاستقلالية التامة والمناخ الداعم من أجل الخروج بسياسات وبرامج وأنشطة فعالة ومجدية ومبتكرة. د. ممدوح محمد وهبة رئيس الجمعية المصرية لصحة الأسرة