انخفاض أسعار الذهب في مصر: تراجع جديد يعيد تشكيل السوق    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لدى مصر    وكيل تعليم مطروح: تفعيل استخدام المعامل وانضباط العملية التعليمية بالمدارس    التعليم: تشكيل لجنة لإعادة النظر في الإجازات غير الوجوبية والإعارات    مدرجات مجهزة ولوحات إرشادية.. جامعة الإسكندرية تنهي استعداداتها لبدء الدراسة- صور    تمكين المرأة والشباب.. فرص عمل ودعم المشروعات الصغيرة بمبادرة حياة كريمة    وزير الخارجية: لا بد من وجود آليات لمعالجة أزمة المديونية للدول متوسطة الدخل    «معلومات الوزراء»: توسع صناعة التكنولوجيا المالية خلال 10 سنوات حافز قوي لنمو الاقتصاد    تداول أكثر من 2500 حاوية في ميناء الإسكندرية خلال 24 ساعة    الجيش الإسرائيلي: أضرار في المباني جراء عبور 55 صاروخا من لبنان    شيرين عبد الوهاب عن لبنان: أنا قلبي حزين على أكتر بلد علمتني الفرحة والصمود    وزير العمل: الدولة تسعى لصناعة قوى عاملة مؤهلة ومدربة وعالية الإنتاجية    زيزو: الزمالك يتطلع لحصد لقب السوبر الأفريقي..والتركيز سلاحنا للفوز    أحمد فتوح يخوض تدريبات فردية فى الزمالك    حقيقة قائمة الأهلي المسربة لمباراة السوبر الأفريقي أمام الزمالك    سقوط 14 لصًا لارتكاب جرائم سرقات متنوعة فى القاهرة (صور)    الأرصاد: مرتفع جوي يضرب البلاد بداية من الأسبوع المقبل    محافظ أسوان يطمئن الأهالى: صرف مصنع كيما يعالج صناعيا بطرق جيدة    بالصور.. حريق هائل يلتهم ديكور فيلم إلهام شاهين بمدينة الإنتاج الإعلامي    الجريدة الرسمية تنشر قرار وزير الداخلية برد الجنسية المصرية ل 12 مواطنا    محافظ المنيا: ضبط 125 مخالفة خلال حملات تفتيشية تموينية على المخابز والأسواق    ضبط لصوص المساكن والمشغولات الذهبية فى حملات أمنية    الأوبرا تحتفل بذكرى بليغ حمدى الخميس المقبل    رئيس جامعة القاهرة يستقبل 3 عمداء كليات الصينية لبحث سبل التعاون    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز قيادة للقوات «الجوية» و«الدفاع الجوي»    الكشف على 688 مواطنا خلال قافلة جامعة القناة فى فايد بالإسماعيلية    اعرفى الفطار المناسب لطفلك قبل ذهابه إلى المدرسة    «معلومات الوزراء»: تردد أكثر من 28 مليون مواطن على عيادات التأمين الصحي في 2023    طريقة عمل البصارة، أكلة شعبية لذيذة واقتصادية ومغذية    موتسيبي: التمويل سبب أزمة الكرة الإفريقية    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    قوات الاحتلال تعتقل 25 فلسطينيا من الضفة    وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي    «فرص لوظائف عالمية».. وزير التعليم العالي يهنئ «النيل للهندسة بالمنصورة» لاعتماده من «ABET» الأمريكية    انخفاض المؤشر الرئيسي للبورصة ببداية تعاملات اليوم الثلاثاء    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    أحمد سعد يتحدث عن عودته لمصممة الأزياء علياء بسيوني    الخطوط القطرية تعلق رحلاتها من وإلى بيروت حتى يوم غد    نجم الأهلي السابق يكشف توقعاته لمباراة القمة في السوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    العراق والولايات المتحدة يبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين على الطريق الزراعى الشرقى بسوهاج    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    أبو الغيط يوقع مذكرة تفاهم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الرقمى بنيويورك    وكيل ميكالي: الأرقام المنتشرة عن رواتب جهازه الفني غير صحيحة    مدين ل عمرو مصطفى: «مكالمتك ليا تثبت إنك كبير»    نجيب ساويرس: ترامب وكامالا هاريس ليسا الأفضل للمنطقة العربية    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    «الباجوري» بعد تصوير «البحث عن علا 2» في فرنسا: لم أخشَ المقارنة مع «Emily in Paris»    غدا.. افتتاح معرض نقابة الصحفيين للكتاب    قنصل السعودية بالإسكندرية: تعاون وثيق مع مصر في 3 مجالات- صور    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    مروان حمدي يكشف كيف ساعده الراحل إيهاب جلال في دراسته    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(كامب ديفيد الثانية )
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 08 - 2015

تشهد المنطقة العربية والشرق الأوسط معها دراما إعادة ترتيب التوازنات الاستراتيجية في المنطقة والعالم وتدفع الثمن غالياً .. فأين يكمن موقع الصراع العربي الصهيوني في هذا المشهد وما هي ترجيحاته واحتمالاته القادمة ؟
كانت كامب ديفيد الأولي (والتي شملت اتفاقيات مصر أوسلو وادى عربة) هى نتاج لمعطيات مرحلة حرجة.
فبعد انتصار اكتوبر سنة 1973 واجهت النتائج العسكرية المبهرة (قواعد اللعبة السياسية وتوازناتها) وسط مقدمات فرض العولمة السياسية والاقتصادية ، وانهيار الاتحاد السوفيتي والكمون الروسي، وبدء مرحلة انفراد القطب الواحد وعسكرة العالم وفق المشروع الكوني للولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في أوروبا الموحدة ، وقبلت مصر (تحت شعار صريح من الرئيس السادات بأن 99 % من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الامريكية ) وبضغط السياسة أن تعود سيناء منزوعة السلاح ، مقيده السيادة في المنطقة ج ، ب وأن يفرض عليها (التطبيع) رسمياً والذي ووجه (بمقاومة شعبية) ، ثم تبعتها أتفاقيات أوسلو ، ووادي عربة بمعطيات مشابهة .
ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي بدأت مرحلة التفكيك الداخلي لعناصر القوة العربية بعزلة مصر عن دورها الجغرافي والتاريخي في القيادة ، واستنزافها ببرسترويكا إقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية كان أخطرها صفقه التعايش مع تنظيم الاخوان وتقدمه سياسياً وتمكينه من إقامة دولته الموازية للدولة الوطنية ثم استنزاف الموارد والطاقات العربية في حرب الخليج الأولي والثانية ، والتي انتهت باحتلال العراق وتفكيكه وتحلل جيشه .
،وبدأ مخطط التقسيم الطائفي والديني والعرقي وإعادة تشكيل دول المنطقة علي أساس ذلك خاصة بعد الاعتماد الاستراتيجي علي التنظيم الدولي للاخوان المسلمين واحتضانه في أوروبا والولايات المتحدة ، والتخطيط لوصوله إلي السلطة في تركيا ثم في السودان (الذي انقسم لدولتين علي يديه)، وتقوية حماس وتمكينها من قطاع غزة لإحداث الانشقاق داخل البنية الفلسطينية وتقسيم السلطة بين الضفة وغزة ثم خلخلة قدرات الذراع الأيسر للأمة العربية في الجزائر بحرب استنزاف طويلة المدي ، وتهديد تونس والمغرب بتحولات مفاجئة ، ثم بنشر خلايا التنظيم وتقويتها في ليبيا ودول الخليج والسعودية واليمن تمهيداً للوصول للسلطة والتي بدت سانحة عبر (ثورات الربيع العربي) وتداعياتها .
- وكان وصول التنظيم للسلطة في مصر (هو الفرصة الكبيرة) لتحقيق الانتصارالاستراتيجي للمشروع الصهيو أمريكي (والذي لن يبقي وحده موصوما بالطائفية الدينية وسط محيطه)،واعلان تهويد الدولة العبرية التي لم يتردد قادتها وقادة الولايات المتحدة عن وصفها (بالدولة اليهودية)! والاستعداد لتحقيق (الخروج الثالث والنهائي ) للعنصر العربي منها (مسلمين ومسيحيين) إلي الوطن البديل في سيناء المصرية التي تمت زراعتها بارهابى (الجيل الرابع من الصهاينة الجدد)،وتحت راية الاسلام المزيفة مدعومين بالسلاح والتدريب والمعلومات من أجهزة مخابرات اسرائيل وشركاء الأطلنطي وتركيا وقطر وإيران ، وكاد السيناريو الأسوأ يتحقق لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً ، لولا أن الشعب المصري العظيم مدعوماً بجيشه الباسل وأجهزة أمنه القومي الوطنية أفسد المخطط وأفشله في اللحظات الحاسمة بثورته في 30 يونيو 2013 ، وإزاحة تنظيم الإخوان من السلطة واسترداد الدولة الوطنية لدورها ، مما وضع عقبة أمام استكمال المشروع الصهيو أمريكي وأربك كل ما كان مخططاً له (وباعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون في مذكراتها) ، وقادة جهاز الاستخبارات الأمريكية والمراكز البحثية التي لم تضع حركة الشعب المصريفي حسبانها ..
- وإذا كانت الادارة الأمريكية قد أعادت بسرعة ترتيب الأوراق فلم يكن بعيداً عن ذلك الوصول إلي الاتفاق النووي السريع مع ايران لضمان (حوار وتوظيف استراتيجي معها) بديلاً للدور التركي الذي تعرض لمعاناة إثر سقوط تنظيم الاخوان والذي يحكم تركيا بأحد فروعه ، ووصل استبدال الدور لمهانة التراجع الاستراتيجي لدي الولايات المتحدة التي باتت تأمر تركيا الان للانتقال من النقيض للنقيض وتجلت في الأيام الأخيرة في موقفها من الحشد العسكري علي الحدود السورية المشتركة ومواجهة داعش بعد دعمها المباشر لها !! وهو موقف أشبه (بالراقص علي السلالم )علي حد تعبير الموروث الشعبي المصري.
وبرغم حرب الاستنزاف التي تواجهها مصر والأمة العربية في كل الساحات إلا أن معدلات القوي وتوازناتها علي الأرض تشهد معطيات إيجابية يمكن رصدها فيما يلي :
امتصاص الآثار السلبية لكامب ديفيد الأولي في تحجيم القدرة المصرية باسترداد مصر سيادتها علي سيناء وتحرك الجيش المصري بكامل قدراته القتالية إلي نقطة الحدود الفاصلة بين مصر والكيان الصهيوني وهو حق قانوني دولي وفق معطيات حماية أمنها القومي (برغم وجود المعاهدة) ولا يملك أي طرف الاعتراض عليه أو مراجعتها في ذلك، خاصة بعد زراعة هذه التنظيمات الأرهابية في أراضيها وتحويل سيناء لمخزن أسلحة لصالح هذه التنظيمات التي تقوم بالحرب بالوكالة كإحدي آليات الجيل الرابع من الحروب.
ولم يكن تصريح الرئيس السيسي في خطابه في يناير 2015 في عيد الشرطة إلا توصيفاً دقيقاً لطبيعة المعركة الدائرة في سيناء بقوله:( إن المواجهة في سيناء عنوانها استرداد السيادة الوطنية المصرية عليها )..
وإذا أضفنا لذلك خروج مصر (بمعطيات الأمن القومي) ، من خطوط الحظر التي فرضت عليها بالملاحق العسكرية المصاحبة للاتفاقية والتي فرضت تحجيم عدد وقدرات الجيش المصري وقيدت تنويع مصادر السلاح ، والتخفف من التجنيد الاجباري الذي أدي لعدم إلحاق أجيال شابة بمدرسة الوطنية ، مما سهل إضعاف حسهم الوطني وعلاقتهم بالجيش وسهولة اختراقهم.
فإن ذلك يمثل تجاوزاً نهائياً لأخطر سلبيات كامب ديفيد الأولي علي الساحة المصرية وما إعلان القيادة السياسية في حفل تخريج دفعة كلية الدفاع الجوي عن تجنيد وإلحاق مليون شاب مصري سنوياً في الجيش والشرطة (إلا رسالة لمن يهمه الأمر)..
بالرغم من أن مصر تتحمل النصيب الأكبر في حسم الملفات العربية الحرجة سواء في ليبيا أو اليمن أو سوريا أو العراق ، فإن الشراكة في المسئولية المصيرية في( حرب وجود) جعل الموقف السعودي والخليجي والأردني يتجاوز مراحل تاريخية من العداء للدور المصري والسعي في بعضها إلي إرهاقه وتحجيمه للاعتراف بعدم إمكانية تجاوز دور مصر وجيشها وضرورة تقويته وإلا ضاع الجميع فالخطر تحت جلود الكل ..
يبدو المشهد أيضاً أكثر وضوحاً بعد المعركة الفاصلة التي خاضها الجيش المصري في مواجهة مخطط فرض متغير علي الأرض باغتيال النائب العام المصري ، وإفشاله محاولة اجتياح الحدود ورفع علم تنظيم الصهاينة الجدد(داعش) ولو علي شبر من الأرض المصرية ، مدعوماً بالترويج الاعلامي والسياسي من العملاء والطابور الخامس الأمريكي في مصر .
وقد حملت هذه المعركة الحاسمة رسالة صارمة للاعبين في الاقليم بأن مصر لن تسمح بذلك مهما كانت التضحيات ..وهو ما قد يؤدي للإسراع بترتيبات للقوي وتوازنها قبل أن يضطر شركاء الأطلنطي لمغادرة الشرق الأوسط للشرق الأدني لمواجهة الخطر الأكبر الصيني .
- في ظل هذه المعطيات تلوح في الأفق معالم كامب ديفيد الثانية التي قد تحقق فرص إقامة الدولة الفلسطينية التي لم تحققها كامب ديفيد الأولي وتلوح بعض الإرهاصات المهمة في هذا السياق ،فبرغم الارهاب المادي والمعنوي للوبي الصهيوني لعرقلة الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية فقد قامت بعض دول أوروبا بالاعتراف ، ويبدو الضغط الذي يمارس علي السعودية للتعامل المباشر مع الدولة العبرية أو عبر وسيط محاولة لضمان أحد المكاسب الكبري ، وقد أعلنت المملكة أن ذلك مرهون بالعودة للمبادرة العربية ..
- وفي علم السياسة أنها فن (اقتناص الفرص وتحقيق الممكن ) وفي عالم يعاني السيولة وإعادة تشكيل مراكز القوي ومناطق النفوذ قد تبدو ( قوة الضعف ) في المشهد العربي ومخاطره ضمن معطيات ترتيب أوضاع الاقليم وفق مرتكزات إيران مصر اسرائيل وربما تحمل مفتاح (إقامة الدولة الفلسطينية ) ضمن هذه المعطيات مما سيؤدي إلي حصار الكيان الصهيوني داخل (قفص حدودي) للمرة الأولي منذ إنشائه .. خاصة أن اللاعبين الدوليين لا يحتملون استمرار استغراقهم في المشهد الشرق أوسطي دون حسم أو تسكين فالمصالح متشابكة ، والعالم به مهام أخري ترتبط بتلك المصالح ..
- ولكل من يهمه أمر هذا الصراع الوجودي مع هذا الكيان المشوه: (إما أن تتحول إسرائيل لدولة طبيعية يحيا فيها البشر دون اصطفاء ديني أو عرقي ودون عدوانية بناء علي نبوءات توراتية، لتصبح قابلة للحياة في محيطها الجغرافي وإلا فهي إلي زوال )..
ويوماً ما .. تقابلت مع الشهيد أبو جهاد (خليل الوزير) أحد أنبل المناضلين الفلسطينيين وأكثرهم صلابة وكنت أحاوره غاضبة من حجم التنازلات التي قدمت في مسيرة كامب ديفيد الأولي قال لي متأملاً وعيناه تبحران إلي اللانهائية علي شاطئ تونس: (دعيهم يفعلون ما يمكنهم الآن) فنحن وراءهم والزمن طويل.
لمزيد من مقالات تهانى الجبالى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.