«فين العيدية»، «عايزين عيدية كبيرة» «مفيش حد هيأخذ العيدية بتاعتى»، هذه هى الجمل التى نسمعها من أطفالنا قرب حلول العيد، فلم يعد هناك أمام من يعطى العيدية بل أصبح الأطفال يطالبون بها محاكاة لهذا العصر وتظل العيدية من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد وهى عادة جميلة ورسالة حب وود وتدل على التكافل الاجتماعى والشعور بالآخرين وإسعادهم فينتظرها الأطفال مع أول أيام العيد من الأهل والأقارب ليتباهوا ويتفاخروا بها فيما بينهم بقدر ما حصلوا عليه من أموال. ترجع العيدية إلى العصر الفاطمى، وكانت بادئ الأمر تعطى من باب صلة الرحم والتقرب. وكانت أيضا ذات مدلول سياسى لدى الفاطميين، لأن المعز لدين الله الفاطمى عندما أتى لحكم مصر، كان يعطيها لرجال الدولة، والحاشية، وفقهاء الدين، وعامة الشعب، وتميز الفاطميون بأنهم أول من صنعوا عملة تذكارية، يتم توزيعها على الناس فى أثناء الأعياد، وكان يصل وزن هذه العملة إلى 194من ألف جرام ذهب، واسمها «الخروبة». واستمرت حتى جاء عهد العزيز بالله الفاطمى، الذى سار على نهج خلفه من الحكام الفاطميين، وعرف بمقولته الشهيرة (انى والله أحب أن أرى أثر النعمة على عبادى). وبالرغم من تباهى حكام العصر الفاطمى بإعطاء العيدية للشعب والوزراء، فإنه بمجرد مجىء العصر الأيوبى، أصبح لا يوجد أى شكل رسمى من أشكال العيدية، ولم يذكر فى كتب التاريخ الأيوبى أى مسمى لها، وفى العصر العثمانى، أخذت العيدية أشكالاً أخرى فكانت تقدم نقودًا وهدايا للأطفال، واستمر هذا التقليد إلى العصر الحديث. د.أحمد يحيى أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس يوضح أن العيدية عادة قديمة اتخذها الآباء والأجداد لتضفى على العيد الفرحة والبسمة خاصة التى نراها على شفاه الأطفال. والعيدية أحد المظاهر المهمة التى مازالت محتفظة بأصالة وجودها منذ القدم حتى الآن، حيث نجد أن الغالبية فى مجتمعنا يحرصون على صرف المبالغ المالية على الأطفال وأحيانا ينال الكبار نصيبا من تلك العيدية لتضفى الكثير من الفرحة على الجميع ولكن لم تعد (الفلوس) وحدها هى التى يتم توزيعها فقد أصبح للعيدية معان متعددة فى الوقت الحالى. ويشير د. يحيى إلى أن العيدية يجب أن تكون نقودا جديدة حتى تتماشى مع جو العيد الذى يحفل بكل ما هو جديد فهى رمز للفرحة التى قد يقاسم الكبار فيها الصغار ولابد أن تتمتع بشىء من الخصوصية، فقد تكون العمة أو الخالة أو الجدة لأحد أحفادها مكانة خاصة دون الغير وتحب أن تعبر عن تلك المحبة بقدر كبير من العيدية. وهناك من لا يعطى العيدية إلا للصغار ولكن قد يكون هناك حفيد فى العشرين يعطونه العيدية بشكل مستمر من باب التدليل والمحبة والخصوصية.وقد لا تقتصر العيدية فى يوم العيد على (النقود) فقط، بل يمكن المعايدة ببعض الهدايا وذلك للتعبير عن المحبة، فيمكن مثلا شراء زجاجة عطر والاهتمام بتغليفها بشكل جذاب وتقديمها للأم بعد أن يكتب عليها بعض الكلمات الرقيقة عن العيد وفرحته التى لا تكتمل إلا بوجود الأم فى حياتنا، ويمكن أيضا تقديم باقة من الزهور أو الحلوى المغلفة لصديقة العمر تعبيرا عن المحبة. أما الأزواج فتختلف العيدية فى منظورهم فيمكن أن تهدى الزوجة زوجها علبة مغلفة تحمل بعض الأشياء التى يهتم بها الرجال وتقدمها له بشكل لافت حتى يشعر بالفرحة، كما يمكن للزوج تقديم هدية بسيطة لكنها مختلفة ليسعد بها قلب زوجته فى العيد ويشعرها بمكانتها المهمة فى البيت.. فللعيدية تأثير السحر على كل من يعيش فرحة العيد.