انجاز تاريخى كبير فى منحنى الأزمات التى تعصف بالأمة، يبعث الأمل من جديد، ويؤكد أن الأمة العربية أمة بناء وحضارة، وليست أمة هدم وتخلف ، وقيمة هذا الإنجاز تتجلى فى تسابق ممثلى رؤساء الدول العربية والعالمية على الحضور والمشاركة. وهذه القناة إلى جانب الدعم الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة لمصر، فإنها تنطلق بسيناء وبمصر كاملة إلى مستقبل أكثر تقدماً ورخاء ، كما أن القناة ستعزز من تنافسية قناة السويس بدرجة كبيرة، عندها تستطيع استيعاب 25% من حركة الملاحة التجارية الدولية، وهذا ما يعزز الآثار الاقتصادية لمشروع قناة السويس على التجارة الدولية وعلى حركة الملاحة البحرية العالمية. لقد جاءت القناة مواكبة لما تشهده مصر الحديثة من مشاريع نهضوية ، فمشروع القناة ليس مجرد طريق للعبور فحسب، بل هى عمل متكامل للتنمية والاستثمار والتصنيع بما يكفل للمواطن المصرى حقه فى العيش الآمن والحياة الكريمة. إن مشروع القناة يمثل تحدياً ورمزاً، فهو تحد لعناصر الإرهاب والإجرام التى تحاول جهدها إعاقة التقدم والبناء فى مصر وهى رمز لوحدة الشعب المصرى وإرادته المستقلة ، إن خير ما نواجه به أعداء النجاح هو الإصرار على التقدم وتحقيق السلام. إن مصر التى أسهمت فى لقاء الحضارات عبر العصور، تؤكد اليوم انها ومن خلال هذه القناة تسهم فى اللقاء بين الحضارات، وتعزز من اهميتها الاستراتيجية، وتعمل على تحقيق الأمن والاستقرار وتنمية المنافع بين الشعوب ، فالأضواء وحدها هى التى تبدد الظلام. تعتبر القناة الجديدة واحدة من أهم المشروعات الاستراتيجية العالمية فهى ليست مشروعاً داخلياً ، فحسب بل هى مشروع عالمى يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لمصر من خلال المشروعات الاقتصادية المصاحبة، فتوفر الكثير من فرص العمل، ولأول مرة تستوعب القناة ناقلات النفط العملاقة، وسفن الحاويات الضخمة التى كانت تنطلق من رأس الرجاء الصالح وتدور حول القارة الإفريقية ، فهى تفتح الطريق مشرّعاً ما بين آسيا وأوروبا ، وبذلك تعيد الحياة إلى طريق الحرير الصينى من جديد. كما أن هذه القناة سوف ترفع من معدلات الملاحة التجارية فى البحر المتوسط، فينعكس ذلك إيجابياً على نشاط الموانئ البحرية الأوروبية، مما يشجعها على زيادة الاستثمار فى بنيتها الأساسية، حتى تتمكن من استيعاب المزيد من حركة السفن والبضائع ، كما ينعكس ذلك على موانئ البحر الأحمر، وبشكل خاص الموانئ السعودية بجدة وينبع ورابغ وجازان فينتعش الاقتصاد فيها وتزدهر التجارة ، بالإضافة إلى الموانئ اليمنية والموانئ المصرية وموانئ القرن الإفريقي. لقد بدأت الدول الأوروبية بإعداد الدراسات التى تبين الآثار الإيجابية للقناة عليها، والاستعداد للاستفادة من الحركة الملاحية فيها ودور شركات التأمين والبنوك التجارية والائتمانية، والبحث فى الفرص الاستثمارية المتاحة فى مشروع التنمية بقناة السويس، كما بدأت الوفود الاقتصادية الأوروبية بزيارة مصر للبحث فى الفرص الاستثمارية المتاحة فى مشروع التنمية لمنطقة القناة. كل ذلك سوف يعزز من فكرة تحويل سيناء إلى سوق حرة عالمية، كما سينعش مشروع الجسر الذى يربط بين المملكة العربية السعودية ومصر عبر سيناء. إن مشروع القناة هو من أهم المشاريع الاستراتيجية التى تؤثر فى الاقتصاد العالمى ويعيد إلى منطقة الشرق الأوسط أهميتها التاريخية.
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية (جدة) لمزيد من مقالات أنور عشقى