لم يكن من الممكن ان تعبر عيناك إعلانا، منشورا بالصفحة الثالثة او الأولى مكرر بتاريخ الأحد الماضى، بأقوى جريدة إعلانية، الأولى والأرسخ والأقدم ، والاهم انها الجريدة «القومية» الأولى، ويقولون انها الجريدة «الرسمية». إعلان يفتح عليك طاقات الشك، والخوف، و«الظن»، حتى لو استعذت من الشيطان، وقاومت «هواجس»، عن الدلالة، عمن تلعب أصابعه فى قفاز حكومتك، والى أين ينتهى «الخيط»، وكيف يستقيم ما تقرأه فى مثل هذا الإعلان، الذى هو «استغاثة» ومكتوب تحت عنوان الاستغاثة، مع التوجهات المعلنة من السيد رئيس الجمهورية بإقامة مشروعات قومية ووقف تبديد ما تبقى من ثروات هذا الشعب؟ الاستغاثة بالذات، الموجهة إلى السيد رئيس الجمهورية. تتعلق ب«ألبان الأطفال المدعمة»، آخر ما تبقى للأغلبية الفقيرة، من بقايا حقوق ان يجد الواحد «لرضيعه» علبة حليب بسعر لايتاجر فيه «دراكولات الاستيراد». مباشرة اعتبرها من أخطر الإشارات. مسألة الاستغاثة برئيس الجمهورية أمر تعوده الناس، لكن من يستغيث ولأى موضوع؟ هنا مربط الفرس, وهنا اضطر الى إعادة نشر الاستغاثة، عل القارىء يساعدنى على أن افهم «يتشرف مجلس إدارة الشركة المصرية لتجارة الأدوية واللجنة النقابية بالشركة بوضع الحقائق التالية أمام سيادتكم لموضوع فى غايه الأهمية «يهم أطفال مصر» وبين قوسين ( ألبان الإطفال). طيب إيه الحكاية؟ الحكاية يا سيدى إن الدولة من عشرين سنة تقوم باستيراد ألبان الأطفال مباشره (منعا للسمسرة) عن طريق الشركة المصرية لتجارة الأدوية وهى شركة قطاع عام (إحدى شركات قطاع الأعمال حاليا) من خلال مناقصة عامة بالاشتراك مع وزارة الصحة وتحت إشرافها وطبقا لشروطها، وتقوم الشركة بتوزيع هذه الألبان طبقا لقواعد وزارة الصحة، وأغلب الألبان يذهب الى حيث ينبغى، إلى مراكز رعاية الأمومة والطفولة، ويراقب كل العمليه «الجهاز المركزى للمحاسبات»، لأن الألبان «مدعومة .. مدعومة . إيه اللى حصل واستدعى الاستغاثة؟؟ بيقولك إيه؟ .. وزارة الصحة اللى هى «حكومه»، بدأت مؤخراً تسحب من الشركة المصرية، اللى هى حكومه برضه، استيراد بعض الأدوية، وتوزيعها، وأصبحت تسند عمليتى الاستيراد والتوزيع لمين بقى..؟ للقطاع الخاص، وآخر ما قامت بسحبه، من التى الشركة التابعة لقطاع الاعمال وأسندته الى القطاع الخاص كان أقراص «السوفالدى» المعالجة لفيروس C ثم بعدها، سحبت ووزارة الصحة استيراد وتوزيع ألبان الاطفال من الشركة المصرية وأسندته الى القطاع الخاص، لماذا؟.. هل يمكن أن يقوم القطاع الخاص بالاستيراد بأجود وأرخص من الشركة التابعة للدولة؟ هذا هو المبرر الوحيد الذى يمكن قبوله، لكن «الاستغاثة» تنفى علمها للأسباب, وتضيف أنه (تم الإعلان عن مناقصة ألبان الأطفال وتم عمل الإجراءات إلا أنه ورد إلينا خطاب من وزارة الصحة مفاده إلغاء المناقصة «بعد التشاور مع القطاع الخاص»! الاستغاثه تشير إلى انهم سمعوا ان «جهة سيادية» سوف تقوم بالاستيراد، وأن الشركة لاتمانع، لكن ما لاتفهمه الشركة، ولا نحن أن بتولى القطاع الخاص عمليه التوزيع. طبعا لاأفهم عبارة «التشاور مع القطاع الخاص» إلا أن وزاره الصحة رأت أن القطاع الخاص أكفأ وأرخص وهذا مجرد افتراض لحسن النية، لكن استغاثة الشركة المصرية التى يبدو الأمر وكان هناك من يسعى «لإغلاقها بالضبة والمفتاح» تقول انها لا نفهم السبب فى «سحب أدوية مهمة وحساسه والتى تخص أطفال مصر من شركة قطاع أعمال تابعة لوزاره الاستثمار ويعمل بها أكثر من خمسة آلاف عامل، وتذهب كل أرباحها إلى الدولة، وتذهب عملية لبن الأطفال استيرادا وتوزيعا إلى القطاع الخاص؟؟! سؤال برىء ومشروع: الشركة التى يعمل بها اكثر من خمسه آلاف عامل ومكاسبها تذهب الدوله و هى بتاعة الدولة، والمفروض انها توزع سلعا فى منتهى الحساسية (كان مفروض عقر سيفالدى وتم سحبه وإعطاؤه للقطاع الخاص، ثم لبن الأطفال المدعوم وهذا أيضاً سحبته وزاره الصحة وأعطته للقطاع الخاص. بالتأكيد لو استمر الحال الشركة سوف تغلق ولهذا يهيبون بالرئيس التدخل لبحث الأمر، وتحديد موعد لشرح الامر وبحث منظومة قطاع الدواء فى مصر لصالح المواطنين .. من نافل القول كما يقولون، أو من البديهى أن رئيس مجلس إدارة شركة وعضو مجلس إدارة منتخب هو فى نفس الوقت الأمين العام لاتحاد عمال مصر، إلى الاستغاثه برئيس الجمهوريه من تصرفات وزارة الصحة معناه، فشل المستويات من وزير الى رئيس وزارة، وهذا يبدو انه ليس جديدا وتعودنا عليه، لكن الامر متجاوز فى الأهمية إلى حد يمكن يمس الأمن القومى، ليه؟ لأنك لما تأخذ استيراد لبن الأطفال المدعوم من شركة تابعة للدولة وتعطيه لشركة قطاع خاص، اما إننا فى زمن معجزات، القطاع الخاص الذى لايعرف غير إلمكسب قرر أن يهب نسبة إلى الناس ويهبط بالسعر إلى ما جعل وزارة الصحة تسحب استيراد الأدوية شديدة الحساسية، وهذا من رابع المستحيلات أو أن إدارة الشركة المصرية فاشلة فى مهمتها فى الاستيراد والتوزيع فيتم المحاسبة، وتصلح التالف، أو وهذا الأفدح: انه هناك من يسعى عامدا متعمدا لإفشال وخنق البقية الباقية مما يملكه الشعب وتشريد العمال وبحملة مأتم بيعه، يتم بيع شركه الأدوية إلى آخر سيناريوهات «للسمسرة»!، وفى هذه الحالة لابد من المحاكمة العلنية التى لا يتم حظر النشر فيها. كل ما سبق يمكن جدا لوزير أن يكشف «لغز» و زير، أو أن يحسمه رئيس وزارة، لكن حتى الآن الناس لا تثق ولا ترى إلا رئيس الجمهورية، وخاصة حين تحس أن هناك «ملاعيب» من تلك النوعية التى كشفت عنها الاستغاثة التى انضم اليها متساءلة: لماذا «تقصر»، (مهم أوى لفظ «تقصر»)، وزارة الصحة استيراد وتوزيع الأدوية الحساسة والمدعومة على القطاع الخاص ؟ . اللهم أغثنا من ملاعيب الداخل الحكومى, أما أعداءنا، فنحن كفيلون بهم!. لمزيد من مقالات ماجدة الجندى